العلاقات السويسرية ـ الفلسطينية تدخل مرحلة جديدة

TT

يزور وزير الخارجية السويسري جوزيف دايس حالياً اراضي السلطة الفلسطينية واسرائيل. وكان قد التقى في اليوم الأول من زيارته بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله وذلك لبحث مشروع تنشيط «مؤتمر جنيف الخاص بتطبيق اتفاقيات جنيف الرابعة» حول حقوق المدنيين إبان الحرب. ويذكر عن هذا المؤتمر ان اسرائيل قاطعته منذ عام بحجة مواصلة عملية السلام، كما يلتقي رئيس الدبلوماسية السويسرية برئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ووزير خارجيته شيمعون بيريس. وكانت هذه الزيارة منتظرة منذ لقاء وزير الخارجية السويسري بنظيره الاسرائيلي السابق ديفيد ليفي قبل اكثر من سنة في برن. لكن الأوضاع الدقيقة التي تمر بها المنطقة تدفع للتساؤل عن سبب اختيار هذا الموعد بالتحديد لاجرائها.

المراقبون يتوقعون ان تكون هذه الزيارة مناسبة لبحث المشاريع السويسرية ـ الفلسطينية، وهي مشاريع تنموية وانسانية تدعمها الحكومة السويسرية في المناطق الفلسطينية، ومنذ مؤتمر مونترو عام 1996 التزمت سويسرا بالشق الانساني في عملية السلام في الشرق الأوسط ونشطت في دعم الكثير من المشاريع الانسانية والتنموية، على الرغم من ان وسائل الاعلام لم تتطرق لها. فسويسرا مثلا هي الداعم الأول لمشاريع اعادة تأهيل الأسرى الفلسطينيين المحررين.

اضافة الى ذلك بدأت الحكومة السويسرية بالتعاون مع احدى المؤسسات الجامعية في انجاز دراسة فريدة من نوعها لتحديد نوعية الاحتياجات الانسانية والتنموية والخدماتية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وخاصة في المناطق التابعة للسلطة الوطنية. وتعتبر هذه الدراسة تمهيداً علمياً لبرنامج مستقبلي يوفر المساعدات للاجئين يقوم على أسس مدروسة علمياً، ويمكن ان تستفيد منه كل الأطراف المانحة. وكانت سويسرا من أول الدول الأوروبية التي قدمت هذا العام مساعدة عاجلة بقيمة 50 مليون فرنك سويسري لدعم اقتصاد السلطة الفلسطينية بموجب الاتفاقيات التي أبرمتها السلطة مع الحكومة السويسرية.

اما عن العلاقات السويسرية ـ الاسرائيلية فقد شهدت في الفترة الأخيرة بعض الفتور، بسبب الاختلاف القائم حول طبيعة مكتب التمثيل السويسري لدى السلطة الفلسطينية ونشاطه. فقد أثارت التصريحات التي أدلت بها مديرة المكتب انيك تونتي في ختام مهامها، (التي استمرت سبع سنوات في اريحا ثم رام الله ثم في القدس الشرقية)، حول المخاطر التي تتهدد عملية السلام اثر انتخاب رئيس الوزراء الجديد ارييل شارون، امتعاض المسؤولين الاسرائيليين. ولم يتردد امانويل ناحخون المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية اخيراً في التلميح الى ان وجود مكتب الاتصال السويسري في القدس الشرقية «غير مرغوب فيه».

من جهة أخرى، عبرت تونتي في تصريحات أدلت بها هاتفياً الى وكالة الأنباء السويسرية، عن اجواء التشاؤم السائدة بخصوص آفاق السلام واعتبرت ان انتخاب شارون لرئاسة الوزراء في اسرائيل، مقترناً بوصول جورج بوش الى الرئاسة الأميركية، يفرض حذراً شديداً في ما يتعلق بمستقبل مشاريع المساعدة للفلسطينيين.

وفي ما يخص عمل مكتب الاتصال السويسري، الذي افتتح في شهر يونيو (حزيران) عام 1994 لا تبدي المسؤولة السويسرية قدراً كبيراً من الرضى عما امكن تحقيقه في السنوات السبع الماضية. فعلى سبيل المثال، لا تخفي سعادتها بنجاح فريق من الخبراء الفلسطينيين الذين انتدبتهم بنفسها في انجاز اصلاح شامل لنظام التكوين المهني في فلسطين، وتشير بشيء من الفخر الى ان هذا النجاح دفع عدداً من البلدان العربية المجاورة الى طلب الاستشارة من هذا الفريق. ولكن في المقابل، لم ينجح مكتب الاتصال في تحقيق الأهداف المرجوة من الحوار الذي حاول العاملون فيه، اقامته مع السلطة الوطنية الفلسطينية في ثلاثة مجالات مهمة بالنسبة للدبلوماسية السويسرية، هي حقوق الانسان، وحسن التصرف والادارة الديمقراطية. وإذ تعبر تونتي عن أسفها للتخلف عن انجاز الأهداف المرسومة في هذه المجالات، فهي لم تتوان في استنكار الاعدامات التي نفذت بحق فلسطينيين اتهموا بالتعاون مع اسرائيل.