تدهور مفاجئ في العلاقات بين جيبوتي و«أرض الصومال» بسبب شحنة سجائر

TT

في خطوة تعكس تدهور العلاقات بين جيبوتي وجارتها الصغيرة «جمهورية أرض الصومال» التي أعلنت استقلالها من طرف واحد عام 1991 عن الدولة الصومالية، أعلنت السلطات الجيبوتية أمس اغلاق حدودها المشتركة مع أرض الصومال وقطع كافة المواصلات ووقف العلاقات التجارية معها. وأصدرت وزارة الخارجية الجيبوتية بياناً تلقت «الشرق الأوسط» نصه يعلن تعليق ووقف عملية نقل الركاب والبضائع بين الطرفين إلى أجل غير مسمى.

وجاء هذا البيان المفاجئ ليؤكد فشل المفاوضات التي جرت أخيرا بين الجانبين لاحتواء أزمة استيلاء السلطات في أرض الصومال على شحنة سجائر مستوردة لصالح رجل الأعمال عبد الرحمن بورو الذي يعد أحد المقربين من الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر جيلة كما يوصف بأنه أحد الداعمين للرئيس الصومالي الانتقالي عبد القاسم صلاد حسن. وكان محمد عقال رئيس «جمهورية أرض الصومال» قد أصدر بياناً اول من أمس أكد انتهاء مفاوضاته مع عبد الرحمن بورو لاستعادة شحنة السجائر التي تبلغ قيمتها نحو 800 ألف دولار. أوضح أن العلاقات مع جيبوتي مهددة ما لم تتم مناقشة أسباب العداء ومحاولة ازالة سوء الفهم بين الطرفين.

ورداً على هذا البيان اتهمت وزارة الخارجية الجيبوتية الرئيس عقال بممارسة حملة ابتزاز مرفوضة ضد جيبوتي لحملها على الاعتراف رسمياً باستقلال «جمهورية أرض الصومال» عن الدولة الصومالية المركزية. وقالت الخارجية الجيبوتية «إن نظام هرجسيه (عاصمة أرض الصومال) يحاول استخدام ابتزاز غير مقبول بادعاء أنه لن توجد علاقات تجارية بين الطرفين ما لم تعترف جيبوتي بأرض الصومال كدولة مستقلة». ودعت إلى وقف الحملة الدعائية التي يشنها «رئيس» أرض الصومال ضد جيبوتي ورئيسها والأمتناع عن ترويج تقارير مغلوطة حول موقف جيبوتي من المصالحة الصومالية.

ومن المتوقع أن يؤدي قرار قطع العلاقات التجارية واغلاق الحدود بين جيبوتي وجمهورية أرض الصومال إلى مشاكل مالية للطرفين غير أن أياً منهما لم توضح البديل الذي ستضطر إلى اتخاذه لتفادي أية صعوبات تجارية قد تعاني منها من جراء هذا القرار. ويعد ميناء بربرة الصومالي الذي تتحكم فيه سلطات أرض الصومال أحد المنافذ الحيوية للتجارة بين البلدين، غير أن حادثة استيلاء هذه السلطات على شحنة سجائر مستوردة لصالح أحد أبرز رجال الأعمال الصوماليين قد أسرعت في تدهور العلاقات بين الطرفين اللذين لايتبادلان أية علاقات دبلوماسية اذ ترفض جيبوتي الاعتراف باستقلال أرض الصومال كما قامت اخيرا بطرد ممثلها السابق وهددت الشركات الأجنبية المتعاملة مع نظام عقال بفرض عقوبات صارمة عليها.

وألقت جيبوتي بثقلها السياسي خلف تحقيق المصالحة الصومالية الشاملة عبر مفاوضات شاقة استمرت بضعة أشهر في مدينة عرتا وأسفرت عن اختيار برلمان مؤقت لفترة انتقالية مما مهد الطريق لظهور نظام الرئيس الصومالي صلاد حسن. لكن محمد عقال انضم إلى عدد من قادة الحرب الصوماليين الذين رفضوا المشاركة في مؤتمر عرتا وأعلنوا عدم اعترافهم بالسلطة الشرعية الجديدة. ويقول مسؤولون صوماليون لـ«الشرق الأوسط» إن عقال يرفض الدخول في مفاوضات جادة مع الرئيس صلاد حسن لقناعته بأن ذلك سينهي فترة نفوذه ويعيده مجدداً إلى اشراف الدولة المركزية في مقديشو. ويعتقد هؤلاء أن استخدام القوة المسلحة لانهاء حالة التمرد التي تعيشها أرض الصومال هو قرار مؤجل لاعطاء الفرصة للتوصل إلى حل سلمي.