مزرعة بوش في تكساس نموذج لتكنولوجيا حماية البيئة وملاذ للهرب من ضغوط البيت الأبيض

المنزل يستخدم الحرارة الجوفية والمياه يعاد استخدامها بالري ولا توجد أي سلالم لراحة كبار السن عند زيارتهم

TT

أثار الرئيس الأميركي جورج بوش الفزع في أوساط أنصار حماية البيئة منذ وصوله إلى البيت الأبيض بسبب خفض بعض مستويات المياه النقية والاستمرار في التنقيب عن النفط في بعض المناطق البرية، غير ان منزله ومزرعته يعتبران نموذجا للتكنولوجيا التي لا تلحق ضررا بالبيئة. فبوش يستخدم الحرارة الجوفية في نظامي التدفئة والتبريد بمنزله، كما ان مياه الأمطار ومياه الاستعمال المنزلي يعاد استخدامها في الري، علاوة على ذلك، فان السيدة الأولى، لورا بوش، تحتفظ بأنواع من الزهور والحشائش البرية في المنزل.

وبصورة عامة، فان المحيط الطبيعي لمزرعتهما يعكس ما يحب الرئيس الأميركي وعقيلته في مزرعتهما. الأصوات الوحيدة التي تسمع هي زقزقة العصافير وهفيف الرياح وسط أوراق أشجار البلوط والأرز. ففي بيتهم الأبيض بتكساس تجد أسرة بوش الهدوء والعزلة والطمأنينة. ورغم وقوف ضباط الأمن على بعد بضع مئات من الأمتار من منزل آل بوش المشيد من حجر الكلس ورغم مناظير المراقبة المنصوبة تحت الأشجار لرصد أي متطفل، فان هذا المكان يعتبر الأفضل في العالم بالنسبة لأسرة بوش. لورا بوش تصف هذا المكان بأنه «ملاذ» لهما وتقول انه المكان الذي يريدان ان يقضيا فيه بقية حياتهما. يقضي بوش وزوجته عطلة عيد الفصح في مزرعتهما الخاصة حيث يتوقع وصول جورج بوش الأب وزوجته باربرا وجينا ويلش، والدة لورا والابنة جينا، التي تدرس بجامعة تكساس، فيما ستبقى الابنة باربرا في ييل.

قالت لورا بوش في مقابلة أجريت معها يوم الخميس وهي تجلس في رواق منزلهما انه انسب مكان يهربا إليه من ضغوط البيت الأبيض. كان من المفترض ان ينتهي العمل في البيت في يوم الانتخابات، غير ان بوش وأسرته لم ينتقلا إليه إلا بعد حفل تسلمه مهام منصبه رسميا. لم يكتمل بعد تأثيث غرف ابنتي بوش التوأم (19 عاما). اما دمى مرحلة الطفولة فتوجد على أرضية غرفة المكتب التي ستقتسمانها بانتظار حاملات لوضعها على أرففها.

يعشق آل بوش المنظر الطبيعي الريفي للمزرعة التي تبلغ مساحتها 1583 فدانا، إذ يريدون منزلا ومنظرا يستمتعان به مع الأسرة والأصدقاء. تقول لورا بوش انهم أرادوا التأكد أولا من انسجام المنزل مع المنظر الطبيعي للأرض، وتضيف انه بالفعل منسجم خصوصا مع البيت التحتي وحجر الكلس الذي يضفي بعدا طبيعيا على المنظر الريفي الرائع .

يمتد المنزل المكون من طابق واحد وثماني غرف باتجاهي الشرق والغرب ولا توجد فيه سلالم حتى عند المداخل. وتشير لورا بوش إلى انه ليس هناك حتى عتبات، مضيفة انهم يريدون ان يشعر آباؤهم وأمهاتهم كبار السن بالراحة عند زيارتهم، كما تؤكد انهما يريدان ان يقضيا في هذا المنزل بقية حياتهما ويشيخا فيه.

يعلو السقف الشرفة الرئيسية، فعندما تمطر السماء يمكن الجلوس على الشرفة ومشاهدة تدفق مياه الأمطار دون بلل، وهناك قناة اسمنتية توجه مياه الأمطار إلى صهريج سعته 25 ألف جالون يستخدم في ري المزرعة. وفي الطقس الحار تمتاز منطقة السطح التي تعلو الصهريج ببرودة أكثر من المنطقة المحيطة. تنقل مياه الاستحمام والأحواض والمراحيض بالمنزل إلى خزانات أرضية للتنقية، فهناك خزان لتنقية المياه التي استخدمت في الاستحمام وأحواض الحمامات وهي ما يطلق عليه «المياه الرمادية»، وهناك خزان آخر لـ«المياه السوداء» وهي المياه التي استخدمت في المطبخ والمراحيض. تنقل هذه المياه بعد تنقيتها عبر قنوات إلى صهريج مياه الأمطار لاستخدامها في ري زهور حديثة والأشجار المزروعة حديثا وكذلك في حديقة أكبر حجما لزراعة الزهور والأعشاب خلف منزل الضيوف المكون من غرفتين.

يستخدم في منزل بوش نظام تبريد وتدفئة يعتمد على الحرارة الجوفية وهو يستخدم حوالي 25 في المائة فقط من كمية الكهرباء التي تستهلك في التدفئة والتكييف. هناك عدة ثقوب يصل عمقها إلى 300 قدم داخل باطن الأرض حيث تصل درجة الحرارة إلى 67 درجة. الأنابيب الموصلة بطلمبة حرارة داخل المنزل توزع المياه داخل الأرض وتستخدم في تدفئته شتاء وتكييفه صيفا. وتأتي المياه المدفاة للبرك الخارجية من نفس النظام الذي اثبت كفاءة إلى درجة إلغاء خطط أولية لاستخدام لوحات للطاقة الشمسية.

ليس ثمة شك ان كل هذه التفاصيل تشير إلى مراعاة واضحة للجوانب البيئية وترشيد استخدام الموارد، غير ان السبب في ذلك هو توفير المال وتوفير المياه التي تعتبر نادرة في هذا الجزء الحار من ولاية تكساس.

يقول المهندس الذي صمم المزرعة ان لورا بوش اتخذت القرارات الخاصة بالأثاث، مؤكدا ان البساطة ظلت سمة مميزة للأثاث ومقابض الأبواب والخزانات. بوش، من جانبه، يقول انه يريد استخدام المزرعة كمتنفس لأكبر وقت ممكن، فقد نجح في جدولة عطلات طويلة خلال نهاية الأسبوع لقضائها هناك منذ تسلمه الرئاسة في يناير (كانون الثاني) الماضي، كما ان لورا تقضي وقتا أكثر منه، إذ تأتي أحيانا إلى المزرعة بدونه.

خلال فترة تشييد المنزل كانت أسرة بوش تسكن في منزل قديم في المزرعة ونقلوا بعضا من الأثاث من المنزل القديم إلى الجديد الذي يطلق عليه «منزل الحاكم»، غير انهم تركوا في المنزل القديم اثنين من الأشياء المفضلة لديهم هما لوحة تذكارية معلقة على أحد جدران غرفة استقبال الضيوف وصف من المقاعد اخذ من إستاد دالاس القديم للبيسبول. يستخدم البيت القديم الآن كمنزل للضيافة لاستقبال مساعدي البيت الأبيض في غالبية الأحيان.

لا يمكن لآل بوش الهروب من التدخل في حياتهم العامة حتى عند وجودهم بالمزرعة، ففي نهاية أحد الطرق الخاصة حاجر أمني يفتح عند السماح للسيارات بالدخول، كما ان رجال الأمن يقيمون في مقطورة مكيفة الهواء في مكان كان من المفترض ان يكون فيه صندوق البريد، كما ان هناك بيتا صغيرا جديداً داخل المنزل ينام فيه رجال الأمن.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»