أوساط عسكرية في تل أبيب تقترح على شارون إعادة احتلال مناطق فلسطينية محررة ردا على العمليات الأخيرة

وزارة الخارجية الإسرائيلية تطلب من سفاراتها ووسائل الإعلام استغلال صورة الطفلة اليهودية المقتولة

TT

اقترحت اوساط عسكرية اسرائيلية على القيادة السياسية، امس ان تعيد احتلال واحدة او اكثر من المناطق الفلسطينية المحررة (المنطقة أ) ردا على العمليات التي وقعت خلال اليومين الاخيرين في الخليل والقدس.

والمنطقة الاولى المرشحة للاحتلال مجددا هي حي أبو سنينة في مدينة الخليل الذي يقول الاسرائيليون ان الرصاص الذي قتل الطفلة اليهودية شلهيفت باس (10 اشهر) اول من امس انطلق من احد بيوته.

وعقد الطاقم الوزاري الامني الاسرائيلي المصغر اجتماعا طارئا برئاسة رئيس الوزراء ارييل شارون بعد ظهر امس لبحث التطورات الاخيرة.

وعلم ان مسؤولي المخابرات الاسرائيليين ابلغوا المجتمعين ان السلطة الفلسطينية واجهزة الامن التابعة لها تحاول جر اسرائيل الى عمليات عسكرية واسعة في الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انعقاد القمة العربية وعشية احياء ذكرى يوم الارض (بعد غد).

ونفى المسؤولون الفلسطينيون باستنكار هذا الادعاء. وقال احدهم في اتصال مع «الشرق الأوسط» ان اسرائيل «هي التي تفتش عن ذريعة للهجوم علينا، ولا نستبعد ان تكون اوساط عميلة لها تقف وراء العمليات التي تزعم انها ستجرها الى رد واسع».

ويذكر ان اولى هذه العمليات وقعت في الخليل مساء اول من امس حين اطلقت الرصاص باتجاه عائلة يهودية من المستوطنين المستعمرين في قلب الخليل، تتألف من الوالدين أوريا واسحق وطفلتهما الرضيع شلهيفت. وقد اصيبت الطفلة في رأسها وتوفيت في ما بعد بينما اصيب الوالد بجراح ونجت الام من الحادث.

وعلى الفور، وقبل ان يجري اي تحقيق في الموضوع، اعلن المستوطنون وجيش الاحتلال الاسرائيلي ان الرصاص القاتل انطلق عن «قناص فلسطيني من القوة 17 (الحرس الرئاسي الفلسطيني)». وراحوا يصفون كيف تم ذلك: «لقد صوب بندقيته نحو افراد العائلة الثلاثة، واختار اولا رأس الطفلة. وبعد ان تيقن من الهدف ضغط على الزناد. وعندما اطمأن الى مقتلها انتقل الى والدها».

ووجهت سلطات الاحتلال دعوة تحذيرية الى سكان حي ابوسنينة طالبة منهم كلهم مغادرة بيوتهم بدعوى وجود هذه البيوت في «منطقة مواجهات عسكرية»، وهو التهديد المبطن بقصفها. وبالفعل هرب المواطنون من هناك مفزوعين. وامضوا ليلتهم موزعين بين بيوت الاقارب والعراء، وهم يتوقعون اجتياحا اسرائيليا قريبا.

وعلى اثر ذلك، وعندما تلقت وسائل الاعلام صور الطفلة القتيلة، قررت وزارة الخارجية الاسرائيلية استخدامها وتوزيعها على وسائل الاعلام العالمية واستغلالها الى اقصى حد، واصدرت تعليماتها الى السفراء والقناصل وغيرهم من المسؤولين الاسرائيليين في الخارج ان يتحدثوا الى وسائل الاعلام المحلية بالتفصيل عن الطفلة وطريقة اصابتها، من خلال التأكيد على الزعم بان «القناص الفلسطيني» هو الذي قتلها بهذا «الشكل الوحشي المتعمد».

وبدا واضحا ان هذه ليست مجرد حملة اعلامية اخرى، تتجند لها ماكينة الاعلام الاسرائيلية الضخمة وذات النفوذ الكبير في العالم، بل هي ايضا عملية تمهيد لعدوان كبير يكون «مفهوما» في نظر الغرب.

وقد بادر رئيس الوزراء، ارييل شارون، للاتصال بوزير الخارجية الاميركي، كولن باول، واطلعه على الحادث، واخبره بان «هذا هو الرد الفلسطيني الجائر على ضبط النفس الاسرائيلي». واكد له ان اسرائيل لن تفاجئ واشنطن، بأية عملية غير عادية. ولكنه قال في الوقت نفسه ان «الصبر الاسرائيلي يقترب من النفاد».

اما الحادث الثاني فكان الانفجار الذي وقع في سوق شعبية في غرب القدس، اذ انفجرت عبوة ناسفة في احدى زوايا السوق، واصيب جراء ذلك ستة اسرائيليين بجراح خفيفة.

وفي الثانية عشرة ظهرا، قام شاب فلسطيني، في حادث ثالث، بتفجير نفسه، قرب حافلة ركاب اسرائيلية على مفرق التلة الفرنسية في القدس الشرقية، بالقرب من حي شعفاط وحي بيت حنينا الفلسطينيين. فقتل هو، واصيب بجراح خطيرة سائق الحافلة، واصيب ستة اشخاص بجراح ما بين متوسطة وخفيفة و20 شخصا بجراح خفيفة للغاية.

وقال ناطق بلسان الحكومة، امس، ان الرد الاسرائيلي على هذه العمليات سيأتي حتما ولكن، بالشكل وفي الوقت الذي تختاره الحكومة وفقا لاعتباراتها ومصلحة اسرائيل الامنية والسياسية «فهذه معركة قاسية في حربنا مع الارهاب. قد تستغرق اشهراً وربما سنوات. وعلى الشعب ان يصمد فيها».