الجزائر: الدفاع يفشل في تسييس قضية أحداث سجن سركاجي

TT

شرعت محكمة جنايات الجزائر، امس، في محاكمة 17 متهما بالتورط في محاولة التمرد التي عرفها سجن سركاجي بالعاصمة في 21 فبراير (شباط) عام 1995، واسفرت عن سقوط أكثر من مائة قتيل، معظمهم من المساجين الاصوليين.

وقررت رئيسة المحكمة، بعد ازيد من ساعتين من الاخذ والرد مع هيئة الدفاع، الشروع في محاكمة المتهمين والاستماع الى اقوالهم في واحدة من اعنف واكبر القضايا التي شهدتها الجزائر خلال سنوات العنف المسلح. وقد ابدى المتهمون انزعاجا وقلقا شديدين لما حاول اثنان من هيئة المحامين دفع هيئة المحكمة الى تأجيل المحاكمة الى موعد آخر ريثما يحضر واحد من أهم الشهود في القضية، وهو مسؤول سابق عن امن السجن، قيل ان النيابة لم تستطع احضاره لانه في عطلة. وهو المبرر الذي رفضه احد المحامين معتبرا ذلك محاولة لعرقلة سير المحاكمة على اعتبار ان هذا الشاهد، ويدعى رمضان سلسفاف، يعد واحدا من اهم الذين يمكنهم ان يرووا للمحكمة حقيقة ما جرى اثناء محاولة التمرد وصدور قرار بتدخل قوات الامن لقمع المتمردين. المتهمون اعلنوا جميعهم انهم لا يريدون ان تتأجل المحاكمة مرة اخرى، اذ قال احدهم «لقد سئمنا حياة السجن اما المحامون فهم لا يعيشون اوضاعنا ويدخلون الى بيوتهم كل يوم». كما اكد متهم آخر انه مستعد للدفاع عن نفسه، بعد ان اعلن المحامي محمود خليلي انسحابه من الجلسة، مبررا ذلك بمحاولة المحكمة «توجيه المحاكمة بشكل لا يسمح بكشف الحقيقة ولا التوصل الى تحديد المسؤولين الحقيقيين عن المجزرة». وجاء انسحاب هذا المحامي بعد ان جددت رئيسة المحكمة الجنائية رفضها طلبا تقدم به لاستدعاء عدد من المسؤولين السياسيين في ذلك الوقت للاستماع الى شهاداتهم على اعتبار ان لهم دورا واضحا خلال تلك الاحداث، ومن بين المسؤولين الذين طلب خليلي احضارهم الى المحكمة الرئيس السابق الامين زروال، ووزير الدفاع الاسبق الجنرال خالد نزار، ووزير العدل الاسبق محمد تقية، ووزير الداخلية عبد الرحمن مزيان الشريف، وقد أكدت رئيسة المحكمة انه «لا ضرورة ولا جدية من استدعاء هؤلاء الشهود كونهم لا علاقة لهم بملف الموضوع الحالي». وكان المحامي يحاول جر المحاكمة الى الميدان السياسي ومحاكمة النظام السابق من خلال هذه القضية، وكان ممثل الدفاع المنسحب حريصا على التوصل الى محاكمة المسؤولين الذين اتخذوا قرار استعمال القوة لقمع حركة التمرد، في وقت كان فيه بعض المساجين يقومون بالوساطة حتى لا تنتهي الاحداث وسط حمام من الدم ومن بين الذين كانوا يتولون الوساطة بين المساجين المتمردين والسلطات المسؤول السابق في «الجبهة الاسلامية للانقاذ» المحظورة عبد القادر حشاني، المغتال قبل سنة في العاصمة، وعبد الحق لعيايدة احد مؤسسي «الجماعة الاسلامية المسلحة» الذي سلمته السلطات المغربية الى القضاء الجزائري منتصف التسعينات، وكان قد صدرت ضده احكام بالاعدام. ومن بين ضحايا تلك الاحداث اربعة حراس في السجن استعملهم المتمردون رهائن وعدد كبير من المساجين المحكوم عليهم بالاعدام، المتهمين في قضايا امنية، من بينهم قياديان في جبهة «الانقاذ»، يخلف شراطي وبلقاسم تاجوري.

اما هيئة المحكمة فقد فضلت الانطلاق في المحاكمة وابعادها عن الشق السياسي وحصرها في عملية التمرد والمتسببين في الاحداث ومقتل حراس السجن.