القوات المقدونية مدعومة بقوات أجنبية تبدأ هجومها الواسع على المقاتلين الألبان

خبراء من بريطانيا شاركوا في التخطيط للهجوم وطيارون من أوكرانيا قادوا الغارات الجوية

TT

واشنطن تعرض على سكوبيه الدعم العسكري والاتحاد الأوروبي يتوقع تعزيز دوره العسكري في البلقان سكوبيه: نور الدين صالح جنيف: نبيه الحسامي عواصم: «الشرق الأوسط» والوكالات شنت القوات المقدونية بمساعدة أجنبية أول هجوم واسع لها على المقاتلين الألبان في بلدة تيتوفو في الوقت الذي حذر فيه المسؤولون الألبان بإقليم كوسوفو من اندلاع الوضع والتسبب في «نزاع رهيب» بالمنطقة. وسيطرت القوات المقدونية أمس على تلة مطلة على بلدة تيتوفو، وصدت المقاتلين الألبان في هجوم بالدبابات والمشاة. وواجهت القوات ردا لاطلاق النيران من جانب المقاتلين بعد ظهر امس عند الوصول الى القمة بطابور من الدبابات وحاملات الجنود.

واشتعلت النيران في منازل وتصاعد الدخان في الهواء في الوقت الذي تبادل فيه الجانبان اطلاق نيران المدافع الرشاشة والمدافع الآلية. واطلق قناصة النيران على أهداف قريبة من قاعدة للجيش المقدوني عند حافة البلدة فردت القوات الحكومية بالقصف. وقال مدير مستشفى في المدينة ان شرطيا واربعة مدنيين من اصل الباني اصيبوا بأعيرة طائشة.

وتعتبر هذه المرة الاولى التي تقوم فيها القوات الحكومية بهجوم بري لطرد المقاتلين من المواقع على التلة التي يسيطرون عليها منذ 12 يوما. وقد حلقت طائرات هليكوبتر لانزال القوات على المنحدرات. وعلمت «الشرق الأوسط» أن طيارين وصلوا من أوكرانيا لدعم القوات المقدونية هم الذين قادوا تلك المروحيات، كما شارك في التخطيط للهجوم على مواقع الألبان خبراء من بريطانيا ويوغوسلافيا واليونان.

وبدأت القوات المقدونية تقصف التلال بقذائف الدبابات وقذائف المورتر فجر امس في اشارة على انها ستقوم بهجوم نهائي لطرد المقاتلين الألبان. وصرح لوكالة «رويترز» جورجي ترندافيلوف المتحدث باسم وزارة الدفاع المقدونية في سكوبيه «هذه واحدة من المراحل النهائية في العملية التي نقوم بها لطرد الارهابيين من الاراضي المقدونية». وقال بلاجويا ماركوفسكي المتحدث باسم الجيش ان القوات المقدونية تهدف الى السيطرة على مواقع «الإرهابيين» في التلال المطلة على تيتوفو بعد استخدام نيران المدفعية لتمهيد الطريق امام الهجوم. وأوضح نيكولا ديميتروف مستشار الامن القومي للصحافيين انها «عملية ضد الارهاب وسنتخذ كل الاجراءات الممكنة لحماية المدنيين».

واعتبر المسؤولون الألبان في كوسوفو هجوم القوات المقدونية على المقاتلين من جيش التحرير الوطني لالبان مقدونيا «خطيراً جدا» وسيتسبب «بنزاع رهيب». وقال خير الدين كوقي نائب رئيس الحزب الديمقراطي في كوسوفو لوكالة الصحافة الفرنسية «إذا واصلت سكوبيه الرد عبر الوسائل العسكرية فان العنف سيجر العنف». كما حذر احمد يوسفي الامين العام للتحالف من اجل مستقبل كوسوفو من وقوع «نزاع سيأخذ حجما واسع النطاق» ودعا المجموعة الدولية الى التدخل «قبل ان يفلت الوضع عن السيطرة».

واعتبر المسؤولون في هذين الحزبين المنبثقين عن جيش تحرير كوسوفو السابق انه «في مثل هذا الوضع لكل شعب الحق في الدفاع عن نفسه». وقال اسكندر حسني الناطق باسم الرابطة الديمقراطية في كوسوفو (معتدلة) «اذا لم توقف سكوبيه (هجومها) فذلك سيجر الى حرب تكون عواقبها رهيبة على كل المنطقة». وعلمت «الشرق الأوسط» أن 130 مظلياً ألمانياً وصلوا امس إلى مدينة بريزرن في كوسوفو لدعم الوحدة الألمانية في الاقليم. كما ينتظر وصول قوات من دول اخرى لدعم الالبان.

من جانبه، توقع الممثل الاعلى للسياسة الخارجية الاوروبية خافيير سولانا في مقابلة مع صحيفة «فرانكفورتر سونتاغسيتونغ» في عددها الصادر امس تعزيز دور الاتحاد الاوروبي العسكري في البلقان. وقال سولانا للصحيفة بعد القمة الاوروبية في ستوكهولم «سنعزز تدخلنا خلافا للاميركيين الذين يخفضون وجودهم تدريجيا». واعتبر ان هذا التدخل منطقي نظرا لقرب البلقان من دول الاتحاد الاوروبي. واضاف «لا نتحدث عن تايوان او اميركا اللاتينية، ولذلك نحن مدعوون لتحمل مسؤوليتنا». لكن سولانا رفض التكهن بفترة وجود القوات الاوروبية في البلقان قائلا «طالما لم ننه عملنا فعلينا ابقاء وجودنا».

واقترح وزير الدفاع اليوناني آكيس تسوهاتزوبولوس انضمام القوة المتعددة الجنسيات في البلقان المتمركزة في بلوفديف (بلغاريا) الى قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات في كوسوفو (كي.فور) في اطار دعم الدولة المقدونية ضد المقاتلين الألبان. وعند سؤاله عن المحادثات التي اجراها مع نظيره البلغاري بويكو نويف مساء امس، اجاب انها تمحورت حول سبل تقديم المساعدة الى مقدونيا. وصرح تسوهاتزوبولوس لدى عودته من بلغاريا الليلة قبل الماضية أن «احد الاقتراحات هو انضمام القوة المتعددة الجنسيات في البلقان الى كي.فور، لكن هناك افكارا اخرى يجب درسها». واضاف ان «العاجل في الامر هو التعبير عن الرغبة السياسية في دعم الجميع للحكومة المقدونية».

وتشارك في قوة حفظ السلام المتعددة الجنسيات في جنوب شرق اوروبا سبع دول هي البانيا وبلغاريا واليونان وايطاليا ومقدونيا ورومانيا وتركيا. وتتألف القوة من لواء يضم بين الفين وثلاثة الاف عنصر وهي تتدخل فقط «بامر من الامم المتحدة ومنظمة الامن والاستقرار في اوروبا للقيام بمهمات من اجل السلام»، حسب ما اعلن رئيس اركان القوة الكولونيل البلغاري بيتار بيتروف. وتشارك الولايات المتحدة وسلوفينيا في القوة بصفة مراقب.

من جهته، اتصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول بالرئيس المقدوني بوريس ترايكوفسكي وأعرب له عن دعم الولايات المتحدة لحكومته في مواجهة المقاتلين الألبان وعرض عليه تقديم المساعدات العسكرية ويعتقد أنها عتاد وسلاح وخبراء فقط. وقال ريتشارد باوتشر المتحدث باسم الخارجية الاميركية ان باول وترايكوفسكي تحدثا لمدة 20 دقيقة تقريبا. وقال باوتشر ان باول اتصل بترايكوفسكي ليؤكد له السياسة التي اعلنها الرئيس جورج بوش خلال بيان القاه يوم الجمعة الماضي. وأضاف «لقد اعرب عن اسفه وادان اعمال المتطرفين ويشيد ويؤيد التحركات الرامية الى تعزيز الائتلاف في مقدونيا الذي يضم اعضاء من كل الجماعات العرقية». وبحث باول ايضا الوضع في مقدونيا خلال اتصالات هاتفية مع مسؤولي حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي.

وفي جنيف توجه ما يقارب 5000 متظاهر ألباني إلى ساحة الأمم المتحدة وافترشوا الساحة أمام المبنى الرئيسي للمنظمة وحملوا اللافتات والرايات التي تندد بالعمليات العسكرية ضد الأقلية الألبانية في مقدونيا وطالبوا المجتمع الدولي للتدخل لدى سكوبيه بوقف هذه العمليات ضد الشعب الألباني.

ووجه المتظاهرون مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بمناسبة انعقاد اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري والمصادف اليوم (الاثنين) وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها جاء فيها: «نحن لسنا إرهابيين ولكننا نسعى لتحقيق العدالة وليس صحيحاً ما يطلق من شعارات. إن شعبنا لا يطمح بتحقيق ألبانيا الكبرى ولكن نريد حقوقنا في مقدونيا».

وتتعالت أصوات المتظاهرين الذين طوقهم رجال الأمن وطالبوا بفتح الحوار وعقد مؤتمر دولي من أجل مقدونيا وتعديل الدستور الذي يتيح للأقلية الألبانية في مقدونيا بممارسة حقوقه الوطنية وعدم التمييز بين العرق السلافي والألباني.

وقد قال أحد المتظاهرين لـ«الشرق الأوسط»: « هل بدأت الحرب الخامسة في البلقان بعد سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وكوسوفو؟

ماذا يريد الغرب من هذا الجزء من العالم؟

ألا يكفي ما خلفته الحرب في البوسنة وكوسوفو والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ وما زالت محاكم الجزاء الدولية تتابع مجرمي الحرب فيها».