أنان: من حق العرب انتقاد تل أبيب لكن الإسرائيليين يشعرون أن وجودهم مهدد

TT

قال أمس الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان انه من حق العرب انتقاد إسرائيل لاستمرارها في احتلال الأراضي الفلسطينية والسورية ولتصديها بخشونة للانتفاضة، ولكن طرح هاتين المسألتين كان يمكن أن يكون أكثر فعالية لو لم يكن هناك إسرائيليون كثيرون يعتقدون أن وجودهم معرض للخطر. ووصف أنان في كلمته أمام القمة العربية دورة العنف الراهنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي قتل فيها المئات وأصيب آلاف، غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين، وقال ان العقوبات الجماعية جعلت شبح الغضب واليأس يخيم على الأراضي المحتلة التي يسودها التوتر أصلاً. وأضاف أنه «بالنسبة للإسرائيليين أيضاً حل الخوف محل ما راودهم من آمال عظام».

وقال ان «هذه الأزمة مثار قلق خطير لنا جميعاً، وبخاصة في ضوء ما كان قد تحقق من مكاسب تاريخية وما كان قد انبعث من آمال. وما أخشاه أيضا أنه في خضم التوترات واللغط كثيراً ما تغيب عن البال نقطة أساسية، فالمجتمع الدولي والعالم العربي لهما كل الحق في انتقاد إسرائيل لاستمرارها في احتلال الأراضي الفلسطينية والسورية ولتصديها بخشونة للانتفاضة. ولكن طرح هاتين المسألتين كان يمكن أن يكون أكثر فعالية لو لم يكن هناك إسرائيليون كثيرون يعتقدون أن وجودهم معرض للخطر. وإسرائيل لها حق، مكرس في العديد من قرارات الأمم المتحدة، في أن تعيش في أمان داخل حدود دولية معترف بها».

ودعا الجانبين الى «العودة الى طريق السلام، فما من سبيل الى التوصل الى حل عن طريق العنف، وما من منطق في تأجيل اليوم الذي تعود فيه الأطراف الى مائدة التفاوض. ونحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى التحرك صوب التوصل الى اتفاق يلبي الأماني المشروعة للفلسطينيين في استقلالهم الوطني ويلبي أيضاً المطالب المشروعة للإسرائيليين المتعلقة بحصولهم على الاعتراف بهم وعلى الأمن.. اتفاق شامل وعادل ودائم يستند الى الأساس الذي تم تحديده منذ أمد بعيد في قراري مجلس الأمن 242 و338 وإلى مبدأ الأرض مقابل السلام».

وقال ان «الحالة في العراق لا تزال أيضاً مثار قلق خطير. وإني لأشعر بأسف بالغ للمعاناة المستمرة التي يعيشها الشعب العراقي، وأشاطر جميع الحاضرين هنا آمالهم في إمكانية رفع الجزاءات عاجلاً وليس أجلاً. وكما ذكرت امام مؤتمر قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في الدوحة، فإنني أعي تماماً أن من المتصور على نطاق واسع ان هناك معياراً مزدوجاً يطبق في ما يتعلق بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة. وأعتقد ان الحالة الإنسانية في العراق تطرح معضلة أخلاقية أمام الأمم المتحدة التي دأبت على الوقوف مع الضعفاء وعلى السعي الى التخفيف من معاناتهم».

وقال «أعتقد أيضاً أن ما ستحققه القيادة العراقية عن طريق التعاون مع المجتمع الدولي، بما فيه جيرانها أكثر مما ستحققه عن طريق المواجهة. ومن واجبي كأمين عام أن أذكر جميع الدول بتعهداتها بموجب الميثاق وبالتزامها بالامتثال لقرارات مجلس الأمن وأناشد العراق أن يراجع موقفه في ما يتعلق بالتعاون مع المجتمع الدولي. وكما تعلمون، فقد أجريت في الشهر المنصرم محادثات مع وفد عراقي رفيع المستوى، وشكلت هذه المحادثات عملية يراودني الأمل في أن تقودنا الى مخرج من هذا المأزق. وقد اتفقنا على مواصلة الحوار، وأتطلع الى إجراء الجولة الثانية».

وقال: «وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي مؤتمر قمة الألفية بنيويورك تعهدتم مع غيركم من الزعماء بجعل هذا العالم أكثر سلماً وديمقراطية وعدلاً، وشعوبكم تتوق الى تحقيق هذا الوعد ـ لا سيما أجيال الشباب بينها. وزهاء نصف سكان العالم العربي تقل أعمارهم عن الثامنة عشرة، وهم بحاجة إلى تعليم وإلى وظائف، كما يريدون أن تكون لهم مشاركتهم في العالم ومع بعضهم البعض آمنين على حريتهم وعلى حقوقهم الإنسانية ولا بد من القيام بكل ما هو ممكن من أجل إطلاق طاقاتهم الخلاقة».

وقال: ان التحدي الذي يواجهكم هو مساعدة منطقتكم على أن يكون لها نصيب، فيما ينطوي عليه القرن الجديد من وعود. والعالم العربي، شأنه شأن المناطق الأخرى، إنما يكافح من أجل تلبية المطالب المتباينة للتنمية، وفي ظل التوتر القائم بين التراث والحداثة، وفي ظل البحث عن السلام والعدل والحرية. ولجامعة الدول العربية دور حاسم عليها أن تقوم به في هذا الصدد، وستواصل الأمم المتحدة دورها كشريك لكم في هذه المهمة.