تدمير تماثيل بوذا برهن على ضعف النفوذ الباكستاني على طالبان

TT

كشف تحطيم حركة طالبان الاصولية للتماثيل البوذية القديمة خطل الفرضية الاساسية في السياسة الباكستانية تجاه افغانستان.. فعندما اعلنت حركة طالبان في 14 مارس (آبذار) انها اكملت تحطيم تمثالين ضخمين لبوذا، كان وزير اعلامها قدرة الله جمال لا يخفي شعوره بالفخر، بينما نفذت حركته عملها ذاك في تحد سافر للمجتمع الدولي، وبتجاهل تام لمناشدات العالم، بما في ذلك حليفتها باكستان وبقية الدول الاسلامية.

وعلى مدى السنوات الاخيرة كان الافتراض الذي تقوم عليه سياسة باكستان تجاه طالبان، هو ان هذه الاخيرة ستغير مناهجها وان العالم سيقبلها كحقيقة واقعة.

وهذا ما لم يحدث مطلقا. فالاحداث الاخيرة اوضحت للعالم ان طالبان مجرد حركة عسكرية عاجزة كليا عن الاستجابة للموازنات السياسية. ولذلك فالعالم لن يغير موقفه منها، كما انها لن تغير موقفها تجاه العالم.

وقال دبلوماسي باكستاني كبير: «ان احدى الحقائق الجوهرية التي اكدتها عملية تحطيم التماثيل سذاجة التصورات الباكستانية حول طالبان.

وكانت الحكومة الباكستانية قد ارسلت في مطلع هذا العام مذكرة من خمس نقاط الى حكومة قندهار ترمي من ورائها الى حث طالبان على تحسين صورتها امام المجتمع الدولي. كما سعت في نفس الوقت لاقناع العالم بتغيير نظرته الى الحركة الاصولية الافغانية وموقفه منها. ولا بد من القول ان مسعى الحكومة العسكرية الباكستانية قد فشل في الحالتين.

ومنذ تحطيم التماثيل كان السؤال هو: ما هي دوافع طالبان لتحطيم تماثيل ظلت هناك طوال السنوات العشر الماضية، هذا اذا تجاهلنا انها ظلت موجودة طوال 2000 سنة؟

ومع ان طالبان ذكرت الاعتبارات الدينية لتبرير عملها الا ان المحللين يجمعون على ان الاهداف سياسة، وتتعلق بجذب الانظار ليس الا.

ومن الحقائق المؤسفة ان العالم اهتم بتحطيم تماثيل حجرية اكثر من اهتمامه بأكثر من 100 ألف افغاني يواجهون الموت جوعا داخل افغانستان. وهذا يوضح عزلة طالبان عن كل العالم.

منذ 1998 حذرت طالبان من انها ستحطم التماثيل. وأدى ذلك الى احتجاجات صدرت عن البوذيين باليابان وسري لانكا. وفي سبتمبر (ايلول) 1998 قاموا بالفعل بنسف رأس تمثال بوذا الصغير. وعندها تبينوا الاهمية السياسية لوجود هذه التماثيل تحت اشرافهم.

بعد الحادث قام عدد من الدبلوماسين المقيمين باسلام اباد بزيارة طالبان لاقناعها بعدم تحطيم هذه التماثيل. وتقول بعض الروايات ان طالبان التزمت بعدم المساس بالآثار. وأشار قرار الامم المتحدة الاخير حول الموضوع الى هذا الالتزام من جانب طالبان. وجاء فيه على وجه التحديد «مناشدة طالبان بالالتزام بوعودها السابقة بحماية الآثار الثقافية لافغانستان من كل انواع العبث والتحطيم والسرقة».

ولكن طالبان كانت تشعر بالاحباط لانها لم تحصل على الاعتراف العالمي الذي كانت تطمع فيه. وقد اقترب وزير اعلامها الملا قدرة الله جمال كثيرا من الاعتراف بهذه الحقيقة عندما قال: «ابلغنا الامم المتحدة ان تذهب الى رباني (حكومة رباني معترف بها من قبل الامم المتحدة وغيرها من المنظمات العالمية كحكومة شرعية لافغانستان) وتطلب منه حماية التماثيل لانها تعترف به».

ولم يكن سفير طالبان لدى باكستان، الملا عبد السلام ضعيف، اقل صراحة عندما قال انه كانت هناك اسباب للابقاء على التماثيل هي المحافظة على العلاقات مع العالم غير الاسلامي. «ولكن بمجرد انفراط عقد تلك الصلات لم يعد هناك سبب للاحتفاظ بها».