أمهات فلسطينيات يتذكرن بعيد الأم أبناءهن الذين قتلوا في الانتفاضة

TT

حملقت ام نضال الدبكي في ساعة اليد التي تطوق معصمها، وكانت هذه اخر هدية قدمها لها ابنها البكر العام الماضي بمناسبة عيد الام. لم تحتمل ام نضال قسوة الذكرى فاذا بالدموع تنساب على وجنتيها اللتين ترك المرض اثره عليهما، فام نضال التي لم تبلغ بالكاد الخامسة والاربعين من العمر تعاني من مرض السرطان.

فقدت ام نضال بكرها نضال (17 سنة) في بداية انتفاضة الاقصى قرب معبر المنطار (كارني) شرق قطاع غزة، برصاص جنود الاحتلال الاسرائيلي الذي اخترق قلبه على الفور.

واذا كانت هذه المرأة تفتقد ولدها البكر في كل يوم، فان افتقادها له في يوم عيد الام الذي صادف أمس، اكثر قسوة والما. وتقول ام نضال: «كان يحرص على الاحتفاظ بكل قرش يحصل عليه حتى تحل المناسبة ليشتري لي هدية عيد الام. وفي احدى المرات لم يتمكن من شراء الهدية، فاذا به يستدين من عدد من اصدقائه لكي يشتري الهدية ويقدمها في وقتها المحدد».

تجاهد ام نضال مع نفسها كثيرا وهي تتحدث عن ابنها، تقول: «كان نضال ابني واخي ووالدي وكل شيء في حياتي. لقد كان يدرك خطورة المرض الذي اعانيه ويعي حقيقة تفرغ ابيه للعمل، فكان يصحو مبكرا لكي يقوم باعمال البيت جميعها وانا انظر اليه ولا املك إلا ان اواصل الدعاء له». لم يكن نضال يعتني بامه المريضة واخوانه الستة فقط، بل ايضا كان يهتم بجدته التي تبلغ من العمر ثمانين عاما ويسهر على خدمتها. وكما يقول والده الذي عاد من الحج قبل ايام فانه كان يحرص على ان يصل الى البيت بسرعة لكي يقف على خدمة امه وجدته واخوانه. واما ام الشهيد ايمن (20 سنة) فتتذكر ولدها ايمن الذي قتل قرب مستوطنة نيتساريم في بداية الانتفاضة في العام الماضي. تتذكره والدموع تنهمر من عينيها، كيف كان ابنها يوقظها وهي تغط في نوم عميق ليفاجئها بهدية عيد الام المعتادة.

بالنسبة لام ايمن يمر اليوم عليها الآن بسنة، فذكرى بكرها محفورة في حنايا القلب والذاكرة. هذه المرأة التي عادت من الحج كسائر ذوي الشهداء الذين تبرعت السعودية لهم بالحج مجانا، تؤكد انها حاولت عبثا ان تتحلل قليلا من هذه الذكرى. وتقر ام اسامة الجرجاوي ان ابنها لم يكن يولي اهتماما بعيد الام، لكنها تقول وقد غلبتها الحسرة وانقطع بها الرجاء ان ابنها اسامة (16 سنة) الذي قتل ايضا قرب حاجز المنطار، كان بالنسبة لها كل شيء. وتقول بخلاف كل من سبقها: «انا كنت مستعدة لأن اعيش على الكفاف، كنت مستعدة ان احيا عمياء، بشرط ان يبقى لي اسامة».