غزاوية لا تستطيع زيارة والدها المريض رغم أن المسافة بينهما أقل من كيلومترين

TT

ما ان امسكت بسماعة التليفون حتى اجهشت بالبكاء وبعد مرور وقت قالت «عذرا والدي، حتى في العيد لن استطيع ان اصل اليك». هذه الفلسطينية واسمها عدلة التي تقطن في الضاحية الشرقية من مدينة دير البلح تخاطب والدها الذي لا تستطيع ان تزوره وهو مريض رغم انه يسكن قرية القرارة الواقعة الى الشمال من مدينة خان يونس.

وما يزيد حزن ولوعة عدلة هو ان بيت ابيها الذي تجاوز الخامسة والسبعين من العمر ويعاني من مرض عضال، لا يبعد عنها سوى كيلومتر ونصف الكيلومتر فقط. لكن قرب بيت الوالد يوجد حاجز كيسوفيم العسكري الاسرائيلي الذي يطلق عليه الفلسطينيون حاجز الموت، ولا يسمح جنود الاحتلال لاي سيارة فلسطينية حتى بالاقتراب من المكان على الاطلاق ناهيك من المرور فيه. ولا يتردد جنود الاحتلال في اطلاق النار على كل شخص يقترب من المكان بدعوى انه يهدد امن الموقع.

صحيح ان هناك طرقا التفافية عبر بساتين البرتقال، يمكن ان تصل عدلة عبرها الى منزل والدها وهو ما تفعله بعض شقيقاتها، لكن عدلة لا تستطيع ان تفعل ما تفعله شقيقاتها فهي حامل في شهرها التاسع منتظرة مولودها الاول رغم مرور 6 ست سنوات على زواجها ولا تريد المخاطرة بما قد يضر جنينها. وما تعاني منه عدلة يعاني منه معظم الفلسطينيين تقريبا في قطاع غزة والضفة الغربية. فحواجز الاحتلال العسكرية التي تقطع جميع طرق الضفة الغربية والقطاع تعقد الحركة بشكل كبير في الاراضي الفلسطينية واحيانا تجعلها مستحيلة تماما، لا سيما بعد الاوامر التي اصدرتها هيئة اركان الجيش الاسرائيلي وحثت جنود الاحتلال على الحواجز العسكرية على اطلاق النار على المشاة الفلسطينيين اذا اثاروا مخاوفهم.

والتهنئة بالعيد التي كانت تتم بالتزاور بين الاقارب والاصدقاء اصبحت تتم في غالب الاحيان عبر الهاتف، فالكثير من العائلات تبادر الى حث ابنائها المقيمين في مدن اخرى الى عدم المخاطرة بزيارة العائلة والاكتفاء بالتهنئة عبر الهاتف. ليس هذا كل ما يراه المرء من اثر للاجراءات الاسرائيلية القمعية في الاراضي الفلسطينية. فاغلاق الضفة والقطاع ومنع العمال من الوصول الى اماكن اعمالهم ادى الى كساد سوق الاغنام. فنسبة كبيرة من الفلسطينيين الذين كانوا يذبحون اضاحي في العيد اضطرت هذا العام الى غض الطرف لسوء الاوضاع الاقتصادية.

من جهة ثانية تخطط الجمعيات الخيرية ولجان الزكاة العاملة في الضفة والقطاع غزة لايصال اللحم الى البيوت الفلسطينية المحتاجة بقدر ما تسمح به امكانياتها. واصحاب محلات الدجاج الذين ادركوا آثار الوضع الاقتصادي على شراء الاغنام، استعدوا لعرض اكبر عدد من الدجاج ايام العيد، على اعتبار ان الكثيرين من الناس سيضطرون الى الاستعاضة بالدجاج عن الاغنام نظرا للظروف المادية الخانقة.