«هآرتس»: مسؤولو الإدارة الأميركية الجديدة لا يحبون عرفات

الاتجاه إلى صيغة تبني إجراءات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بدون توقيع اتفاقات ثمنها السياسي باهظ

TT

كانت جولة وزير الخارجية الاميركي كولن باول في عدد من عواصم الشرق الاوسط الشهر الماضي مجرد خطوة نحو رسم الادارة الجديدة سياساتها تجاه المنطقة. وأنصت باول لزعماء المنطقة بحثا عن اساليب جديدة لعزل الرئيس العراقي صدام حسين، وتخفيف حدة توترات المواجهات بين الاسرائيليين والفلسطينيين قبل انفجار المنطقة برمتها. وقالت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية ان باول استعرض خلال محادثاته في القدس والعواصم العربية التي زارها الاتجاه العام الذي بدأت ادارة الرئيس جورج بوش تسلكه، ويتمثل في النظر الى مشاكل المنطقة في وقت واحد، ورغبة الادارة في التصدي للأزمة الاسرائيلية ـ الفلسطينية من دون ان يعيق ذلك جهود الادارة في كسب دعم وتأييد المنطقة لما تبذله في نزالها ضد الرئيس العراقي.

واوضح في هذا السياق مارتن آنديك السفير الاميركي لدى اسرائيل خلال محاضرة له القاها يوم الجمعة الماضي في تل ابيب أنه «لهذا السبب، دعا الوزير الطرفين للعمل على تخفيف التوترات بينهما». واردف «هناك من يعتقد انه بتصعيد اعمال العنف وتهديد الاستقرار الاقليمي، سيكون قادرا على ارغامنا والمجتمع الدولي على التدخل وفرض الحلول التي يرغب فيها»، مشيراً بذلك بوضوح الى الفلسطينيين. وواصل السفير حديثه «اني احذرهم من ارتكاب خطأ جديد... اما الذين يتحالفون مع حركة حماس وحزب الله وصدام حسين فينبغي ألا يندهشوا ان لم نعتبرهم من جملة اصدقائنا».

ويتوقع ان تأخذ سياسات الادارة الاميركية الجديدة شكلا اوضح خلال الاسابيع المقبلة. وينظر مجلس الشيوخ حاليا في تعيينات المسؤولين الحكوميين الكبار ومسؤولي الصف الثاني. ومن الواضح الآن ان بوش سيواجه سياستين متنافستين في التعامل مع المنطقة، فهناك وزارة الخارجية التي يرأسها باول الذي ينوي الاعتماد اساسا على السفراء الاميركيين في ارجاء العالم والدبلوماسيين الخاضعين لامرته. في المقابل، هناك وزارة الدفاع «البنتاغون» التي يديرها وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وراعيه ديك تشيني نائب الرئيس. ويفيد المسؤولون الاسرائيليون الذين التقوا مع اعضاء في الادارة الجديدة، بأن الميول اليمينية للادارة الجمهورية ستتضح اكثر بعد اكتمال التعيينات السياسية والدبلوماسية. وتقول «هآرتس» انه يتوقع من رئيس الوزراء المنتخب ارييل شارون الوقوع في غرام النغمة الجديدة الصادرة عن واشنطن. اذ ينظر العديد من اليمينيين في الولايات المتحدة الى ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية على انه لا يختلف عن صدام حسين. كما يمقت مسؤولو الادارة الجديدة الزعيم الفلسطيني. وصدرت عنهم انتقادات فظة لاتفاقيات اوسلو. وحسب احد المصادر الدبلوماسية الاسرائيلية، قال اعضاء في الادارة الجديدة انه ليس في وسع عرفات ان يأتي بأي خير، وان اسرائيل وقعت في الخطأ عندما ابدت استعدادها لتقديم تنازلات كبيرة، الامر الذي وضعها في موقف ضعيف.

وتبذل واشنطن ما في وسعها في ابعاد نفسها بقدر ما تستطيع عن ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون، كما تحاول التأقلم للتناغم مع نمط شارون، بينما تبقي على الحيطة والحذر في نفس الوقت، فهي تعلم انه لا يمكن ارجاع عملية السلام الى نقطة البداية الاولى التي تجاوزتها.

وقالت «هآرتس» ان من بين الذين يتجهزون لأخذ مكانتهم في الادارة الاميركية الجديدة ريتشارد هاس، مدير قسم رسم السياسات. وتولى هاس في عهد الرئيس جورج بوش الأب منصب منسق الشرق الاوسط في مجلس الامن القومي، وهو يعتقد انه وعلى خلفية الظروف الراهنة ليس من فائدة ترجى من وراء ايجاد حل للازمة الاسرائيلية ـ الفلسطينية بخطوة واحدة. ويرى هاس انه لا بد للادارة الاميركية من الاخذ بالاسلوب المتدرج الذي شكل مفاهيمها للنزاع في الماضي. كما يطرح هاس صيغة يصفها بـ«الآحادية المرتبة» التي يعمل الطرفان بحسبها على تبني اجراءات بالتنسيق في ما بينهما من دون التوقيع على اتفاقيات ذات اثمان سياسية باهظة. وضمن هذا الاطار، تتمكن اسرائيل من تنفيذ الفصل الآحادي لاراضيها عن الاراضي المحتلة، كما لا يضطر عرفات الى التوقيع على اي اتفاقات مرحلية، الامر الذي يرفضه بعناد. الى جانب ذلك، يستبعد هاس تدهور العلاقات الاسرائيلية مع سورية ولبنان الى حد الوقوع في ازمة. وبرأيه، ينبغي ان تعمل الادارة الجديدة على التوصل الى علاقة مجدية مع الرئيس السوري بشار الاسد، وارغام سورية على الانسحاب من لبنان وتجريد حزب الله من السلاح. وكان مما كتبه هاس «ينبغي الا تتجدد محادثات السلام (بين اسرائيل وسورية) الا إذا توفرت فرصة ايجادهم حلاً للمشاكل التي حالت دون التوصل الى اتفاقية في الماضي».