الصراعات الداخلية ونقص التمويل تمنع «أحزاب الموز» المصرية من خوض انتخابات مجلس الشورى

TT

فجر ظهور حزب مصر 2000 على الساحة الحزبية في مصر الاسبوع الماضي بعد حكم قضائي للمحكمة الادارية العليا بقبول تأسيسه الأوضاع الراهنة للأحزاب المصرية والتي بلغ عددها بالحزب الجديد 16 حزباً، خاصة ان تأسيس حزب «مصر 2000» تزامن مع مضي ربع قرن على بدء تجربة التعددية الحزبية كانت فيه غالبية أحزاب المعارضة «مهمشة» ومنقسمة على نفسها لدرجة ان أكثر من 8 أحزاب لم تدفع ولو مرشح واحد لانتخابات البرلمان الأخيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وليس لديها النية لخوض انتخابات التحديد النصفي لمجلس الشورى بعد 8 أسابيع قليلة لعدم وجود مرشحين لها على مستوى المنافسة ونقص التمويل اللازم لحملات الدعاية الانتخابية مما جعل كثير من السياسيين على هذه الأحزاب مسميات ساخرة مثل «أحزاب الموز» و«أحزاب الأنابيب» قياساً على تجربة أطفال الأنابيب أو الأحزاب الورقية.

ويكشف الواقع الراهن للأحزاب المصرية عن صراعات حادة ومشاكل مالية وادارية حدت من ممارسة دورها السياسي وتنفيذ ولو نسبة ضئيلة من برامجها الحزبية الذي على أساسه حصلت على تفويض من لجنة شؤون الأحزاب بمجلس الشورى أو المحكمة الادارية العليا لممارسة دورها الحزبي فيما نجت احزاب قليلة جدا من داء الصراعات الداخلية، ففي حزب الاحرار يتنازع 9 من قيادات الحزب على رئاسته بعد وفاة رئيس الحزب ومؤسسه مصطفى كامل مراد قبل عامين.

وفي حزب مصر الفتاة يتنافس 4 على رئاسة الحزب وكل منهم يزعم انه الرئيس الحقيقي للحزب بعد أن عقد كل واحد منهنم مؤتمرا عاما بين انصاره لتنصيبه رئيسا للحزب وابلاغ لجنة شؤون الأحزاب، بذلك الاختيار يتكرر نفس الأمر في حزب العدالة الاجتماعية حيث يتنازع اثنان على رئاسة الحزب وايضا حزب العمل حيث يتنازع 3 على رئاسة الحزب ونفس الأمر في حزبي «الأمة» و«الشعب الديمقراطي»، لكن حزب الخضر «تجاوز أزمة التنازع على رئاسة الحزب بأن جعل للحزب رئيسين متناوبين فيما ينشغل حزب مصر العربي الاشتراكي بدعاوى قضائية ضد الحزب الوطني الحاكم يتهم فيها حزب الحكومة بالاستيلاء على 242 مقرا مملوكة له».

ويرجع عبد الغفار شكر الأمين العام المساعد لحزب التجمع المعارض ضعف الدور الحزبي في الشارع المصري الى مشاكل عديدة من بينها حرمان احزاب المعارضة من استخدام أجهزة الاعلام القومية كالاذاعة والتلفزيون والصحف القومية بشكل كاف مما يحرمها من الاتصال الجماهيري وتشكيل الرأي العام بنفس المساحة للحزب الوطني الحاكم مشيرا الى أن الاعلام يتعمد في بعض الاحيان تشويه صورة احزاب المعارضة أو تعتيم نشاطها مما يحرمها من عرض وجهة نظرها في القضايا القومية والوطنية على نطاق واسع لكن هذه الاتهامات نفاها بشدة كمال الشاذلي الأمين العام المساعد للحزب الوطني قبل عامين امام البرلمان ردا على مداخلة لممثل حزب الاحرار المعارض رجب هلال حميدة اثناء القاء بيان الحكومة.

ويرصد الأمين العام المساعد لحزب التجمع المعارض عدة اسباب لضعف الوزن السياسي لاحزاب المعارضة في الشارع المصري من بينها القيود القانونية والادارية والضغوط الأمنية من خلال قانون الطوارئ بالاضافة الى مشكلات تنظيمية عديدة داخل احزاب المعارضة مثل ضعف الموارد المالية وسوء نظام اعداد القيادات وتزايد حالات التوتر والانشقاقات، ويشير في دراسة له بعنوان «المشكلات التنظيمية للاحزاب السياسية في مصر» الى فشل جميع الاحزاب السياسية في حل مشكلة الصف الثاني.

وبرؤية تبدو مختلفة الى حد ما حول معوقات الحياة الحزبية في مصر يرى د. عاطف البنا القيادي البارز بحزب الوفد المعارض أن قانون الاحزاب يلعب دورا كبيرا في اعاقة العمل الحزبي من خلال قيوده الكثيرة في تنظيم اللقاءات والغاء قانون الطوارئ وتهيئة المناخ السياسي لممارسة حزبية جادة تقبل الرأي والرأي الآخر بينما يحيل مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب العمل «المجمد حاليا» ضعف احزاب المعارضة الى ما سماه «الحرب الحكومية» على المسيرة الحزبية بدعم الانشقاقات الحزبية وتوقيف الاحزاب الجادة وتعطيل الصحف الصادرة عنها في اشارة الى حزب العمل وجريدة «الشعب» الصادرة عنه مشيرا الى أن بعض احزاب المعارضة أكدت وجودها في الشارع المصري مثل حزب العمل عندما وقف ضد الحكومة في أزمة الخليج الثانية.

أما النائب الناصري محمد البدرشيني فيرجع مشكلة الاحزاب المصرية الى وجودها بقرار «فوقي» في بدايتها وبالتالي ذهب ريحها بقرارات حكومية حدت من ممارستها للعمل الحزبي وبالتالي وجدت الاحزاب نفسها في مفترق طرق ولم تشهد تطورات ملموسة رغم مرور ربع قرن على تأسيسها داعيا الى دعم نشاط الاحزاب سياسيا وماليا حتى تتمكن من القيام بنشاطها السياسي وتنفيذ البرامج السياسية والاقتصادية والثقافية التي انشئت من أجلها.