الصين تؤنب إدارة بوش على معالجتها المتغطرسة لقضية طائرة التجسس

TT

اشتدت حدة المواجهة بين واشنطن وبكين امس، اذ طالب الرئيس الصيني جيانج زيمين، الولايات المتحدة مجددا بتقديم اعتذار عن الاصطدام بين طائرة تجسس اميركية ومقاتلة صينية، كما استدعى وزير الخارجية الصيني تانج جياشوان السفير الاميركي في بكين جوزيف بروير وأنبه على ما وصفه الجانب الصيني بالغطرسة الاميركية في الحادث.

وقال ناطق رسمي ان الوزير الصيني استدعى السفير الاميركي وابلغه: «ان بلاده لم تواجه الواقع وتتحمل المسؤولية.. بل على العكس ظهرت بشكل متغطرس، وقدمت حججا واهية وخلطت بين الصواب والخطأ ووجهت اتهامات لا اساس لها للصين». واضاف تانج قائلا لبروير: «ان الولايات المتحدة ترتكب اخطاء متكررة، فالتصريحات الاميركية لا تنطلق من مجمل وضع العلاقات الصينية ـ الاميركية، ولن تسهم في التوصل الى تسوية مناسبة للمشكلة وان الشعب الصيني مستاء للغاية».

وفي واشنطن، اعلنت المتحدثة باسم مجلس الامن الوطني للبيت الابيض ماري الين كاونتريمان ان الولايات المتحدة لا تنوي تقديم اعتذارات للصين لانها لم ترتكب اي خطأ. وقالت: «ان الولايات المتحدة لم تفعل اي شيء يستدعي تقديم اعتذارات.. اذ لم ترتكب اي خطأ». واوضحت: «كنا في الاجواء الدولية ولم ننتهك اي قانون في هذه الاجواء.. كنا نقوم بعمليات مراقبة مشروعة في الاجواء الدولية».

واشار مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن اسمه الى ان الرئيس الاميركي جورج بوش قد يتصل قريبا بنظيره الصيني جيانج زيمين إن لم يتم اطلاق الطاقم واعادة الطائرة بسرعة. وردا على سؤال حول ما اذا كانت الولايات المتحدة تنوي اتخاذ عقوبات اقتصادية او القيام باحتجاج دبلوماسي، قال: «لا نستبعد ابدا اي احتمال».

الا انه اشار الى ان ادارة بوش بادرت الى الاعتدال وهي تحاول بواسطة القنوات الدبلوماسية اعادة الطائرة وطاقمها الى الولايات المتحدة بدلا من صب الزيت على النار.

ومساء الثلاثاء الماضي، جرى اول اتصال بين دبلوماسيين اميركيين وطاقم طائرة المراقبة الالكترونية، وعددهم 24 شخصا، والتي اضطرت للهبوط في جزيرة هاينان مساء الاحد الماضي، لكن الصين لم تعط ايضاحات حتى الآن عما اذا كانت ستعيد الطائرة وطاقمها كما تطالب واشنطن باصرار.

وقال السفير الاميركي ببكين: «نعمل بواسطة الطرق الدبلوماسية ونركز جهودنا على طاقم الطائرة». واضاف «ان الولايات المتحدة ستحاول الحصول على مخرج للطاقم وتنوي البدء بالاجراءات التي ستؤدي الى الافراج عنهم». ولم يحدد اي موعد لإجراء الاتصال الثاني، في وقت شوهد فيه دبلوماسيون اميركيون صباح امس في هايكو وهم يشترون منتجات للحمام وثيابا داخلية للطاقم المحتجز في ثكنة «نانهانج»، وهي من اكبر الثكنات العسكرية في المدينة.

وقال احد ضباط: «اعتقد انهم تلقوا معاملة شبيهة بتلك المخصصة للمهاجرين غير الشرعيين، اذ لم يسمح لهم بالخروج».

ولمح وزير الخارجية الاميركي كولن باول للمرة الاولى، الى احتمال تأجيل بوش زيارته الرسمية المقررة الى الصين نهاية السنة الحالية اذا استمرت ازمة طائرة التجسس. وقال باول: «دعونا نرى كيف ستسير الامور، لكن هذا لن يسهل بالطبع علاقاتنا». وبدوره، حذر بوش من تدهور العلاقات الصينية ـ الاميركية في حالة عدم الافراج سريعا عن طاقم الطائرة. وقال: «ان الحادث يمكن ان يقضي على آمالانا باقامة علاقات مثمرة بين بلدينا».

واضاف: «لقد منحنا الحكومة الصينية فرصة القيام بالعمل الصائب، لكن لقد آن الأوان لأفراد الطاقم أن يعودوا إلى ديارهم، كما حان الوقت لتعيد الحكومة الصينية إلينا طائرتنا».

واعرب الكونجرس الاميركي بدوره عن غضبه، وطالب الجمهوريون والديمقراطيون الصين بالافراج فورا عن الطائرة وطاقمها وإلا تسببت في انتكاسة للعلاقات قد تضر بكين في امور كثيرة بدءا بالتجارة وانتهاء بالدفاع. وحذر اعضاء الكونجرس من انه اذا رفض العملاق الشيوعي الافراج عن الطائرة والطاقم بسرعة فان بكين قد تدفع الثمن من خلال التشريعات الخاصة ببكين التي سينظر فيها المجلس، اضافة الى القرارات التي تنتظر البت من جانب ادارة بوش.

واعرب الكونجرس الاميركي بدوره عن غضبه وطالب الجمهوريون والديمقراطيون الصين بالافراج فورا عن الطائرة وطاقمها وإلا تسببت في انتكاسة للعلاقات قد تضر بكين في امور كثيرة بدءا بالتجارة وانتهاء بالدفاع. وحذر اعضاء الكونجرس من انه اذا رفض العملاق الشيوعي الافراج عن الطائرة والطاقم بسرعة فان بكين قد تدفع الثمن من خلال التشريعات الخاصة ببكين التي سينظر فيها المجلس، اضافة الى القرارات التي تنتظر البت من جانب ادارة بوش. وأدان مجلس النواب الاميركي امس سجل الصين في مجال حقوق الانسان وزعم بعض اعضائه ان رفض بكين اعادة طائرة التجسس الاميركية وطاقمها سريعا يظهر تعنتها. وقال النائب كريس سميث الجمهوري عن ولاية نيوجيرسي: «ان المواجهة الناجمة عن عدم ارجاع الصين الطاقم يؤكد مجددا مبلغ قسوة السياسات التي تنتهجها دكتاتورية بكين».

وكشف البيت الابيض عن حصول تلف بالغ في المقدمة المخروطية للطائرة وفي اثنين من محركاتها. وقال إن الطائرة هوت في الهواء إثر اصطدامها بالمقاتلات الصينية، لمئات الأمتار قبل أن يستعيد الطاقم التحكم فيها. وقال مصدر امني اميركي أن أقمار تجسس صناعية اميركية أظهرت صورا للطائرة وقد وضعت تحت غطاء مشمَّع، حيث تعرضت معداتها السرية لتفتيش دقيق من قبل الصينيين وكان السفير الأميركي في بكين قد ذكر أن هنالك ما يثبت أن الصينيين تفقدوا، على نحو شامل، الطائرة. واضاف: «ان الطاقم أتلف الأجهزة الحساسة التي على الطائرة قبل هبوطها في القاعدة الجوية لجزيرة هاينان. ويذكر أن واشنطن تعارض تفتيش الطائرة خشية استيلاء السلطات الصينية على أسرار ما تحتويه من أجهزة تجسس متطورة. وكانت واشنطن قد قالت إن الطائرة تخضع للسيادة الأميركية رغم هبوطها في الصين ولا يجوز دخولها إلا بعد الحصول على إذن لكن بكين رفضت ذلك، وقالت إنه يحق لها التحقيق في الحادث بالشكل الذي تراه. وكان الرئيس الصيني قد اعرب عن قلقه إزاء مصير قائد المقاتلة الصينية الذي فقد بعد الحادث. وقال إنه لدى السلطات الصينية أدلة تثبت أن الحادث وقع نتيجة خطأ ارتكبه قائد الطائرة الأميركية. وفي تايبيه اعربت الحكومة التايوانية عن قلقها إزاء تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين. وقالت وزارة الدفاع التايوانية إنها تراقب الموقف عن كثب، وإنه حتى الآن لا توجد أدلة على تكثيف الأنشطة العسكرية الصينية. وقالت مصادر امنية تايوانية ان الطائرة الاميركية كانت تتجسس على مدمرات صينية، وان أجهزة رادار تايوان الحربية التقطت الطائرة وهي تطير في دوريات كاملة وعلى ارتفاع منخفض وسرعة 250 كيلو مترا فقط بالقرب من احدى مدمرات سوفريميني الصينية المصنوعة في روسيا والتي تسلمت منها بكين اثنتين وتتفاوض على شراء اثنتين أخريين.

واوضحت: «أن هذه ليست أول مرة حاولت فيها طائرات الاستطلاع الاميركية التجسس على هذا النوع من المدمرات الصينية عالية السرعة، والذي يوصف بأنه أكثر ما لدى البحرية الصينية تقدما ويشكل تحديا لحاملات الطائرات الاميركية بما تمتلكه من صواريخ مضادة للسفن المتطورة».

واشارت الى ان المخابرات التايوانية التقطت وقائع الحادث بالرادار، واستمعت للحوار المتبادل مع قادة الطائرة. واكدت أنها أجبرت على الهبوط عندما اعترضتها المقاتلتان الصينيتان، وأن احدى المقاتلتين لم تستطع مجاراة الطائرة الاميركية في الطيران المنخفض لاختلاف محركاتهما، مما دفعها لابطاء سرعتها بالاستدارة، لكنها ارتطمت بالطائرة الاميركية.

وحضت تايبيه امس واشنطن على تسليمها الاسلحة التي تطالب بها للدفاع عن نفسها في مواجهة الصين لتقطع بذلك الصمت الذي لزمته منذ بدء ازمة طائرة التجسس بين واشنطن وبكين. وقال رئيس الوزراء التايواني تشانج شون ـ هسيونج انه يجب عدم التضحية بمصالح تايوان في اي اتفاق لحل الازمة الحالية بين الصين والولايات المتحدة.