أكثر من 5 آلاف قتيل بالجزائر حصيلة سنتين من حكم بوتفليقة

العنف الأصولي انتقل إلى الريف ويستهدف أساسا المواطنين المعوزين

TT

تحليل إخباري الجزائر ـ أ.ف.ب: لم يتمكن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رغم مرور سنتين على اعتلائه سدة الرئاسة في الجزائر، من ارساء السلم في البلاد، في الوقت الذي لا يزال فيه الجزائريون يعانون من ازمة اقتصادية خانقة تفرض التسريع في تنفيذ الاصلاحات الموعودة. وسارع بوتفليقة فور انتخابه رئيسا في الخامس عشر من ابريل (نيسان) 1999 الى اعلان سياسة الوئام المدني بهدف ارساء السلام في البلاد الامر الذي وضعه على رأس سلم اولوياته.

وكان الهدف من هذه السياسة استيعاب الجماعات الاصولية المسلحة في المجتمع الجزائري لوقف دورة العنف التي اودت بحياة ما لا يقل عن مائة الف شخص. ولم تحقق هذه السياسة كل ما كان يصبو اليه الرئيس الجزائري مع انها حظيت بدعم مكثف في الاستفتاء الشعبي الذي اجري في سبتمبر (ايلول) 1999. واصدر بوتفليقة بموجب هذه السياسة عفوا عن آلاف الاصوليين «التائبين». وخلال هاتين السنتين واصلت الجماعات المتطرفة التي ترفض القاء السلاح، ولا سيما منها الجماعة الاسلامية المسلحة بزعامة عنتر زوابري والجماعة السلفية للدعوة والقتال بزعامة حسان حطاب، عمليات القتل وارتكاب المجازر.

وقتل ما لا يقل عن خمسة الاف شخص في اعمال عنف في الجزائر خلال هاتين السنتين حسب ما افادت المعلومات التي تنقلها الصحف يوميا. بالمقابل تفضل السلطات عدم الكلام عن اعمال العنف هذه ولا تقدم اي حصيلة بضحاياها. وتركزت اعمال العنف التي تكاد تكون توقفت في المدن الكبرى، في المناطق الريفية خصوصا في محيط الجزائر العاصمة وغربها وشرقها في منطقة القبائل مستهدفة بالخصوص المعوزين من المواطنين. وتتطرق الصحف بانتظام الى «ان الجزائر ما زالت تعيش يوميا الحداد والمجازر»، واشارت اخيرا الى تسليح القرويين خصوصا في المناطق التي تنشط فيها الجماعة الاسلامية المسلحة بعد تدهور الوضع الامني خلال الاسابيع القليلة الماضية.

وكان بوتفليقة قد اكد ان لا بديل عن سياسة المصالحة الوطنية، وانها ستعطي نتائج على «المدى الطويل» وتهدف الى «اعادة التوازنات الكبرى» الاقتصادية والاجتماعية. ويواجه بوتفليقة الذي ورث وضعا شديد التدهور في البلاد، ازمة بطالة خانقة تطال ثلث السكان الذين فقدوا نصف قدرتهم الشرائية خلال عشر سنوات. واعتبر الرئيس الجزائري الذي يعي الصعوبات التي تعترضه، ان اكبر العراقيل تأتي «من الافكار المتناقضة» و«العادات والافكار البالية» التي تطغى على الذين يسيرون الامور في الجزائر. وخلال زيارة الى برلين مطلع الشهر الحالي لم يتردد الرئيس الجزائري في القول ان الدولة، بالطريقة التي تسير عليها «لا تخدم الامة بل تنال منها».

واضاف بوتفليقة «ان الدولة، عبر بيروقراطيتها، تفرط بالطاقات وتبدد موارد المجتمع وتغذي الاستياء وتولد الفساد. اجمعوا كل هذا على بعضه البعض وستحصلون على الظروف المثالية لانفجار اجتماعي او لجوء متواصل الى العنف». ووعد بهذه المناسبة بأنه «سيعطي، خلال السنة الحالية، دفعا كبيرا» للاصلاحات الاقتصادية بهدف التوصل الى نمو سنوي تتراوح نسبته ما بين 6 و7 في المائة سيؤدي الى خفض البطالة. وألمح دبلوماسي الى ان هذا الدفع بالاصلاحات يبدو ضروريا لان المستثمرين لن يتوجهوا الى الجزائر ما لم تنته سريعا عملية الانتقال من الاقتصاد الاشتراكي الى اقتصاد السوق. ويركز المستثمرون الاجانب حاليا نشاطهم في قطاعي النفط والغاز. وتسري شائعات تتناقلها الصحف في العاصمة الجزائرية عن ان الرئيس بوتفليقة قد يقدم قريبا على تعديل الحكومة التي يرأسها علي بن فليس. ويهدف التعديل الوزاري الى تعيين «تكنوقراط» على رأس وزارات اساسية كبيرة لاعطاء نفس جديد للاصلاحات.