تدمير التماثيل يعكس استياء طالبان من موقف المجتمع الدولي إزاءها

TT

كابل ـ ا.ف.ب: الى جانب طابعه الديني يعكس قرار الملا محمد عمر القائد الاعلى لحركة طالبان الحاكمة في كابل تدمير التماثيل التراثية الافغانية، موقف استياء واضح من الحركة ازاء المجتمع الدولي الذي يرفض الاعتراف بها. فقد اكد الملا محمد عمر امس قراره بتدمير كل التماثيل في افغانستان، كما لم يخف لا مبالاته حيال ردود فعل المجتمع الدولي الذي لم يعترف بنظام طالبان منذ استيلائه على السلطة عام 1996. ولم يخف وزير الاعلام في الحركة قدرة الله جمال استياءه من المجتمع الدولي اذ قال اول من امس «بما ان المجتمع الدولي عزل افغانستان سيكون على الامم المتحدة ان تطلب من رباني حماية تماثيل بوذا لانه يمثل النظام الذي تعترف به».

وقد ادان المجتمع الدولي نظام طالبان لانتهاكه حقوق الانسان كفرض نظام خاص على النساء ومنعه تعليم الفتيات وعمل النساء وحرمانهن من الخدمات الصحية. كما فرضت الامم المتحدة وبضغط من الولايات المتحدة عقوبات قاسية على نظام «طلاب الفقه» بسبب حمايته لأسامة بن لادن الذي تعتبره واشنطن الرأس المدبر لعدد من الاعتداءات ضد مصالحها.

وفي السابق، واجهت تماثيل باميان تهديدا مماثلا عندما اقتربت قوات طالبان من هذه المنطقة واعلن زعيمها انذاك انه سيدمر التماثيل «المخالفة للاسلام». لكنه سرعان ما غير رأيه وطمأن المجتمع الدولي مؤكداً ان التماثيل ستتم حمايتها طالما لا تشكل «موضع عبادة»، الأمر الذي اثار تساؤل المراقبين عن سبب التغيير الجذري في موقف طالبان. وقال مثقف مقرب من حركة طالبان شارحا الأمر «بناء على طلب المجتمع الدولي، قضت طالبان على زراعة الافيون غير انها لم تحصل سوى على عقوبات وخفض للمساعدات الدولية مكافأة لها على جهودها». وقد اصبحت افغانستان عام 1999 المنتج الاول للافيون في العالم اذ بلغ انتاجها 4600 طن. ومنذ بداية العام الجاري بدأ برنامج الامم المتحدة للمراقبة الدولية للمخدرات التحقيق ميدانيا من ان 80 في المائة من زراعات الخشخاش تم القضاء عليها في المناطق التي تسيطر عليها طالبان طبقا لمرسوم من الملا محمد عمر. واضاف «رفيق درب» حركة طالبان «في المقابل، وضعتنا الولايات المتحدة مجددا على لائحة البلدان غير المتعاونة في مكافحة المخدرات».

وفي الوقت ذاته، لا تلقى الدعوات لتقديم المساعدة الى افغانستان تجاوبا كبيرا من جانب الدول المانحة. ففي عام 2000، لم تتلق الامم المتحدة سوى اقل من نصف المساعدة المطلوبة لافغانستان والتي قدرت قيمتها بحوالي 210 ملايين دولار وخلال العام الجاري حصلت افغانستان على 14 مليونا فقط من اصل طلب بتقديم مساعدة بقيمة 229 مليون دولار. واعتبر مراقب اخر ان قرار تدمير التماثيل يمثل انتصارا للجناح المتشدد على المعتدلين في نظام طالبان. وقال ان «المعتدلين الاكثر انفتاحا على العالم ليس لديهم ما يقدموه الى المتشددين» مضيفا «كل ما حصلوا عليه هو المزيد من العقوبات ومساعدات اقل في المجال الانساني»، ويرى مندوب في منظمة انسانية أن «حركة طالبان استاءت من رؤية العالم يتحرك من اجل التماثيل اكثر مما فعل من اجل البشر الذين يموتون حاليا من البرد والمرض في مخيمات النازحين بفعل حرب لا تنتهي وموجة جفاف لا سابق لها».