الأمم المتحدة تحذر من الحالة الحرجة للمياه في الجزيرة العربية

TT

حذر برنامج الامم المتحدة للبيئة من ان المياه الجوفية في دول الجزيرة العربية بلغت حالة حرجة. وذكر البرنامج، بمناسبة اليوم العالمي للمياه، ان دول الجزيرة العربية التي تعاني من شح موارد المياه السطحية، لذلك فإنها تعتمد على مياه السيول وعدد محدود من الينابيع والعيون والمياه الجوفية ذات النوعية المتوسطة. ولعقود عديدة نتج عن هذا الشح في مصادر المياه العذبة تحديات كبيرة لشعوب دول المنطقة لتلبية الطلب المتزايد للقطاعات الزراعية والصناعية والحضرية وكان لا بد من سحب كميات من المياه تفوق كثيرا معدل التعويض الطبيعي لهذه المصادر ونتيجة لذلك فإن المياه الجوفية خاصة قد وصلت إلى حالة حرجة.

نقص المياه إن معدلات التعويض السنوي لمصادر المياه يقل كثيراً عن ألف متر مكعب للفرد الواحد، مما يدل على نقص مزمن. واشاد البرنامج بالجهود غير التقليدية التي تبذل من اجل الحصول على المياه العذبة وكان من أكثرها نجاحاً تحلية المياه المالحة واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، ويمثل استخدام مياه البحر المحلاة في دول الخليج حوالي 60% من المياه الناتجة عن محطات التحلية في العالم.

الا ان البرنامج اشار الى انه لا يمكن استعمال هذه البدائل بدون حدوث آثار سلبية على البيئة، إذ تستخدم محطات تحلية المياه المالحة كميات كبيرة من الطاقة التي قد تتسبب في انبعاثات متزايدة للغازات، وصرف المياه العادمة للبحر. ولقد حدث تقدم كبير في العديد من الدول التي تستخدم تقنية التناضح العكسي وذلك لخفض الانبعاثات والتكاليف المتعلقة بإنتاج المياه المحلاة. وكان الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة قد اولوا أهمية خاصة لامتلاك وتطوير تقنيات انتاج (في هذا الميدان) من خلال إعلان أبوظبي (3 فبراير (شباط) 2001) كما ان إعادة استعمال مياه الصرف الصحي المعالجة يؤدي إلى تخفيض تلوث الأنهار والبحار والحد من استهلاك الطاقة لإنتاج مياه إضافية، وفي نفس الوقت تشكل أحد المصادر غير التقليدية الداعمة للموارد المائية.

ونبه البرنامج الى ان التوسع العمراني ادى الى نتائج منها تغيير الخصائص الهيدرولوجية والبيئية لأكثر من نصف الأراضي الرطبة. بينما يستخدم حوالي 90% من الموارد المائية في القطاع الزراعي، حيث يهدر حوالي نصفها في التسرب والتبخر. كما أن ازدياد التلوث يؤثر سلباً على المياه ويؤدي إلى تكاليف إضافية من أجل المعالجة، بينما تنتج عن الاستعمال غير الرشيد للأراضي، خسائر مادية وبيئية فادحة وخاصة في مصادر المياه.

المنطقة تعاني من نقص في مياه الشرب إن تدهور نوعية المياه هو نتيجة طبيعية لشحها. وتعتبر كمية المياه المتوفرة ونوعيتها موضوعان مهمان في هذه المنطقة فمثلاً لا يتوفر لنسبة عالية من سكان دول غرب آسيا مصادر مياه شرب آمنة مثل العراق بينما تفتقد المناطق الريفية في دول المشرق واليمن بشكل عام إلى مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي. كما نتج عن التوسع الزراعي الذي حدث في معظم دول المنطقة الذي استخدمت فيه الأسمدة والمبيدات الكيماوية بشكل مكثف مما أدى إلى تلوث بعض أحواض المياه الجوفية.

واوضح البرنامج انه لمعالجة هذا الوضع وضعت دول المنطقة على جدول أولوياتها أمر تبني وتطوير استراتيجيات وسياسات الهدف منها توجيه النشاطات المتعلقة بالقطاعات المائية وذلك لإيجاد توازن بين حاجة الإنسان ومتطلبات التنمية الاقتصادية وبما يحقق حماية الصحة والبيئة للعقود القادمة. ويتبلور التحدي الرئيسي في إيجاد توازن بين المتوفر والاحتياجات من المياه وذلك لضمان تأمين الاكتفاء الذاتي المائي للقطاعات الزراعية والصناعية والسكانية آخذين بعين الاعتبار الوضع الصحي لشعوب المنطقة.

ويتطلب تحقيق هذه الغاية الالتزام بتنفيذ عدد من الإجراءات وتنفيذ عدد من الأعمال أولها وأهمها الحاجة إلى تقييم موضوعي لمصادر المياه في المنطقة التي يمكن استخدامها بشكل فعال ومتكامل، وتوحيد جهود الجهات العاملة في إدارة مصادر المياه نحو إيجاد نظام أفضل يتضمن أسلوبًا علمياً لحساب كميات المياه المتوفرة والمستهلكة والتي يتم تجددها سنوياً. ومن الضروريات الأخرى هو تأمين مصدر مياه شرب آمن وخدمات صحية مناسبة للمجتمعات الريفية التي تفتقدها.

اما على المستوى العالمي فإن حوالي السدس من عدد سكان الأرض البالغ حوالي 6 مليارات نسمة يفتقد إلى مصادر المياه الآمنة، بينما يفتقد 40% منهم خدمات الاصحاح الآمنة، ويموت أكثر من مليوني شخص سنوياً (غالبيتهم من الأطفال) نتيجة لأمراض الجهاز الهضمي الناتجة عن مصادر مياه غير صحية. ويموت مليون آخر من الناس نتيجة الإصابة بالملاريا. وفي الصين وحدها يعاني أكثر من 30 مليون شخص من أمراض تراكم الكلور في العظام (الفلوروسيس) وحوالي 1،5 مليون مصابون بأمراض والتهابات كبدية ناتجة عن اليرقان.