سرقة الآثار .. كارثة أخرى تعاني منها أفغانستان

TT

باريس ـ أ.ف.ب: تعاني افغانستان بالاضافة الى عمليات التدمير التي باشرتها حركة طالبان لتماثيل بوذا من كارثة اخرى على صعيد التراث تتثمل باعمال سرقة متواصلة منذ حوالي 12 سنة لاثريات لا تقدر بقيمة، رغم انها اخف وطأة مما يحصل حاليا.

وقدم عالم الاثار في المهعد الوطني الفرنسي للابحاث العلمية اوزموند بوبياراشي في مقر منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «يونيسكو» يوم الجمعة الماضي صورة قاتمة عن سرقة متحف كابل ومواقع اثرية بسبب الحرب الاهلية المتواصلة في هذا البلد.

ونقلت غنائم السرقة من تماثيل يونانية وبوذية وقطع من العملات النادرة التي تعود الى عصر خلفاء الاسكندر الكبير ومجوهرات ومصنوعات من العاج الى بيشاور في باكستان المجاورة قبل نقلها الى اوروبا واليابان او الولايات المتحدة لتنتهي لدى هواة اقتناء الاثار الذين لا يبدون اهتماما بمصدرها.

وقال عالم الاثار «لقد تضاعفت، ومنذ اعوام عدة، اعداد القطع التي عثر عليها بشكل عرضي وعمليات التنقيب السرية نتيجة النزاعات المعروفة. ومنحت الحرب الاهلية المستمرة في افغانستان بين الفصائل المتناحرة حرية الحركة لعمليات نهب انتظامية للمواقع الاثرية». واضاف ان «فجوات التنقيب واضحة في هذه المواقع مثل اي خانوم وبكتريس (شمال) وباغرام (شمال كابل) وهدا (شرق). لقد تعرض المعبد والنصب البوذي تيبيه شوتور الواقع في هدا قرب جلال اباد والذي ينقب فيه علماء اثار افغان الى النهب بشكل دائم». وتابع يقول «وهكذا، اختفى اكبر مستودع معروف للنقود في تاريخ العملات التي تعود الى حقب الممالك اليونانية في اسيا الوسطى. وكان عثر على هذا الموقع بين عامي 1992 و1995 في مير زكا الافغانية التي لا تبعد كثيرا عن الحدود مع باكستان».

وأكد ان «الباحثين عن الاثار من القبائل الافغانية وضعوا ايديهم على هذه الوديعة المهمة بعد ان كلفهم ذلك دماء العديد منهم بسبب الخلافات التي نشبت بينهم. ودلت التحقيقات التي اجريتها على ان المستودع كان يحوي اكثر من اربعة اطنان من المعادن المسكوكة، اي ما يوازي 550 الف قطعة نقدية غالبيتها من الفضة والبرونز بالاضافة الى 350 كلغ من الاعمال المصنوعة من الذهب الخالص». وأكد عالم الاثار انه تمكن خلال زيارة قام بها في فبراير (شباط) 1994 الى سوق بيشاور من معاينة «ستة اكياس تزن اكثر من 300 كلغ من المعادن اي 38 الف قطعة نقدية مصدرها كنز مير زكا». وقال ان «ثلاثة اطنان من النقود التي عثر عليها في مير زكا نقلت بشكل سري من افغانستان الى باكستان ومن ثم الى لندن على متن طائرة خاصة. وقد نقل هذا الكنز من لندن بواسطة شاحنة الى مدينة بال السويسرية حيث ما يزال موجودا، حسبما اعلم». وقد تعرض اول مستودع للنقود في مير زكا والذي كان معروضا في متحف كابل للسرقة اثناء قصف المتحف في ربيع العام 1993.

من جهتهما، خصص الصحافيان ايمانويل دو رو ورولان بيار بارينيو، من صحيفة «لوموند» الفرنسية، فصلا كاملا في كتابهما الصادر عن دار «فايار» العام 1999 بعنوان «سلب الفن» لوصف «سرقة متحف كابول» الذي اختفت 80 في المئة من مجموعاته الاثرية. وقال الكاتبان «لقد اختفت الكنوز المهمة من المتحف بينها 1800 قطعة فنية من منطقة باغرام وضمنها مجموعة من العاج المنحوت تعود الى القرن الثاني ميلادي. وسرقت مئات القطع البرونزية والتماثيل اليوناية والبوذية واخرى يونانية ـ رومانية مصنوعة من المرمر، فضلا عن مجموعات النقود المسكوكة من الذهب والفضة المستخرجة من تيبي مارنجان وقندوز ومير زكا. لقد اختفت أيضا 20 الف قطعة اثرية من المجوعات وكنوز استخرجت من تيليا تيبي» (الحدود مع الاتحاد السوفياتي السابق).

ومع عمليات السرقة هذه وتأكيد طالبان قرارها بتدمير جميع التماثيل، فان القضاء سيشمل على ما يبدو الذاكرة التاريخية لشعب بأكمله.