آثار باميان.. كما وصفها المؤرخون والجغرافيون الإسلاميون

TT

بعد قرون من الصمت الذي ما كانت تشق سكونه الا اصداء القذائف البعيدة او ابواق الشاحنات العابرة، تحولت الآثار البوذية في باميان بجبال وسط افغانسان الى قبلة انظار العالم.

تحولت الى كرة سياسية بالرغم منها تتصاعد النداءات من هنا وهناك لانقاذها من حكم التدمير الذي اصدرته بحقها حركة طالبان المسيطرة على معظم تراب افغانستان.

ما هي باميان؟

ما هي هذه الاثار التي هز تهديدها عواصم العالم؟ وكيف ورد الكلام عنها في الآثار التراثية الاسلامية؟

في ما يلي لمحة قصيرة عن بعض ما ورد في كتب التراث العربي الاسلامي عن هذه المنطقة وآثارها. وهنا لا بد من اشارة توضيحية الى ان الاصول العرقية لشعب الهزارة، وهم ابناء المنطقة الواقعة بوسط افغانستان ووسطها الشمالي، اصول مغولية لا هندية ـ اوروبية كحال جيرانهم من الباشتون الافغان (الباتان) والتاجيك والبلوش الراخشنانيين (الرخج) وتظهر سحناتهم حقيقة هذه الاصول بوضوح حتى اليوم.

ياقوت في «معجم البلدان» لياقوت الحموي ورد ما يلي:

باميان: بكسر الميم وياء والف ونون. بلدة وكورة في الجبال بين بلخ وهراة وغزنة. بها قلعة حصينة والقصبة صغيرة والمملكة واسعة بينها وبين بلخ عشر مراحل الى غزنة ثماني مراحل وبها بيت ذاهب في الهواء باساطين مرفوعة فيه كل طير خلقه الله تعالى على وجه الارض ينتابه الذعار وفيه صنمان عظيمان نقرا في الجبل من اسفله الى اعلاه يسمى الاول سرخبد والآخر خِنكبدّ وقيل ليس لهما في الدنيا نظير. خرج من هذه المدينة جماعة من اهل العلم منهم ابو محمد احيد (احمد؟) بن الحسين بن علي بن سليمان السلمي البامياني يروي عن مكي بن ابراهيم وابو بكر بن محمد بن علي بن احمد البامياني، محدث مكثر روى عن ابي بكر الخطيب وغيره، مات سنة 390 في سلخ رجب».

اليعقوبي وورد في كتاب «البلدان» لليعقوبي «ثم مدينة الباميان وهي مدينة على جبل وكان بها رجل دهقان يسمى اسدا وهو بالفارسية «الشير» فأسلم على يد مزاحم بن بسطام في ايام المنصور، وزوّج مزاحم بن بسطام ابنته بابن محمد بن مزاحم ويكنى اباحرب، فلما قدم الفضل بن يحيى خراسان وجه بابن له يقال له الحسن الى غوروند فافتتحها مع جماعة من القواد فملّكه على الباميان وسماه باسم جده شير باميان، وهي من مدن طخارستان الاولى.

وتخرج من جبل الباميان عيون ماء فيمر منها واد الى القندهار مسافة شهر ويمر نهر من شعب آخر الى سجستان مسافة شهر ويمر نهر آخر الى مرو مسيرة ثلاثين يوما ويخرج نهر آخر الى بلخ مسيرة اثني عشر يوما ونهر آخر الى خوارزم مسير اربعين يوما. كل هذه الانهار تخرج من جبل الباميان لارتفاعه وفيه معادن ونحاس ورصاص وزئبق...».

القزويني وفي «آثار البلاد واخبار العباد» للقزويني ورد تحت اسم باميان القول: ناحية بين خراسان وارض الغور ذات مدن وقرى وجبال وانهار كثيرة من بلاد غزنة. بها بيت ذاهب في الهواء واساطين نقش عليها صور الطير وفيه صنمان عظيمان من الحجر يسمى احدهما سرج بت والاخر خنك بت وما عرف خاصية البيت ولا خاصية الصنم.

قال في «تحفة الضرائب»: بأرض باميان عين ينبع منها ماء كثير ولها صوت وغلبة ويشم من ذلك الماء رائحة الكبريت، من اغتسل به يزول جربه واذا رفع من ذلك الماء شيء في ظرف وشد رأسه شدا وثيقا وترك يوما يبقى الماء في الظرف خاثرا مثل الخمير واذا عرضت عليه شعلة النار يشتعل. ينسب اليها الحكيم افضل البامياني. كان حكيما فاضلا عارفا انواع الحكمة...».

المسعودي وورد في «مروج الذهب ومعادن الجوهر» للمسعودي قوله: عن هدايا عمرو بن الليث الصفار الى الخليفة المعتضد:

وفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين وردت هدايا من قبل عمرو بن الليث الصفار: منها مائة دابة من مهاري خراسان وجمازات كثيرة وصناديق كثيرة واربعة الاف درهم. وكان معها صنم من صُفر على مثال امرأة لها اربعة ايد وعليها وشاحان من فضة مرصعان بالجوهر الاحمر والابيض، وبين يحيى هذا التمثال اصنام صغار لها ايد ووجوه وعليها الحلي والجوهر، وكان هذا التمثال على عَجَل قد عُمل على مقدارها تجره الجمازات، فصير بذلك اجمع الى دار المعتضد، ثم رد هذا التمثال الى مجلس الشرطة في الجانب الشرقي، فنصب للنساء ثلاثة ايام ثم رد الى دار المعتضد، وذلك في يوم الخميس لاربع خلون من شهر ربيع الاخر من هذه السنة، فسمت العامة هذا التمثال شغلا، لاشتغالهم عن اعمالهم بالنظر اليه عدة هذه الايام.

وقد كان عمرو بن الليث قد حمل هذا الصنم من مدن افتتحها من بلاد الهند ومن جبالها مما يلي بلاد بسط ومعبر وبلاد الحوار، وهي ثغور في هذا الوقت ـ وهي سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة ـ مما يليها من الاكافر والامم ـ المختلفة حضر وبدو، فمن الحضر بلاد كابل وبلاد باميان! وهي بلاد متصلة ببلاد زابلستان والرخج، وقد قدمنا فيما سلف من هذا الكتاب في اخبار الامم الماضية والملوك الغابرة ان زابلستان تُعرف ببلاد فيروز بن كبك ـ ملك زابلستان...».