العلاقات الأميركية ـ الكوبية تزيد سوءا بعد 40 عاما من مؤامرة خليج الخنازير

TT

واشنطن ـ رويترز: كانت تلك أسوأ عملية تخفق فيها وكالة المخابرات المركزية الاميركية «سي آي ايه»، وأظهرت جيلا من المقاومين الذين تركوا وراءهم سلسلة من اعمال العنف والمؤامرات المناهضة للرئيس الكوبي فيدل كاسترو على مدى أربعة عقود... تمثلت بهبوط 1500 مهاجر دربتهم وكالة المخابرات المركزية في خليج الخنازير منذ 40 عاما يهدف الى اشعال نيران ثورة في الجزيرة ضد الزعيم الشيوعي فيدل كاسترو.

ولكن الكتيبة 2506 كان مقدرا لها الفشل الذريع، بسبب أخطاء المخابرات ورفض الرئيس الاميركي آنذاك جون كنيدي توفير غطاء جوي اميركي، وهو ما كانت تعتزمه ادارة الرئيس السابق له دوايت ايزنهاور.

وعلى عكس غزو غواتيمالا الناجح الذي نظمته وكالة المخابرات المركزية عام 1954، والذي ادى الى اطاحة الرئيس اليساري جاكوبو اربينز، فان عملية خليج الخنازير، التي تحل ذكراها هذا الشهر، لم تسفر الا عن تعزيز وضع كاسترو الذي نجا من الحرب الباردة، وعايش تسعة رؤساء اميركيين.

وقال بيتر كورنبلوه من مكتب ارشيف الامن الوطني الاميركي: «يعيش المتشددون المنفيون في ميامي من بقية اعضاء كتيبة 2506 والمحافظون المتعاطفون معهم، والعديد من هؤلاء شاركوا في عملية خليج الخنازير، وبينهم جورج ماس كانوسا مؤسس الجماعة المناهضة لكاسترو». وجندت وكالة المخابرات المركزية في وقت لاحق عشرات من الكوبيين المنفيين «لعملية مونجوس» التي صرح بها كنيدي، وكانت تهدف الى اطاحة كاسترو وقتله.

ويقول باحثون ان الكوبيين الذين قامت وكالة المخابرات المركزية بتدريبهم انضموا في ما بعد الى جماعات متطرفة مثل اوميجا 7 والفا 66 التي شاركت في مئات الهجمات بقنابل على اهداف كوبية في الولايات المتحدة واميركا اللاتينية. وأطلقوا صواريخ على مقاتلين سوفيات وفجروا ديناميت بشركة طيران سوفياتية ومكاتب تجارية، وتآمروا ضد دبلوماسيين كوبيين وتضامنوا مع أنظمة عسكرية يمينية متطرفة باميركا الجنوبية.

وساعد المنفيون الكوبيون عملاء من الشرطة السرية التابعة لديكتاتور شيلي العسكري الجنرال اوجيستو بينوشيه في زرع قنبلة اسفرت عن مقتل الزعيم الاشتراكي المنفي اورلاندو ليتيلييه في واشنطن في سبتمبر (ايلول) عام 1976.

وحتى يومنا هذا ما يزال اغتيال ليتيلييه اسوأ عملي ارهابي تقوم به حكومة اجنبية في العاصمة الاميركية.. وقام الكوبيون ايضا بتوفير العبوات الناسفة وفجروا القنبلة التي انفجرت أسفل سيارة وزير خارجية شيلي السابق في عهد حكومة سلفادور ألليندي اليسارية. وقال جون دينجس الاستاذ بكلية الصحافة في جامعة كولومبيا ان العلاقة بين المتدربين على أيدي المخابرات المركزية وأعمال ارهابية أخرى تأكد من خلال الدراسة التي قام بها، «اذ اتضح ان اعضاء الكتيبة تدربوا على الاسلحة وقاموا بنشاطات مخابرات وتدربوا على زرع متفجرات لتنفيذ نشاطات ارهابية».

ووقعت اخطر عملية ارهابية مناهضة لكاسترو بعد اسبوعين من اغتيال ليتيلييه عندما انفجرت قنبلة في دورة مياة طائرة من طراز «دي.سي 8» التابعة لشركة الخطوط الجوية الكوبية اثناء اقلاعها من باربادوس متجهة الى هافانا. وقتل جميع ركاب الطائرة ومجموعهم 73 راكبا في السادس من اكتوبر (تشرين الاول) عام 1976 وبينهم 19 من اعضاء فريق المبارزة الكوبي للناشئين الذي كان عائدا من كاراكاس.

وسجن كوبيان في فنزويلا لتخطيطهما للهجوم، وكان احدهما أورلاندو بوش الطبيب الذي غادر الولايات المتحدة عقب الافراج عنه تحت المراقبة من حكم بالسجن عشر سنوات، لاطلاقه صاروخا على سفينة بولندية راسية في ميامي. وكان الثاني هو لويس بوسادا كاريليس العميل السابق لوكالة المخابرات المركزية والذي تدرب على اعمال التدمير للمشاركة في عملية خليج الخنازير.

وفر كاريليس من سجنه في فنزويلا عام 1985 ليظهر من جديد في السلفادور في عملية سرية برعاية المخابرات الاميركية، لتهريب اسلحة لمتمردي نيكاراغوا الذين كانوا يقاتلون حكومة الساندنيستا اليسارية. وقاد تلك العملية الكولونيل أوليفر نورث، وأدت الى أسوأ فضيحة سياسية لحكومة رونالد ريجان، وهي فضيحة بيع اسلحة اميركية الى ايران سرا، واستخدام عوائدها في تمويل متمردي نيكاراغوا. وعمل كاريليس في تلك العملية مع فيليكس رودريجيز وهو عميل آخر سابق لوكالة المخابرات المركزية كان يعمل داخل كوبا وقت عملية خليج الخنازير.

ولم يوقف كاريليس حملته ضد كاسترو قط، واعترف عام 1997 في حديث لصحيفة «نيويورك تايمز» بأنه دبر سلسلة التفجيرات التي وقعت في العام السابق في فنادق ونواد للديسكو في هافانا وقتل فيها سائح ايطالي. واعتقل كاريليس (73 عاما) مع ثلاثة مهاجرين كوبيين آخرين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في بنما بتهمة محاولة اغتيال كاسترو اثناء حضوره مؤتمرا دوليا هناك.