يهود حي الماس في إنتويرب ببلجيكا يخشون بروز اليمين المتطرف

TT

انتويرب (بلجيكا) ـ أ.ب: يطلق عليها هنري روزنبيرغ «الشطيطل» الاخير، اي المكان الذي تسوده الاجواء اليهودية، بعد 60 سنة من المحرقة. هذا هو الحي اليهودي بانتويرب. في الشوارع تتردد الاصوات التي تتحدث لغة الييديش، وترتدى ازياء اليهود المتدينين وقبعاتهم الصغيرة.

يقول لويس ديفيد، محرر الصحيفة اليهودية المحلية «تستطيع ان تشعر بالحياة اليهودية في هذا الحي. نحن نسميه أورشليم الغرب»، ويضيف روزنبيرغ، استاذ القانون اليهودي، ان العاملين اللذين ساعدا في المحافظة على روح هذا الحي هما التعصب الديني والماس.

فاليهود ظلوا في قلب تجارة الماس بانتويرب، منذ القرن الخامس عشر، عندما استخدم اليهود المطرودون من اسبانيا والبرتغال (السفارديم)، صلاتهم بتجار المعادن النفيسة في المستعمرات البرتغالية الهندية، لتحويل المدينة البلجيكية الى مركز عالمي لتجارة الماس. وزادت اعداد اليهود في القرنين التاسع عشر والعشرين بوفود اليهود الهاربين من الفقر بأوروبا الشرقية (الاشكيناز). وشارك الوافدون الجدد في التجارة نفسها، متخلين عن خططهم الاصلية في الذهاب الى اميركا.

ورغم وجود اليهود المستمر في تجارة الماس، إلا ان الهنود واللبنانيين وغيرهم صاروا ينافسونهم. وتمثل قصة ديفيد الشخصية نموذجا للحياة اليهودية. فمثله مثل الآلاف من اليهود البلجيكيين، قامت باخفائه احدى المنظمات الكاثوليكية السرية خلال الاحتلال النازي ابان الحرب العالمية الثانية. وهذه هي نفس الطريقة التي ساعدت 55.000 يهودي على تفادي المحرقة (الهولوكوست).

هناك الآن 17 ألف يهودي بانتويرب يعيشون بهذا الحي والذي قام باحيائه عدد من العائدين من معسكرات الاعتقال مثل شلومي كلاغسيالد، الذي عاد بملابس المعسكرات وأقسم ان يقيم الحي من جديد.

يقول روزنبيرغ «نحن مدينون له بكل شيء». وتوفي كلاغسبالد قبل ثلاث سنوات عن عمر يناهز 93 عاما، بعد ثلاث سنوات من تشييد المسلة التي تحيي ذكرى ضحايا المحرقة.

مؤخرا اعترى اليهود بعض القلق من نمو الحركة القومية المتطرفة «فليميش بلوك»، والتي اصبحت اكبر الاحزاب السياسية بانتويرب، اذ حصلت على ثلث الاصوات في الانتخابات البلدية، في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

ويصر رئيس الكتلة انها ليست معادية للسامية وانها تسعى لاقامة علاقات مع يهود انتويرب، ولكن المنبر البلجيكي للمنظمات اليهودية رفع قضية في فبراير (شباط) الماضي، ضد نائب رئيس الحزب، السناتور رونالد رايس، متهما اياه بالتقليل من اهمية المحرقة. وذلك لان رايس قال في لقاء تلفزيوني «بعض الاشياء التي يطلب منا تصديقها، مبالغ فيها كثيرا».

ولكن قيادة الكتلة الفلمنكية أدانت رايس مباشرة واجبرته على الاستقالة من المجلس النيابي البلجيكي ومن قيادة الحزب، ولذلك فان ديفيد لا يرى ان فوز هذا الحزب يعني ان اهل انتويرب قد تخلوا عن تراثهم في التسامح. وهو يقول «هناك نواة داخل الكتلة تحن الى العهد النازي، وهؤلاء لم يتم التخلص منهم. ولكننا واثقون من ان اغلبية اهل انتويرب لن تسير وراء اليمين المتطرف. الموقف الحالي ليس اكثر من احتجاج».

ويقول بنجامين هوفمان «هناك اخيار كثيرون ببلجيكا. ليست لدينا اي مشاكل او مخاوف. هناك دائما نزعات معادية للسامية، ولكنها اقلية. وهي ليست عدوانية».

ويضيف ديفيد «اليهود هنا لا يخافون من الخروج ليلا، ولم يتم الاعتداء على اي يهودي بالمدينة».

الاستثناء كان عام 1981 عندما انفجرت سيارة ملغومة بالقرب من كنيس يهودي وقتلت 3 اشخاص وجرحت حوالي المائة. واتهمت المجموعات الفلسطينية بتنفيذ الهجوم، ومع ذلك فان روزنبيرغ يقول ان اليهود يعيشون في سلام مع الجالية المغربية الكبيرة بالمدينة، «نحن نتسوق في حوانيتهم وهم يفعلون نفس الشيء. ليست لدينا مشاكل مطلقا مع العرب» هذا ما أكده روزنبيرغ.