أهالي غزة يرصدون التحركات الإسرائيلية في البحر كإنذار مبكر لغارات جوية

TT

يلزم سكان غزة منازلهم عصر كل يوم ويتحلقون حول اجهزة التلفزيون متابعين النشرات الاخبارية للفضائيات العربية لمعرفة ما اذا كان اي جندي اسرائيلي قد قتل أو أن عملية انتحارية او عسكرية قذ نفذت، لأن من شأن هذه العمليات تحريك الطائرات المروحية الاسرائيلية ليلا لقصف مناطق في قطاع غزة من دون تمييز.

ومع تكرار الغارات الجوية الاسرائيلية، اكتسب سكان غزة وسائل انذار مبكرة جديدة. فعند ساعات المساء يراقب المواطنون الشاطئ الممتد على طول القطاع، لملاحظة وجود زوارق حربية اسرائيلية في عرض البحر. فوجود هذه الزوارق يعني ان الطائرات الحربية المروحية قادمة في جولة قصف جوي جديدة تلك الليلة.

وفي السنوات الماضية لم يهتم المواطنون بوجود ملاجئ بسبب اعتقادهم الخاطئ بأن سلاح الجو الاسرائيلي لن يستخدم في اي مواجهة قد تحصل، ضد سكان مدنيين عزل من السلاح. ولكن الأشهر الماضية غيرت تماما هذا المفهوم وطبيعة التفكير السائد، واصبح المواطنون يبنون الملاجئ ويصلحون ما هو موجود منها. ورغم مرور 7 اشهر على انطلاقة الانتفاضة، فليست هناك اجهزة انذار بوجود غارات، ولذا تترك الأمور لتقدير المواطنين حول بدء الغارات الجوية وانتهائها. والاجراء الوحيد الذي تقوم به السلطة الفلسطينية عند الغارات هي قطع التيار الكهربائي بالكامل عن قطاع غزة، ولا يعود التيار الكهربائي إلا بعد ساعات من انتهاء الغارة وعودة الطائرات المروحية الاسرائيلية لقواعدها.

والانقطاع لا يقتصر على التيار الكهربائي بل يطال خدمات الهاتف النقال الفلسطيني (الجوال)، خلال الساعات الحرجة اي الساعات التي تتوقع فيها الغارات وهي ما بين الساعة السابعة والتاسعة مساء. وهذا هو الموعد المفضل للمروحيات الاسرائيلية لأنه يتزامن مع نشرة اخبار التلفزيون الاسرائيلي، وبذلك تحقق الحكومة الاسرائيلية هدفا اعلاميا تؤكد من خلاله للرأي العام الاسرائيلي ان الحكومة الاسرائيلية جادة في مواجهة «العنف الفلسطيني».

وحتى المساجد، لا سيما القريبة من مراكز امنية فلسطينية في غزة، اصبحت تجمع بين صلاتي المغرب والعشاء آخذة بالتوجه الشرعي الذي يجيز ذلك، بسبب توقيت الغارات الجوية الاسرائيلية. وقد اصيب عدد من المساجد في الغارات الاسرائيلية سواء مباشرة او بشظايا الصواريخ.

وفي مستشفى الشفاء في غزة، يفتح العاملون في المستشفى من ممرضين واطباء ابواب المستشفى والأقسام المختلفة أمام المرضى، خلال الغارات الجوية الاسرائيلية، ويسارع المرضى للتجول في ساحات المستشفى الخارجية وفي الشوارع لمشاهدة الطائرات المروحية وهي تقصف قطاع غزة.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»: «خلال ساعات القصف الجوي، تعيش المدينة كما هو معروف في ظلام دامس، بفعل انقطاع التيار الكهربائي، ويخرج المرضى للساحات المجاورة والشوارع، مما أدى لمضاعفات خطيرة بسبب هذا الاهمال. وحدثت لبعض المرضى انهيارات عصبية، واصيب آخرون بارتفاع حاد في السكر، بسبب خوفهم على ذويهم، وانتابت آخرون حالة من الخوف الشديد».

وغالبية السكان يفضلون النزول للشوارع خلال ساعات القصف الجوي، مثل الرجال والاولاد، بينما تحتمي النساء والأطفال في الطوابق الأرضية للعمارات او الملاجئ ان وجدت. وتتحول الشوارع في تلك الساعات الى ديوانية مفتوحة يستغلها الجيران للجلوس معاً والتحدث وشرب الشاي وتحليل «الموقف العسكري»، ويتطوع بعض هؤلاء لاعطاء «محاضرات عسكرية» عن نوعية الطائرات التي تحلق في الجو فوق رؤوسهم وعن نوعية الصواريخ التي تنطلق من الطائرات، والأهداف المحتملة. وبطبيعة الحال، لا بد من المقارنة مع لبنان.