تكهنات بتولي سترو الخارجية البريطانية مكان كوك عقب الانتخابات البريطانية

TT

تناقلت صحف بريطانية في اعدادها الصادرة صباح امس ما وُصف بالتبديل الوزاري الذي يجري «التخطيط» لتنفيذه إثر الفوز المرجح لحزب العمال الحاكم بولاية جديدة بنتيجة الانتخابات العامة، المزمع اجراؤها اوائل يوليو (تموز) المقبل. وتردد ان التغيير المحتمل سيشمل اعضاء بارزين في الحكومة الحالية، في مقدمتهم وزير الخارجية روبن كوك إذ قيل ان وزير الداخلية جاك سترو سيحل محله على رأس الدبلوماسية البريطانية.

والمرشح الجديد لاحتلال المركز الثالث في هرم السلطة البريطانية، محام سابق معروف بصرامته وتشدده الاداري كما تدل سنواته الأربع في الحكومة. ولا يستبعد ان يكافأ سترو بهذا المنصب، خصوصاً ان أسهمه ارتفعت أخيراً بعدما «نجح» على حد زعم كثيرين في اقالة وزير شؤون ايرلندا بيتر مندلسون المقرب جداً من رئيس الوزراء توني بلير وقد تعزز مركزه ايضاً بفضل نجاحه في تقليص عدد طالبي اللجوء الى بريطانيا، كما قال وزير الدولة للشؤون الداخلية مايك اوبرايان في مقابلة أخيرة مع «الشرق الأوسط». وسجل مراقبون وناشطون في مجال حقوق الانسان على سترو تطبيقه قوانين هجرة قاسية، واتهموه بمنافسة خصومه المحافظين على التشدد بمعاملة المهاجرين ولعب ورقتهم سياسياً قصد استمالة عدد اكبر من الناخبين، بالرغم من ان استغلالها على هذا النحو يهدد بتعزيز الموجة العنصرية في البلاد. ويذكر في هذا السياق ان منظمات اسلامية انتقدت اسلوب سترو في التعاطي مع المسلمين في مناسبات عدة، كانت آخرها اعلانه عن حظر منظمات اسلامية اتهمت بممارسة «الارهاب».

أما على صعيد السياسية الخارجية، فقد يكون سترو قريباً من واشنطن اكثر من كوك، مع انه اتهم بـ«التعاطف مع الشيوعية» حين كان رئيساً لاتحاد الطلاب بين عامي 1969 و1971 وهو غير متحمس لتوثيق العلاقة بين بلاده وبين اوروبا. والابتعاد عن بروكسل يؤدي عادة بالسياسي البريطاني الى مزيد من الاقتراب من اميركا. والجدير بالذكر انه سعى في الفترة الأخيرة الى ابداء مزيد من المرونة حيال اوروبا، مما فسر بأنه دليل على تهيئته لاحتلال المنصب الدبلوماسي الأول. وتجدر الاشارة الى ان سترو ولد لأبوين مهاجرين كان احدهما يهودياً، مما يعني ان علاقته باللورد ليفي الممثل الرسمي لرئيس الوزراء في الشرق الأوسط ستكون اكثر دفئاً. وعدا صلة «الدم» فقد يروق اسلوب سترو الصارم لرئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي لم يلتق كوك بعد نجاحه في الانتخابات الأخيرة. لكن قد لا تؤدي يهودية الوزير الجزئية الى تبدل اساسي في الموقف البريطاني، خصوصاً ان وجود مالكولم ريفكند اليهودي في المنصب ذاته قبل سنوات لم يتمخض عن تغيرات جوهرية في السياسة البريطانية. ويبقى التساؤل مفتوحاً عن مصير وزير الدولة للشؤون الخارجية بريان ويلسون الذي انتقاه مواطنه الاسكوتلندي كوك لنيابته.

غير ان فلسطين تبقى المصدر الأول لـ«متاعب» كوك العربية. ففيها قام بمبادرته المتواضعة حين زار جبل ابو غنيم، مما أزعج اسرائيل وتمخض عن دعوات في بريطانيا لاقالته بعدما رفض رئيس الوزراء السابق نتانياهو استقباله، احتجاجاً على «انحيازه» للجانب الفلسطيني.

لكن الأرجح ان فلسطين لم تكن بين الأسباب الرئيسية لـ«اقالة» كوك التي يجري الحديث عنها. ويعتقد ان هذه تشمل «مبدأ السياسة الأخلاقية» الذي اخطأ الوزير باثارته أساساً، فضلاً عن انه غير معروف تاريخياً بوده الشديد حيال اميركا. صحيح انه استطاع ان يتأقلم مع توجه بلير وتخلى لذلك عن كثير من مبادئه الأساسية أيام كان شاباً يسارياً، مثل مناهضته للسلاح النووي، إلا انه لا يزال على «تشدده» الأوروبي، كما كان مسؤولاً عن «خلافات» دبلوماسية مع واشنطن تم تداركها بسرعة.

وقد يرضى كوك بمنصب رفضه سابقاً، وهو الوزير الاسكوتلندي الأول، وتعزز هذا الانطباع الصعوبات التي يواجهها الوزير الأول الحالي ماكليش، الذي وصل الى المنصب بصورة غير متوقعة إثر وفاة الوزير المخضرم ادونالد ديوار المفاجئة.