أحمد موساوي وزير الشبيبة والرياضة المغربي: لا شيء تكسر في الحركة الوطنية الشعبية وأملنا أن يعود الجميع إلى جادة الصواب

TT

يعيش حزب «الحركة الوطنية الشعبية» احد أقدم الاحزاب السياسية المغربية مخاضا عسيرا هذه الايام بفعل احتدام الصراع بين الامين العام للحزب المحجوبي احرضان واعضاء من مكتبه السياسي، ورغم ان جوهر الصراع غير معروف أو على الاقل لا يقوم على أسس ايديولوجية او مواقف سياسية، الا انه تصاعد حتى وصل الى درجة صدور قرار طرد ثلاثة من اعضاء المكتب السياسي، وكرد فعل على ذلك اصدر الاعضاء المطرودون قرارا يقضي بتجميد مهام الامين العام للحزب.

وأمام تضارب المواقف، ووسط حملة التصعيد بين الطرفين تحول الصراع الى تبادل الاتهامات، كان اقساها تلك التي وجهها الامين العام للحزب لمن سماهم بـ«المطرودين» عندما اتهمهم بمحاولة تهديده بالقتل وذهب به الغضب الى حد وصفهم بـ«القردة». ورغم ذلك هناك من يتلمس له العذر من بينهم الوزير أحمد موساوي وزير الشبيبة والرياضة وعضو المكتب السياسي للحزب المغضوب عليه الذي التقته «الشرق الأوسط» وكان معه الحوار التالي.

* ماذا يحصل حاليا داخل «الحركة الوطنية الشعبية»، فمن طرد من؟

ـ الحاصل الآن داخل «الحركة الوطنية الشعبية» له جذور تعود الى خمسة او ستة شهور، أي قبيل التعديل الحكومي الاخير، بسبب خلاف بسيط حول التعديل الحكومي وانتخاب رئيس مجلس المستشارين. وبدأت الفجوة تتسع بين الاطر والمسيرين وهياكل الحزب، وتحول الحزب الى مجموعة طوائف، كل طائفة تدافع عن مصلحتها والاخطر من ذلك ظهرت طوائف لا علاقة لها بالنزاع الذي كان قائما، فكان هدفها خلق البلبلة. وامام هذه الوضعية تكونت مجموعة من المسؤولين الذين بدأوا ينادون بضرورة معالجة هذه الوضعية الناجمة عن تضارب المواقف والآراء بل وحتى المصالح الشخصية البحتة. وكان رأي هؤلاء الناس ان الحل يكمن في تنظيم الحزب، فنحن من قبل كنا مثل مقاولة عائلية، يوجد على رأسها اب يقوم بتوزيع المهام في الصباح وفي المساء يلتئم الجميع حول نفس المائدة تحت رعاية الاب، لكن بعد ارتفاع عدد نواب الحركة داخل البرلمان، ودخولنا الى الحكومة الذي كان له اشعاع اكبر، اصبح لزاما علينا ان نوضح آراءنا وان نحدد مواقفنا بكامل المسؤولية بحكم وجودنا داخل الجهاز التنفيذي، وتحولت المقاولة العائلية الى شركة مجهولة الاسم، مما اصبح يتطلب وجود قانون ينظم تسييرها بطريقة محكمة وعلمية، ويحدد مهام كل اعضائها. لذلك بدأنا ننادي بنوع من الاصلاح في اطار المشروعية وتطبيق القانون، و لتنفيذ هذه الاصلاحات اصبح ضروريا تفعيل المكتب السياسي الذي لم يجتمع منذ سنوات، فطلبنا من السيد الامين العام ان يدعو الى عقد اجتماع له، وبعد جهد جهيد اجتمعنا، واتفقنا على تشكيل اربع لجان: لجنة التنظيم، لجنة الاعلام، لجنة المالية، ولجنة اعادة النظر في خطابنا السياسي وتحيينه، واجتمعت كل هذه اللجان واتخذت قرارات لكن قراراتها لم تنفذ وطالبنا بالعودة الى المكتب السياسي لحسم الموضوع، لكن هذا لم يتم.

* بالنسبة لك هل تعتبر نفسك في الحزب بعد صدور قرار الطرد في حقك؟

ـ لقد صدر قرار بالتراجع عن الطرد، ألم تطلع عليه؟

* نعم اطلعت عليه، لكن التصريحات التي صدرت بعد ذلك عن الامين العام تؤكد تشبثه بقرار الطرد، فمن نصدق؟

ـ هذا موقف غريب، فهو اصدر بيانا بالطرد، وبعد ذلك اصدر بيانا يلغي قرار الطرد، واذا كان اليوم كما تقول قد صرح بانه متشبت بقرار الطرد، فلا علم لي بذلك، ولا يمكن أن نتعامل مع مثل هذا الوضع الغامض، وبالنسبة لي اجزم بانني عضو في «الحركة الوطنية الشعبية» وسأبقى عضوا داخلها، لأنه حتى بالنسبة لقرار الطرد الاول لم يستند الى اي مبرر قانوني، فمن الاخلاقيات التأديبية داخل الهيئات التي تحترم نفسها، ان تعطي للشخص المستهدف بالتأديب فرصة الدفاع عن نفسه امامها، ومن اخلاقيات لجنة التأديب ايضا ان يكون اعضاء هذه اللجنة من نفس مستوى الشخص المراد تأديبه او ارفع، فحتى داخل الادارة لا يمكن ان تكون اللجنة التأديبية مكونة من موظفين بسطاء ويمثل امامها موظفون من درجة عليا، فالتأديب حتى في ثقافتنا الشعبية يصدر من الشخص الاكبرسنا أو مرتبة أو علما. وبالنسبة للجنة التأديبية التي شكلها السيد الامين العام من بين موظفي الحزب ومتقاعدين ومن لا شغل لهم فهي لم تراع مستوى الاشخاص المراد تأديبهم من برلمانيين ووزير كلهم قدامى في الحزب أكثر من 25 سنة، كما لم تمنحهم حق الدفاع عن انفسهم امامها، لذلك نحن نعتبرها غير مشروعة وقراراتها لاغية.

وعندما صدر هذا القرار اول مرة استغربنا الامر، ولم نجد له سوى مبرر واحد، نتمنى ان يكون صحيحا، وهو انه جاء نتيجة نوبة غضب انتابت السيد الامين العام على اثر ما حصل في وجدة والناضور (شرق المغرب)، وذلك بفعل تقدمه في السن ولكونه كان يعتبرنا مثل ابنائه، نحن نعتبر ان ما حصل هو نتيجة حالة غضب ليس الا، ونتمنى ان تسوى المشاكل بناء على هذا الافتراض.

* وماذا عن قراركم بتجميد مهام الامين العام، هل كان هو الآخر مجرد ردة فعل على غضبة الامين العام؟

قرار التجميد صادر عن المكتب السياسي طبقا لأحد الفصول من القانون الأساسي، وبما أن لا شيء تكسر، فما زال عندي أمل بأن يعود الجميع الى جادة الصواب في اطار القانون التي ينظم الحزب، كما أنه علينا أن نراعي بأننا نعيش داخل دولة الحق والقانون التي تفرض تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء بما في ذلك الهيئات السياسية والنقابية وغيرها.

* انت تتحدث عن الامين العام/الاب، وهو عندما يتحدث عنكم يصفكم بالابناء العاقين، وكونك تريد اصلاح ذات البين هل يمكن ان تعتبرها توبة الابن العاق؟

ـ معاذ الله ان نكون ابناء عاقين، نحن ابناء «الحركة الوطنية الشعبية»، ونطالب بتطبيق القانون بشفافية ووضوح وفي اطار التوجه الذي ينبغي ان تتخذه هيئتنا السياسية حتى تكون في خدمة المصلحة العامة للبلاد، نحن لسنا ابناء عاقين، لاننا نريد الخير لهذه الاسرة بما فيها الاب.

* الامين العام يقول ان تصرفكم جاء بسبب اقتراب الانتخابات، ولكونكم ايضا تريدون منافسة طارق يحيى (احد اعضاء الحزب الذي كان التحاقه اخيرا به سببا في انفجار الازمة)، فالى اي حد هذا الكلام صحيح؟

ـ ما هو حاصل الآن لا علاقة له بطارق يحيى، فهذا الاخير جاء مطرودا من حزب آخر وآراد ان يلتحق بحزبنا بطريقة مخالفة للقانون، فالقانون ينص ان على كل منخرط جديد في الحزب يجب ان يسجل في الخلية او المكتب المحلي الذي ينتمي اليه قبل ان يعترف به كعضو داخل «الحركة الوطنية الشعبية»، وهذا الشخص لم يتبع الاجراءات التي ينص عليها القانون، وأراد ان يدخل الحزب من القمة، واكثر من ذلك فقد تم رفضه بالاجماع من قبل الفريق النيابي للحزب داخل البرلمان.

* من وراء تصرفكم الاخير، فهنالك الكثير من الكلام حول وجود وزارة الداخلية وراء موقفكم برفض قبول عضوية طارق يحيى داخل الحزب، خصوصا بعد التصريحات التي نسبت له وكان فيها انتقاد لهذه الوزارة؟

ـ استغرب لهذا السؤال، واستغرب اكثر كيف يخطر على بالك طرح مثل هذا السؤال، فنحن لا مشكلة لنا مع اي احد، وكل الكلام الذي يروج لا أساس له من الصحة.

* اذن تريد ان تفهمني انكم تصرفتم من تلقاء انفسكم كاعضاء داخل المكتب السياسي ليس الا، رغم ان الامين العام يقول ان اعضاء المكتب السياسي لهم صفة استشارية ولا يحق لهم اتخاذ قرارات، فمن نصدق؟

ـ انت تردد ما يقال، وانا ادعوك الى العودة الى القانون الاساسي للحزب، وعندها ستجد ان المكتب السياسي هو هيكل لتنفيذ وتتبع السياسة العامة للحزب بصفة مستمرة، وبذلك فهو أعلى هيأة في الحزب مثل جميع الأحزاب الديمقراطية.

* قلت إن الحزب حقق مكتسبات، وانكم تشتغلون في الخفاء والعلن، ومع ذلك فهو لم يعقد مؤتمره منذ ازيد من عشر سنوات، وبالتالي فهيئاته التنظيمية انتهت مدة صلاحياتها منذ فترة، فكيف يسير الحزب؟

ـ كان آخر مؤتمر عقده الحزب عام 1991، وكان ينبغي ان نعقد مؤتمرنا العادي قبل اربع سنوات، لكن نظرا لظروف معينة، خاصة ان الاعوام الماضية عرفت الكثير من الاستحقاقات على المستوى الوطني بما فيها تنظيم الانتخابات مرتين وتعديل الدستور، فنحن مثل جميع الاحزاب لم نستطع عقد مؤتمرنا لأن الظروف لم تكن مواتية، ورغم ذلك فقد كنا نطالب بعقده في وقته نظرا للانشقاق الذي عرفه الحزب والهزات التي تعرض لها والتي أصبحنا نعيشها كل خمس أو ست سنوات منذ الستينات.

* يتهمكم الامين العام للحزب بانكم تستفيدون من الصفقات العمومية بنسب تتراوح ما بين 10 حتى 20 في المائة، فما ردك على مثل هذا الاتهام؟

ـ لا أظن أنه يقصدني لأنه يعرفني جيدا. هو لم يتهمني شخصيا، وانما قال «انظروا الى بيوت اولئك الناس كيف كانوا وكيف اصبحوا؟»، وبيتي يشهد على ما أقول، فالامين العام سبق له ان زار بيتي قبل وبعد ان توليت الوزارة، وأتمنى ان يزوره يوما ما ليخجل اذا كان يقصدني بالفعل.

* هذا الكلام لم يقله اي احد، وانما جاء على لسان الامين العام للحزب الذي تنتمي اليه؟

ـ اعتقد ان الامين لم يكن يقصدني شخصيا لانه دخل الى بيتي ويعرف كل شيء عن نزاهتي، ولديه قناعة بهذا الخصوص.

* لكنه عندما يتحدث عن الصفقات يبدو وكأنه يعنيك انت والوزير سعيد شباعتو؟

ـ قد يكون هذا من مخلفات الماضي في ذهن بعض الوزراء السابقين، وقد يكون آنذاك لا يفكرون الا في ذلك (البيوت والصفقات) أما الآن فالامور أصبحت واضحة، والكل يعرف مدى نزاهة الفريق الحكومي الحالي ككل، والذي لا يمكن ان تدنس نزاهته بمثل هذا الكلام الذي يردده بعض الناس ممن لا هم لهم الا انتقاد الحكومة، فاذا كانت هناك خصوصية لهذه الحكومة، فهي الشفافية والنزاهة التي تعمل في اطارها ولا شك أنك كصحافي ستكون يوما من الشهود على ذلك.