لقاءات سياسية ونيابية بعيدا عن الأضواء للتخفيف من حدة السجالات العلنية في لبنان حول الوجود العسكري السوري

TT

السؤال الذي يشغل الاوساط الرسمية والسياسية والشعبية اللبنانية هذه الايام هو: لبنان الى اين؟ ويطرح نفسه بالحاح في ضوء المواقف التصعيدية التي خرجت من دائرة السيطرة والضوابط، بدءاً من مواقف البطريرك الماروني نصر الله صفير الى محاضرة رئيس الجامعة اليسوعية الكاهن سليم عبو ومواقف العماد ميشال عون ودعوته انصاره الى التظاهر وتصريحات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وطروحات النائب البير مخيبر في مجلس النواب. وقد بدا من هذه المواقف اتجاه لرفع وتيرة الحملة على الوجود العسكرب السوري في لبنان.

على ان التطور الحالي اللافت للانظارهو التحضيرات التي يجريها عدد من الفرقاء والاحزاب السياسية لاستقبال البطريرك صفير لدى عودته من جولته الراعوية الثلاثاء المقبل وهي تحضيرات تأخذ حيزاً واسعاً من المتابعة السياسية وسط مؤشرين الاول يدل على احتمال تحويل الاستقبال الى تظاهرات شعبية متنقلة وتجمعات في بعض نقاط عبور موكب البطريرك من مستديرة الدورة الى انطلياس الى جسر نهر الكلب خلافاً للدعوة التي صدرت عن بكركي بحصر الاستقبال في ساحتها، والمؤشر الثاني الدفع باكبر حشد شعبي ليكون بمثابة حدث كبير ومحطة سياسية بارزة في سياق تصعيد خطاب الاعتراض على الوجود العسكري السوري في لبنان، والرد على ما ذكره المرجع الاعلامي السوري لـ «الشرق الأوسط» عن البطريرك صفير وموضوع مرافقته البابا يوحنا بولس الثاني في زيارته المقررة لسورية في مايو (ايار) المقبل ام لا.

واضافة الى ذلك تدرس الاحزاب والقوى السياسية التي تستظل مواقف البطريرك صفير سبل التعبير عن استنكار الموقف الذي تمثل بعدم استقباله من جانب الرئيس الاميركي جورج بوش او اي مسؤول نافذ في ادارته اثناء وجوده في الولايات المتحدة.

وفي كل هذه الاجواء المتوترة التي قد تحرك السجالات السياسية مجدداً صدرت مواقف لافتة لقائد الجيش العماد ميشال سليمان وهو الذي نادراً ما يطلق مواقف خارج «امر اليوم» الذي يصدره في مناسبات محددة، فخلال جولة تفقدية له على بعض المواقع والثكن في كسروان وجبيل والكرنتينا وعمشيت والتي يتوقع ان تشهد تحركات شعبية اثناء استقبال البطريرك، ذكّر العماد سليمان «كيف كانت هذه المناطق مسرحاً للعنف والاقتتال بين الاخوة لتنفيذ مآرب ضيقة وبتحريض ممن استبدت بهم شهوة السلطة فحاولوا تنصيب انفسهم مكانها»، وذلك في اشارة واضحة الى «حرب الالغاء» التي دارت رحاها آنذاك بين العماد ميشال عون و«القوات اللبنانية» بقيادة الدكتور سمير جعجع، مؤكداً انه «بمساعدة سورية توصلنا الى انهاء الاقتتال وعودة الدولة التي هي الضامن الحقيقي لكرامة المواطن وحريته».

وفي معلومات لـ «الشرق الأوسط» ان لقاءات سياسية ونيابية تنعقد بعيداً عن الاضواء برعاية السلطة بغية التخفيف من حدة السجالات وتهدئة الخطاب السياسي، وهذا ما حصل داخل المجلس النيابي، اذ اتسمت الردود على كلام النائب البير مخيبر بالاعتدال والرؤية وهذه شروط مطلوبة لاستكمال الخطوات اللاحقة وتصحيح المناخ السائد لان مقاربة المواضيع الخلافية، لا سيما منها مسألة الوجود العسكري السوري، لا يمكن ان تتم في ظل الضغوط والاجواء المأزومة، وان عقلنة الخطاب السياسي وخفض السقوف السياسية هما البداية الصحيحة لتهدئة الوضع المتشنج والافساح في المجال امام المبادرات التي يعمل عليها اكثر من طرف، ومنها مبادرة الوزير السابق فؤاد بطرس الذي ينطلق بها تحت شعار بناء علاقات لبنانية ـ سورية تواكب روح العصر لما فيه مصلحة البلدين. ولم تشأ المصادر الكشف عن حقيقة الافكار التي يتم التداول بها للوصول الى حوار هادئ داخلياً حول القضايا المطروحة وبما يحول دون خروج الاعتراض السياسي الى الشارع، مما قد يهدد بحصول انتكاسات امنية وسياسية خطيرة. واشارت الى ان رئيس الجمهورية اميل لحود هو في صورة ما يجري تداوله من طروحات وافكار، وانه يدرك بالتالي اهمية الحوار الداخلي ويعتبره مدخلاً طبيعياً لحل الخلافات والمعالجات الناجعة للقضايا الخلافية.