موفد اليونيسكو يعود خالي الوفاض من أفغانستان بعد رفض طالبان التراجع عن قرارها بتدمير التماثيل

TT

كابل ـ روما ـ باريس ـ وكالات الأنباء: سيعود موفد مدير عام منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) خائباً من أفغانستان بعد رفض مسؤولي حركة طالبان الحاكمة التراجع عن قرارها بتدمير تماثيل بوذا العملاقة في مدينة باميان الأفغانية الأثرية. واعلن وزير خارجية طالبان وكيل احمد متوكل في تصريح نقلته وكالة الانباء الافغانية «لا ارى اي امكان للعودة عن قرارنا ووقف عملية تدمير هذه التماثيل» التي نحتت في الصخر قبل اكثر من 1500 عام. وادلى وزير طالبان بهذا التصريح اثر محادثات اجراها مع مندوب اليونيسكو بيار لافرانس في قندهار، مقر طالبان جنوب افغانستان. وقد اوفد مدير عام منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو) كويشيرو ماتسورا، السفير الفرنسي السابق بيار لافرانس لمحاولة ثني طالبان عن قرارها. وكان لافرانس قد اعتبر أول من أمس في ختام لقاء مع سفير طالبان في اسلام اباد عبد السلام ضعيف ان «بصيص امل ضئيلا» ما يزال موجودا لانقاذ التماثيل من التدمير.

وينبع هذا الأمل الضئيل في ما يبدو من التصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين في طالبان وقالوا فيها إنهم لم يبدأوا بعد بتدمير تمثالي بوذا. ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في الحركة قوله «لم نبدأ تدميرهما بعد لكننا اعددنا أنفسنا لذلك وهو ما قد يحدث في اي وقت». وكان وزير الاعلام والثقافة في حركة طالبان قدرة الله جمال قد ذكر أمس أن طالبان «لن تستجيب لاي مناشدة ولن تعدل عن قرارها». وقال جمال ان العديد من التماثيل المصنوعة من الخشب والطين دمرت في المواقع الاثرية في هرات وغزنة وكابل وجلال آباد وننجرهار منذ يوم الخميس. واضاف «كان تدميرها سهلا ولم يأخذ وقتا». ثم تابع «لا نعتزم ترك اي تمثال. العمل جار الآن لتدمير التماثيل في باميان ولا نعلم حجم العمل الذي تم انجازه حتى الآن». وقد تعذر على الصحافيين الوصول إلى باميان للتحقق من حالة التماثيل الآن بسبب حظر الحركة الحاكمة دخول المراقبين إلى المنطقة.

وكان الملا محمد عمر، القائد الاعلى للميليشيا الاصولية الحاكمة في كابل، قد أصدر يوم الاثنين الماضي مرسوما يقضي بتدمير كل التماثيل في افغانستان والتي تعود الى حقبة ما قبل الاسلام، وقال انها «مخالفة للاسلام»، وان «الاسلام أمر بازالتها».

من جانبها، اعلنت مجموعة الثماني أمس عن «صدمتها واستنكارها» للخطر المحيق بمصير التماثيل البوذية في باميان التي تهدد حركة طالبان الحاكمة بتدميرها، ودعتها الى عدم تنفيذ هذا «القرار المأساوي جدا».

وفي الصين، دعت الجمعية البوذية الصينية الحكومية حركة طالبان لوقف تدمير التمثالين العملاقين لبوذا بشكل فوري. ونقلت وكالة انباء «شينخوا» الصينية عن مسؤول بوذي قوله الليلة قبل الماضية «نحث طالبان على ان توقف عملية التدمير تلك بشكل فوري». وأضاف أن «الدوائر البوذية الصينية تشعر بقلق بشأن هذا القرار الذي يسيء بشكل عميق لمشاعر البوذيين».

وانضم إلى قائمة المستنكرين لقرار طالبان علماء دين مسلمون بارزون في الهند ونددوا بتدمير تماثيل بوذا واصفين الامر بانه يتنافى مع روح الاسلام. وصرح مولانا غالب صادق نائب رئيس هيئة قانون الاحوال الشخصية بان قرار طالبان تدمير اماكن العبادة المتعلقة بالديانات الاخرى لا علاقة له بالاسلام. واضاف ان هذه الخطوة تكشف افتقار الحكومة الافغانية الى المعرفة الجيدة بامور الدين الاسلامي، داعيا جميع الدول الاسلامية الى الوقوف صفا واحدا ضد هذا التوجه ومعارضته لمنافاته لروح التسامح الديني وبعده عن الدين».

. كما ادان سجاد نوماني العضو بالهيئة ايضا القرار، مشيرا الى انه «نتاج عمل حفنة من الذين لا يكترثون بالاسلام او التداعيات الدولية الناجمة عن تصرفاتهم».

وكانت طالبان قد ذكرت يوم الجمعة الماضي أن قذائف المورتر والمدافع استخدمت لتدمير تماثيل بوذا في باميان. وأوضحت وكالة الانباء الاسلامية الافغانية أن العمل مركز الآن على تجميع المتفجرات لانهاء المهمة. وفي هذا الصدد قال مسؤول من طالبان رفض الكشف عن اسمه «انهم يستخدمون أي سلاح لديهم لتحطيم تماثيل بوذا»، مشيرا إلى أن «متفجرات مثل البارود وضعت تحت التمثالين لكي يكون العمل اكثر فعالية». ويبلغ ارتفاع التمثالين 53 مترا و5،36 متر وهما منحوتان في تلة بباميان، ويعتبران أول امثلة معروفة لتماثيل بوذا الضخمة المنتشرة في شتى انحاء آسيا. ويبدو أن خطأ ما قد حال دون إدراج هذين التمثالين ضمن قائمة اليونيسكو للاماكن التي تتطلب حماية خاصة.