القضاء المصري يبرئ طيار غزة وينتقد رؤساءه لتهربهم من المسؤولية

TT

بعد سجال قانوني استمر منذ شهر سبتمبر (ايلول) الماضي برأت أمس المحكمة التأديبية العليا بمصر الطيار المصري علي مراد، بطل قضية مطار غزة الشهيرة، ولم تكتف المحكمة بتبرئة الطيار وانما اتهمت مسؤولي شركة الطيران الوطنية بالتنصل من اداء واجبات وظيفتهم.

وأوردت المحكمة في حيثيات حكمها أن رفض الطيار السماح للمسلحين الاسرائيليين بتفتيش الطائرة يتفق مع المعاهدات الدولية وان الطائرة قطعة من أرض الوطن لا يجوز وطؤها الا وفقا للقواعد الدولية.

وأضافت المحكمة ان الثابت من الأوراق والتحقيقات انه بمجرد هبوط الطائرة التي كان يقودها الطيار علي مراد التابعة لمؤسسة «مصر للطيران» بمطار غزة يوم 8/9/2000 ونزول الركاب منها احاطت بها ثلاث سيارات يستقلها مسلحون اسرائيليون، وطلبت منه السلطات المحلية بالمطار السماح بصعود عنصري أمن مسلحين أحدهما اسرائيلي والآخر فلسطيني على متن الطائرة لتفتيشها، وازاء عدم صدور تعليمات صريحة وواضحة له من المسؤولين بقطاع العمليات بمؤسسة «مصر للطيران» بالقاهرة ردا على تساؤله ـ بموجب فاكسات رسمية واتصالات تليفونية ـ عما اذا كان يسمح بصعود افراد الأمن المسلحين على متن الطائرة لتفتيشها أم لا، واكتفاء هؤلاء المسؤولين باصدار أوامر له باتباع تعليمات السلطات المحلية بمطار غزة، فقد أصدر أوامره باعتباره قائد الطائرة المسؤول عن سلامتها بمنع صعود افراد الأمن المسلحين على متنها طبقا لما تقضي به قواعد الطيران المدني الدولي المنصوص عليها باتفاقية شيكاغو سنة 1944 المنضمة اليها كل من مصر واسرائيل وقانون الطيران المدني المصري رقم 28 لسنة 1981، وأكدت المحكمة ان الطيار التزم التزاما دقيقا وأمينا بالقواعد، وأدى واجبه على خير وجه، وحافظ على سيادة وكرامة بلده بحسبان الطائرة قطعة من أرض الوطن لا يجوز وطؤها الا وفقا للقواعد الدولية، وذلك في الوقت الذي تنصل فيه رؤساؤه بالقاهرة من اداء واجبات وظيفتهم من خلالها اعطائه اجابة صريحة وواضحة على تساؤله عما اذا كان يسمح بصعود افراد الأمن المسلحين على متن الطائرة أم لا، في وقت من المفروض فيه أن يكون هؤلاء الرؤساء على علم تام ودقيق بقواعد الطيران المدني رقم 28 لسنة 1981، وما انتهت اليه هيئة الأمن القومي المصري من عدم السماح باجراء تفتيش لطائرات شركة «العال» الاسرائيلية بمطار القاهرة.

واستبعدت المحكمة ما نسب الى الطيار علي مراد من مخالفته بروتوكول تشغيل مطار غزة وهو البروتوكول الموقع بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني في 28 سبتمبر (ايلول) سنة 1995 طبقا لاتفاق «واي بلانتيشن» وما تضمنه من النص في المادة الخامسة منه الخاصة باجراءات الأمن، من حق فحص الطائرة بواسطة افراد أمن فلسطينيين واسرائيليين يكون متفقا مع القواعد الدولية، وذلك عقب نزول الركاب وقبل صعودهم، لكون هذا الاتفاق لا يلزم سوى طرفيه، وان مصر ليست طرفا فيه، وذلك بصرف النظر عن أن هذا الاتفاق ذاته اتفاق سري غير معلن ولم يكشف عنه الا بمناسبة نظر هذه الدعوى.

وأكدت المحكمة ان سلطات الأمن الاسرائيلية بمطار غزة منعت صعود الركاب على الطائرة بعد رفض قائدها صعود فردي الأمن المسلحين على متنها لتفتيشها وان عودة قائد الطائرة بها بدون ركاب لا تحمله أية مسؤولية مادية أو أدبية أمام شركته.