المصالح الاقتصادية المتبادلة بين واشنطن وبكين تقلل من انعكاسات أزمة الطائرة

TT

بكين ـ ا.ف.ب: قالت مصادر دبلوماسية غربية امس ان المصالح الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة تبلغ درجة من الاهمية تتضاءل معها احتمالات ان تخلف ازمة طائرة التجسس الاميركية انعكاسات دائمة على العلاقات بين البلدين، حتى وان كان اختبار القوة قد زاد من تشدد «الصقور» في كل من بكين وواشنطن.

واثار احتجاز طاقم طائرة التجسس الاميركية التي اصطدمت بطائرة مطاردة صينية قبالة جزيرة هاينان (جنوب) العواطف والانفعالات على شاطئي المحيط الهادئ. لكن الافراج عن العسكريين الاميركيين من شأنه ان يحد من الانعكاسات الدبلوماسية في رأي المحللين. وقال الباحث جو هسي انج انج من المعهد الصيني للدراسات الدولية التابع لوزارة الخارجية: «لا اتوقع ان يكون للازمة مضاعفات كارثية».

ورغم وجود خلافات كبيرة بين البلدين بشأن تايوان او مسائل عسكرية فان مبادلاتهما التجارية تقرب بينهما يوما بعد يوما. ففي العام الماضي تجاوزت الصادرات الصينية الى الولايات المتحدة، وللمرة الاولى، 100 مليار دولار، اي ستة اضعاف الصادرات الاميركية الى الصين. كما تستثمر الشركات الاميركية بكثافة في السوق الصينية، وتأمل في تحقيق توازن عبر زيادة مبيعاتها للمستهلكين الصينيين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة.

وفي ضوء ذلك من المرجح جدا ان يعمد الكونجرس الاميركي، رغم موقفه المتشدد جدا من بكين، مرة اخرى الى تجديد البند المتعلق بالعلاقات التجارية الطبيعية لصالح الصين، اذ طلب البيت الابيض منه مجددا اتخاذ موقف في هذا الشأن في يونيو (حزيران) المقبل. وفي هذا السياق يشير الخبير في الشؤون الصينية جوزيف شينج من جامعة سيتي في هونغ كونغ الى ان «الجانبين يدركان ان علاقاتهما تعاني من مشكلات عديدة، لكن لا بد لهما في الوقت نفسه من اقامة علاقات سليمة للغاية».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1999، وقع البلدان اتفاقا ثنائيا حول انضمام الصين الى منظمة التجارة العالمية، في حين كانت العلاقات بينهما مجمدة منذ ستة اشهر بسبب قصف طيران حلف شمال الاطلسي السفارة الصينية في يوغوسلافيا.

واثر تلك الازمة جرت مظاهرات ضخمة شارك فيها مئات آلاف الصينيين ولم تخل احيانا من اعمال عنف، احتجاجا على الممثليات الدبلوماسية الاميركية، بينما علقت بكين اتصالاتها مع واشنطن في المجال العسكري والحد من انتشار الاسلحة واوضاع حقوق الانسان. بيد ان الادارة الصينية لم تلجأ هذه المرة الى اي من هذه الاسلحة، بل ان الشرطة سارعت الى اعتقال المتظاهرين القلائل الذين حاولوا الاقتراب من السفارة الاميركية خلال الازمة.

ويأمل المحللون الصينيون ان يكون لاختبار القوة بين البلدين انعكاسات ايجابية، فالادارة الاميركية الجديدة اضطرت لتليين موقفها تجاه بكين، في حين لم يخف الرئيس الاميركي جورج بوش منذ وصوله الى البيت الابيض تصميمه على جعل الصين «خصما استراتيجيا»، وليس «شريكا» كما كانت تؤكد الادارة السابقة برئاسة بيل كلينتون.

ويتوقع ان يتضح موقف واشنطن اكثر نهاية الشهر الحالي عندما سيتخذ بوش قراره بشأن طلبات تايوان لشراء اسلحة. ويرى المحللون المؤيدون للصين ان على بوش ان يتراجع عن بيع تايوان نظام «ايجيس» للدفاع الجوي لتفادي اندلاع اي ازمة جديدة مع «الصقور» في بكين الذين يحلمون بذريعة لاجتياح الجزيرة «المتمردة».