وزير الدولة الكويتي للشؤون الخارجية: النظام العراقي يعيش في كوكب آخر وشعبه رهائن في طائرة .. اختطفها صدام

الشيخ محمد صباح السالم لـ«الشرق الأوسط»: ذهبنا إلى قمة عمان بنية تسوية كل الخلافات

TT

اتهم الشيخ محمد صباح السالم وزيرالدولة للشؤون الخارجية الكويتي النظام العراقي بانه «لا يريد أن يرفع الحصار عن شعبه»، مشبها الشعب العراقي «برهائن طائرة مختطفة من قبل صدام». وأكد في حديث مع «الشرق الأوسط» خلال زيارته الأخيرة الى بريطانيا، أن «الكويت ذهبت الى القمة العربية الاخيرة وهي مصممة على إنجاحها وتسوية كل الخلافات، إلا أن النظام العراقي الذي يعيش في كوكب آخر أثبت للقادة بأنه نظام غير واقعي ولا يعرف ماذا يريد».

وأعلن الشيخ الصباح أن «الكويت مستعدة لمساندة المعارضة العراقية للإطاحة بالنظام»، لكنه في الوقت ذاته رأى أن «المعارضة الحقيقية هي الشعب الذي يعيش بالداخل، والذي لا يمكن التدخل بأمره لأنه شأن داخلي ولم تعتد الكويت التدخل بخصوصيات الدول». وحول الترسانة العسكرية الايرانية المتنامية وقلق دول المنطقة منها قال الشيخ الصباح ان هذا «أيضا شأن داخلي، بالإضافة الى أن إيران هي التي تعرف ما إذا كانت بحاجة الى هذه الترسانة أم لا»، مؤكدا أن الكويت «ترتبط وإيران بعلاقات جيدة، وأن القضية الحالية بينهما هي الحدود البحرية والجرف القاري».

* لماذا تغير المسمى بين الكويت والعراق من عدوان الى حالة قبل القمة العربية الأخيرة؟

ـ كانت هناك خطوط رئيسية، ودائرة تشاور ما بين الكويت والسعودية والدول الخليجية، بالاضافة الى مصر وسورية والاردن ولبنان واليمن قبل بدء القمة، ولقد أظهرت الكويت كامل استعدادها للتعاون مع العراق وحل كل القضايا الشائكة، وتنازلنا عن المسمى، بالاضافة الى أكثر من ورقة عمل قدمت في الاعمال التحضيرية لوزراء خارجية الدول العربية، وكان هناك شبه إجماع على الافكار المطروحة ومن بينها مطالبة مجلس الامن الدولي برفع الحصار عن الشعب العراقي والتزام النظام العراقي بالقرارات الدولية، خاصة المتعلقة بالكويت، وأهمها قضية الاسرى، لكن هذا النظام رفض الاجماع العربي المكون من 14 دولة وتكشف للجميع أنه لا يريد التعاون ورفض الترتيبات اللازمة لعودة استئناف رحلاته الجوية أو رفع الحصار بحجة أنه يريد من القمة قرارا «وليس مطالبة برفع العقوبات»!! وقال النظام العراقي ان قضية أسرى الكويت من الامور التافهة والهامشية مبررا أن لديه أيضا أسرى وسيتم التناقش بالقضية في ما بين البلدين من دون الرجوع والعودة الى مجلس الامن الدولي، وهو يريد بذلك تهميش الشرعية الدولية كلية، وعدم العودة لها كمرجعية، وبالتالي فمن الطبيعي أن نرى استهجانا عربيا في القمة الاخيرة لهذا النظام سواء من القادة أو الوزراء، بل تيقن للجميع أن موقف النظام كان بمثابة الصاعقة وأنه يعيش على كوكب آخر ولا يعيش بالواقع، فهو يرفض المساعدة والجميع رأى (العاهل الاردني) الملك عبد الله حينما رفع يده بالقمة وأنهى الحالة، والكويت كانت مصممة على إنجاح القمة وهذا ما جاهدت من أجله، ولقد خرج الجميع بقناعة واحدة وهي أن العراق لا يريد أن يساعد نفسه، وقد صرح الملك عبد الله بان العراق فوت على نفسه فرصة ذهبية، وحتى المتعاطفون مع النظام باتوا على قناعة بان العراق هو الذي أوجد الحالة التي يعيشها ويريد أن يبقي الحصار على شعبه، وحتى صحيفة عدي صدام حسين أطلقت التهم على الوفد العراقي (الى القمة) بأنه هو الذي أفشل القمة، ولقد رفض العراق وبكل اسف ان يمنح الشعبين العراقي والكويتي الاستقرار والامن.

* ماذا تريد الكويت من العراق بالضبط في ما يتعلق بالضمانات الأمنية؟ ـ ما يهم الكويت أن يتعهد العراق بعدم تكرار عدوانه، وتثبيت ممتلكاتنا المسروقة وإرجاعها، وعودة الاسرى واستقرار منطقة الشرق الاوسط ودول الخليج ووقف أي أعمال عسكرية وغير عسكرية تتم خارج نطاق قرارات مجلس الامن.

* يرى العراق أن حظر الطيران المفروض عليه غير شرعي؟

ـ ليس هناك شرعي وغير شرعي، فبعد تحرير الكويت وقع العراق على اتفاقية صفوان وهي اتفاقية مع قوات التحالف، وترتكز على ثلاثة بنود واضحة وصريحة وافق عليها النظام العراقي، وهي تقيد صدام حسين بوقف إطلاق النار ومنع العراق من استخدام طيرانه جنوب خط 32 بالاضافة الى نزع اسلحة الدمار الشامل وقرار 688 لحماية الشيعة في الجنوب والاكراد في الشمال، وقرار 949 بعدم تحريك قواته جنوب خط 32 لكي لا يهدد جيرانه. ولقد اتخذت هذه القرارات في مجلس الامن بالاجماع ومع هذا طلب الصحاف (وزير الخارجية العراقي) منذ فترة من كوفي أنان(الامين العام للامم المتحدة) أن يدين حظر قرار الطيران الا أن هذا الاخير رد عليه أنه لا يمكنه إدانة قرار صادر من مجلس الامن الدولي وهو قرار شرعي.

* بعد فشل الحالة وتمسك العراق بنواياه هل يعني هذا أن تتحرك الكويت لدعم المعارضة العراقية للاطاحة بالنظام؟

ـ إنجاح ودعم المعارضة هو دعم للشعب العراقي وهذا الاخير برأيي هو المعارضة الحقيقية، وأشبه الوضع في العراق بأن صدام حسين مختطف طائرة بها الكثير من الرهائن والشعب هم الرهائن ولا يريد الافراج عنهم، والكويت خائفة على الركاب ولكن أيضا ما يعنينا بالاساس هو نوايا النظام تجاه الكويت، أما تجاه شعبه فهو أمر ووضع داخلي لا نريد التدخل به، وهنا أعود للسؤال الاول حول تغيير اسم العدوان الى حالة وقبول الكويت بذلك وتوقعنا حصول مثل هذا القبول برسالة من بغداد، لكن عدي (صدام حسين) كان قد بعث برسالة طالب فيها بضم الكويت من جديد الى العراق وقد عزز هذا الكلام طه ياسين رمضان حينما قال ان 99% من الشعب العراقي يؤيد ضم الكويت للعراق وهي لغة جميع المسؤولين في النظام العراقي، ورغم هذا فاننا في المقابل ندرك معاناة الشعب العراقي ونطالب بتخفيف العقوبات المفروضة عليه وهي مطالبة أيضا سعودية وخليجية وعربية، ولما كان الشيخ صباح الاحمد وزير الخارجية يتكلم عن الموضوع في القمة كان الصحاف يكيل الشتائم للكويت ويسب ويهاجم، بل قال الصحاف انه سينشأ جيل عراقي سيبيد الكويتيين عن بكرة ابيهم، فنحن نعمل على تغيير المسمى وتحقيق التضامن العربي وهم يعملون على التباعد ولغة الشتيمة المحببة لديهم، ويبدو أن النظام العراقي يرى أن على الكويت أن تعتذر من العراق لانه غزاها عام 1990.

* ماذا عن فتح ثغرة في الحدود العراقية ـ الكويتية لنفاذ قوات المعارضة العراقية؟

ـ مجلس الامن والعالم والمجتمع الدولي تكفل برسم الحدود بين العراق والكويت بعد ان تم تشكيل لجنة مكونة من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الاميركية، وتم رسم الحدود بين البلدين، وصدر قرار بالاجماع من المجتمع الدولي وهو أمر يحدث لاول مرة في العالم، ولهذا فإن الحدود الان لها حرمتها وهي حدود مؤمنة ولا أعتقد أن هناك حدودا مؤمنة أكثر من حدودنا مع العراق، ومن هنا فإن حدودنا مع العراق تحت حماية دولية، ولن نفتح ثغرة صغيرة أو كبيرة، وللعراق 5 دول جارة أخرى يمكن النفاذ عن طريقها، أما حدودنا مع العراق فهي مغلقة ولن تفتح.

* هل ترحب الكويت بمبادرات عربية جديدة بينكم والعراق وهل حدث هذا بعد القمة ؟

ـ نحن نرحب بكل المبادرات العربية وغيرها، وأعتقد أن هناك قرارات دولية موجودة بالاساس لابد على النظام أن يلتزم بها وبالذات قضية الاسرى وعلى العراق فقط تنفيذ كل القرارات المفروضة عليه والمطالب الكويتية برأيي عادية وحق من حقوقها.

* ماهي الحاجة للضمانات الأمنية في ظل اتفاقيات الدفاع المشترك؟

ـ الضمانات الامنية قبل كل شيء تبدأ بعلاقة الشعب والحاكم، ولله الحمد في الكويت العلاقة بين هذين الطرفين تقوم على الحب والترابط فالجميع على قلب واحد، أما الاتفاقيات الامنية فهي أن لدينا جارا لا نأمن شره، وهو لديه مطامع علنية ولهذا لا بد من حفظ أمن واستقرار البلد، بالاضافة الى أن لدينا تجربة مع هذا الجار يوم قام بغزونا في يوم الخزي والعار العربي، ولو أنه احدث تغيرا في نواياه لوجد كل الترحيب من الكويت والدول العربية لكنه لا يريد كما ذكرت مساعدة نفسه والان الكرة في ملعبه، لكن للاسف نواياه تبقى شريرة.

* إيران تقوم بعملية تسلح ضخمة الا تعتقد أن هذا الامر يخلق توترا في المنطقة؟

ـ كل دولة لها الحق في أن تحدد من خلال منظورها ما هي المخاطر التي تواجهها والاحتياجات اللازم توفيرها للحفاظ على أمنها واستقرارها ولا يحق لي أن أتحدث بلسان إيران، لانني أيضا لا أوافق أن يتحدث الجانب الايراني على لساني في المقابل، وأرى أنها خصوصية إيران، ولكني أقول انها دولة صديقة وجارة ومسلمة ولدينا الكثير من التعاون والترابط المشترك.