وفد مصري يحاول مع هيئة سلامة النقل الأميركية تعديل تقرير كارثة البوينج

TT

علمت «الشرق الأوسط» أن وفداً من مسؤولي القطاعات الفنية لشركة مصر للطيران قد غادر إلى نيويورك للانضمام للمحققين المصريين المتواجدين هناك منذ أسبوعين لمتابعة اللمسات الأخيرة في مسودة التقرير الذي أعدته هيئة سلامة النقل الأميركية حول أسباب سقوط طائرة مصر للطيران رقم 990 قبل عام ونصف أمام السواحل الأميركية ومصرع جميع ركابها (217) راكباً.

وكشف مصدر خاص في القاهرة أن وفداً عالي المستوى شكل من مسؤولي ومهندسي شركة مصر للطيران ومسؤولي هيئة الطيران المدني وممثلين للحكومة المصرية كان مقرراً عودتهم للقاهرة في منتصف الأسبوع الماضي لم يتمكنوا من انهاء مهمتهم في التباحث مع الجانب الأميركي حول تعديل الصياغة النهائية لمسودة التقرير بما يتوافق مع الاطروحات المصرية، وأضاف أن المسؤولين المصريين لا يتوقع عودتهم قبل بداية الأسبوع المقبل.

وكشف المصدر أن مسؤولي مصر للطيران الذين انضموا للمحققين المصريين مؤخراً سيقدمون مذكرة تشمل اعتراضات على ماورد بمسودة التقرير من إلقاء اللوم على الشركة المصرية في متابعة وعدم حسن اختيار طياريها.

وأضاف أن المحققين المصريين اعترضوا على استبعاد التقرير نهائياً لإمكانية تسبب عطل ميكانيكي في مجموعة الذيل في سقوط الطائرة رغم أن المحققين الأميركيين رفضوا بحث هذا الاحتمال وقال ان استبعاد الدفوع المصرية والتي أيدتها جهات دولية متخصصة في الطيران حول عيوب موجودة بالفعل في طراز البوينج 767 كشفت عنها هيئات أميركية وبعضها كشف عنه تعرض نفس الطراز لمشاكل مؤخراً، ورفض عمل الدراسات الفنية اللازمة يطعن في سلامة التحقيقات وقد يطعن في نزاهة المحققين ـ على حد قوله ـ وعلق المصدر بأن الرد المصري النهائي سيعلن بعد تسلم التقرير رسمياً وبعد أن يدرسه الخبراء المصريون ويعدون تقريراً موازياً للرد على التقرير الأميركي على غرار التقرير المصري الذي أرفق بتقرير الحقائق في أغسطس الماضي، وسيتضمن الرد المصري كافة الملابسات التي أحاطت بالتحقيق والمعوقات التي واجهها الجانب المصري في استكمال التحقيقات وكذلك الرد على التفسيرات الأميركية لأسباب الحادث.

وكان من المفترض أن يتسلم الجانب المصري مسودة التقرير النهائي حول أسباب حادث تحطم الطائرة البوينج المصرية في نهاية فبراير (شباط) الماضي، ولكن خلافاً شديداً بين الجانبين المصري والأميركي أسفر عن تأخر صدور التقرير النهائي بعد انسحاب المحققين المصريين في وقت سابق واعلانهم الوصول لطريق مسدود في التفاهم مع الأميركيين الذين أعلنوا رفضهم للمطالب المصرية واصرارهم على استكمال التحقيق بدونها.

وتتضمن مسودة التقرير النهائي التي يبحثها المصريون حالياً تحليلاً للبيانات التي حصلوا عليها من أجهزة الطائرة، بما فيها الصندوقان الأسودان والبيانات والمعلومات الواردة بملف التحقيقات حول أفراد الطاقم والدراسات الفنية التي أجريت بمعرفة خبراء الطيران الأميركيين على حطام الطائرة وكذا تقارير مراقبة الصيانة والجودة التي أعدتها هيئة الطيران الفيدرالي الأميركية.

وفي اتصال مع أحد المحققين المصريين ذكر لـ«الشرق الأوسط» أن التقرير لم يتضمن أي اشارة للمطالب المصرية بشأن الكشف عن صور الرادار العسكري في المنطقة التي تحطمت بها الطائرة والتي كشفت مصادر طيران أميركية عن احتمال تأثر أجهزة القيادة في الطائرة المصرية بالترددات الكهرومغناطيسية وتشويش أجهزة الرادار عليها.

كما لم يرد أي ذكر للتقارير التي رفعها الطياران الألماني والأردني بشأن مشاهدتهما لكرات نارية في نفس منطقة تحليق الطائرة المصرية.

أما في ما يخص الطلب المصري بعمل دراسات على مجموعة الذيل لطائرات البوينج 767 فقد اكتفى التقرير بتأكيد أن التحقيقات التي أجراها الخبراء الأميركيون لم تظهر أن هناك حاجة لبحث مثل هذا الطلب، بما يعكس عدم اقتناع الأميركيين بالنظرية المصرية ورفضهم هذا المطلب أيضاً.

وأضاف المحقق المصري أن الجانب الأميركي لم يتراجع عن القاء اللوم على مساعد الطيار ـ جميل البطوطي ـ والذي يؤكدون أنه كان بمفرده أثناء غلق محركات الطائرة وتوجيهها نحو المحيط، وقال ان الأميركيين يلقون اللوم على الشركة المصرية في عدم متابعة الحالة النفسية لطياريها في إشارة لانتحار الطيار، وأن الصياغة الأميركية الحالية ليست في مصلحة الجانب المصري خاصة الشركة المصرية التي ستتحمل إلى جانب تدمير سمعتها واسمها، التعويضات التي يتوجب عليها دفعها لمئات الضحايا بما يتجاوز مئات الملايين.

وكشف المصدر كذلك أن المحققين المصريين يواجهون تحدياً صعباً، حيث يصر الجانب الأميركي على اغلاق ملف التحقيقات بالشكل الذي انتهى إليه من إدانة للطيار المصري، بينما يحاول المصريون إقناع الأميركيين باستكمال التحقيق والإجابة عن الأسئلة المصرية قبل غلق ملف القضية.

ولا يبدو وفقاً لتأكيدات المصادر ذات الصلة بالقضية أن الجانب الأميركي سيغير من قناعاته خاصة أن ملف الطائرة المصرية يسبب صداعاً للمسؤولين في هيئة السلامة والنقل الأميركية والذين ينظرون إليه كميراث سيء لادارة جيم هول الرئيس السابق للهيئة، ومثالاً للادارة السيئة لمثل هذا النوع من التحقيقات التي يتوجب التخلص منها.

أما الجانب المصري فقد أعلن على لسان مسؤولي التحقيقات في مصر وفي الولايات المتحدة أن سحب التحقيق من الجانب الأميركي أحد الخيارات التي يواجهها المصريون بعد تجاهل مطالبهم وعرقلة مشاركتهم في التحقيقات، وعلق المصدر بأن تجاوب الجانب الأميركي مع المطالب المصرية سيؤخذ في الاعتبار عند اختيار مايمكن قبوله من حلول للقضية.