وزراء الخارجية العرب يسعون لإجماع حول العراق ويتفقون على خمسة محاور رئيسية لجدول أعمالهم

TT

اقر وزراء الخارجية العرب في ختام جلسة عملهم المغلقة الاولى امس جدول اعمال مؤتمر القمة العربية في دورة انعقاده الدورية الاولى. واتفق الوزراء على خمسة محاور رئيسية. وكشف أحد وزراء الخارجية بعد انتهاء الجلسة ان الوزراء كانوا سيسعون في جولة بعد الظهر للتوصل الى اجماع حول العراق. وأضاف الوزير الذي طلب عدم ذكر اسمه «سنستمع الى وجهة نظر دول الخليج ووجهة النظر العراقية وسنحاول ان نوفق بين الموقفين». وقال «اذا رفضت دولة واحدة (العراق) الحل التوافقي فسيكون ذلك اقل حدة من رفض ست دول لذلك الحل» في اشارة لدول مجلس التعاون الخليجي. من جهته، قال الدكتور نبيل شعث وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني في تصريحات للصحافيين ان رئاسة الاجتماع تعمل على التشاور مع رؤساء الوفود لوضع تصور لصيغة القرار حول «الحالة بين العراق والكويت» التي تغيب وزير خارجيتها الشيخ صباح الاحمد الصباح عن الاجتماع. وأضاف شعث ان «الوزراء سينهمكون في مشاورات» تحضيرية وان الوزراء تطرقوا من خلال كلماتهم في الصباح الى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية محورية ومركزية في القرارات التي ستصدر عن القمة. واكد ان « توافقا ظهر من قبل الوزراء ازاء المحاور التي تبحث». وكانت الاجتماعات قد ناقشت خمسة محاور تبدأ بالمحور السياسي الذي نوقش خلاله النزاع العربي ـ الاسرائيلي من حيث تقويم المفاوضات السابقة على كافة المسارات ودعم انتفاضة الشعب الفلسطيني وصموده اضافة الى احياء المقاطعة العربية لاسرائيل.

كما يناقش الوزراء في المحور السياسي تقرير لجنة المتابعة والتحرك والحالة بين العراق والكويت ودعم لبنان والصومال وجمهورية القمر الاتحادية الاسلامية اضافة الى مناقشة احتلال ايران للجزر العربية الثلاث وموضوع رفع العقوبات المفروضة على السودان وتطورات قضية لوكربي والتعاون العربي ـ الافريقي. ويبحث الوزراء في المحور الاقتصادي قضايا العمل العربي الاقتصادي المشترك وموضوع عقد مؤتمر اقتصادي عربي في القاهرة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل اضافة الى التعاون في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وعرض وزراء الخارجية العرب في المحور الاجتماعي موضوع الاعلان العربي لحقوق الطفل.

اما في المحور الرابع حول العمل العربي المشترك فينظر الوزراء في تطوير آليات عمل الجامعة العربية وتفعيل دورها من خلال ورقة عمل تقدمت بها دولة قطر. ويجري ضمن هذا المحور انتخاب امين عام الجامعة العربية اعتبارا من 16 مايو (ايار) المقبل. وخصص المحور الاخير لمناقشة ما يستجد من اعمال. وكانت اجتماعات وزراء الخارجية العرب التحضيرية لمؤتمر القمة العربي الذي يبدأ اعماله في عمان بعد غد قد بدأت امس بتسلم عبد الاله الخطيب وزير الخارجية الاردني رئاسة الاجتماع من الرئيس السابق عمرو موسى وزير الخارجية المصري. وقال موسى في كلمة له: ان القمة تأتي في مرحلة مفصلية حقا بالنسبة للعالم العربي ومصالحه، اذ تتزاحم التطورات وتتكاثر التحديات الامر الذي يتطلب التناول المباشر والتعامل الواضح مع قضايا عديدة تواجهنا سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها. واضاف ان تطبيق آلية الانعقاد الدوري للقمة العربية يرسي مفهوما جديدا في مسيرة العمل العربي المشترك ويعبر عن ارادة سياسية جماعية في التحرك الفاعل للحفاظ على مصالح العرب الكلية من خلال تطوير نظام عربي جديد يتبلور مؤسسيا حول القمة الدورية ويتجاوز استحقاقات الماضي بل ويحبطها ويمهد الطريق امام تعزيز التضامن والتكامل بين الدول العربية وصياغة السياسات الكفيلة بتدعيم قدراتها في مختلف المجالات وسط متغيرات عالمية هامة ومشاكل اقليمية متعاظمة تستدعي مواقف عربية رصينة.

واضاف موسى: ان التضامن العربي ليس معادلة عاطفية وانما صيغة واقعية يتوقف نجاحها على مدى قدرتنا على تحقيق توافق المصالح في المجال الاستراتيجي وفي مجال تقدم المجتمعات العربية في مختلف نواحي الحياة وان هناك عالما عربيا يجب ان تكون له مكانته ويكون له مكانه على المستوى الاقليمي والعالمي. وقال ان النظام الاقليمي العربي الحالي يحتاج الى اعادة بناء. واضاف: «لقد تعددت الارهاصات المأساوية المهددة للكيان الجماعي العربي، الحالة بين العراق والكويت، واستمرار فرض العقوبات على ليبيا، والتهديد بتقسيم السودان، وبقاء مشكلة الصحراء الغربية من دون حل، وقضية الجزر الاماراتية الثلاث.. كل هذا يمثل قضايا علينا ان نتعامل معها من منظورنا العربي». واضاف «لقد حرصت عدة دول كالسعودية والاردن وسورية واليمن ومصر والكويت على تقديم رؤيتها لمستقبل العمل الاقتصادي العربي واقترحت مصر بنودا على جدول اعمال القمة لتنشيط العمل الاقتصادي العربي المشترك وهو ما يعكس الادراك الواعي لضرورات دفع العمل الاقتصادي العربي»..

والقى عبد الاله الخطيب وزير الخارجية الاردني كلمة قال فيها: لقد استبشر الانسان العربي خيرا بقرار القادة اعتماد آلية انتظام لقائهم.. ويرى فيه استجابة لامل صادق طال التطلع لتحقيقه وملؤه الرجاء بأن يكون هذا القرار تعبيرا عن ارادة سياسية باطلاق عمل جاد يمكن الامة من تعويض ما لحق بها من خسارة وما دفعته من ثمن لغياب القدرة على ايجاد الاطر المناسبة لفعل عربي مشترك حقيقي على المستويين السياسي والاقتصادي. وأضاف: ان شعور المواطن العربي بالمرارة نتيجة لغياب تلك القدرة يتولد من ادراكه ان عوامل القربى واسس التلاقي بين اجزاء وطننا العربي عميقة راسخة الا ان الممارسة الفعلية تغفلها الى درجة التهميش في الوقت الذي يعي فيه الاخرون ضرورة ايجاد مثل تلك العناصر وتفعيلها لتصبح مصادر قوة جماعية لهم.

وقال الخطيب «ان السنوات العشر الاخيرة كانت ذات تأثير سلبي بالغ على الوضع العربي، فقد ادى الاختلاف والانقسام الى تراجع العمل العربي المشترك على تواضعه في الوقت الذي شهد فيه العالم تحولات تاريخية دفعته للسير بخطى متسارعة». واضاف: «ان تفعيل العمل المشترك وايجاد المصالح المترابطة المتبادلة سينعكس ايجابيا على تحسين الوضع العربي وعلى القدرة على الارتقاء بالعلاقات فيما بيننا دولا وشعوبا، كما سيعزز قدرتنا على التعامل الايجابي مع قضايانا الرئيسية الكبيرة وحماية مصالحنا الجماعية». واوضح الخطيب: ان القضايا الرئيسية التي نحن بصدد التعامل معها ضمن مهمة الاعداد للقمة ليست جديدة او مفاجئة فهي ذات القضايا التي كانت تواجه الامة يوم اتخاذ قرار عقد هذه القمة فيما يتعلق بقضية العرب الاولى القضية الفلسطينية، اذ ما يزال الشعب الفلسطيني يرزح تحت ابشع انواع القمع والحصار ومن الطبيعي ان ينظر الفلسطيني والعربي الى قمة قادة امته متوقعا وآملا الكثير منها خاصة فيما يتعلق بتقديم دعم مباشر وفعال للشعب الفلسطيني وانتفاضته المباركة لمساعدته على مواجهة ظروف الاغلاق والحصار الاقتصادي والمالي بصورة غير مسبوقة لستة اشهر، ولاسناده سياسيا في ما يتعلق بتوفير الحماية الدولية له في الوقت الذي تزداد فيه تهديدات الحكومة الاسرائيلية ويزداد استخدام القوة ضده، ولتوجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول متطلبات تحقيق السلام الدائم واولها تحقيق تطلعات الشعب العربي الفلسطيني بما فيها حقه في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس واستعادة الاراضي السورية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران واستعادة ما تبقى من الاراضي اللبنانية.

بعد ذلك القى عصمت عبد المجيد امين عام الجامعة العربية كلمة قال فيها: ان الاجتماع يأتي استكمالا وتعميقا لاجتماع القاهرة في 12 مارس (اذار) الجاري الذي تم فيه وضع المحاور الاساسية لجدول الاعمال المقترح رفعه الى القمة ويتصدره دعم صمود الشعب الفلسطيني في معركته المصيرية وانتفاضته المباركة كما يتضمن عددا من القضايا العربية العامة والحيوية الامر الذي يتطلب معالجتها بمتانة الموقف وقوة الارادة التي تحتمها المسؤولية القومية خاصة ان انظار العالم مشدودة الى مؤتمر قمة عمان الذي تتطلع اليه امتنا بكل الأمل والرجاء لما فيه خدمة مصالحها وصيانة امنها وتحقيق تقدمها.