خاتمي يتهيأ لخوض انتخابات الرئاسة الإيرانية بتشكيل فريق لإدارة حملته الانتخابية

قرر الاعتماد على اللقاءات المباشرة مع الجمهور وإذاعة البرلمان بعد إغلاق القضاء المحافظ المنابر الإعلامية الإصلاحية

TT

شكل الرئيس الايراني محمد خاتمي اركان حملته الانتخابية التي ستنطلق مطلع الشهر المقبل وتستمر لثلاثة اسابيع، سيزور خلالها بعض المحافظات والمدن الرئيسية في البلاد لشرح برامجه المستقبلية وأسباب اعادة ترشحه.

وتنقل مصادر مطلعة عن محسن اجدئي رئيس محكمة رجال الدين المسؤول المباشر عن حملة الاعتقالات الاخيرة ضد الاصلاحيين والشخصيات الوطنية والليبرالية في الائتلاف الوطني الديني، انه قال اخيرا في احد الاجتماعات المغلقة لأركان الجبهة المناهضة للاصلاحات «سنجعل خاتمي مضطرا الى توزيع منشوراته الانتخابية بنفسه»، مما يعني ان هناك قرارا بتعطيل جميع المنابر الاعلامية المؤيدة للاصلاحات قبل بدء الحملة الانتخابية للرئيس الايراني.

وفي غياب اي فرصة له في الاذاعة والتلفزيون اللذين تدعم ادارتهما معارضي خاتمي وبدأت منذ بضعة اسابيع بإجراء مقابلات وبث خطب وتصريحات مرشحي الجبهة المناهضة للاصلاحات، يعتمد خاتمي على بضع صحف شبه اصلاحية تقول عادة نصف الحقيقة حسب المثل الفارسي تفاديا لاغلاقها من قبل القاضي سعيد مرتضوي الذي يوصف بانه «جزار الصحافة»، والذي ينفذ تعليمات مسؤولي السلطة القضائية في هذا الخصوص.

وإصدار صحيفة «نوروز» الاصلاحية من قبل الدكتور محسن ميردامادي رئيس لجنة شؤون الامن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان وأحد منظري التيار الاصلاحي الاسبوع الماضي وصحيفة «صداي عدالت» (صوت العدالة) التي يصدرها هاشم زاده هريسي، النائب السابق القريب من الاصلاحيين، عشية بدء الحملة الانتخابية يدل على وجود حاجة ملحة لدى التيار الاصلاحي لمنابر اعلامية تسد بعض الفراغ الذي تركته 17 صحيفة اغلقت منذ العام الماضي لايصال صوت خاتمي الى الناخبين الايرانيين الذين فقد الملايين منهم الامل بحصول تغيير حقيقي في توجهات وسياسات النظام.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان الفريق المكلف بإدارة الحملة الانتخابية للرئيس الايراني لا يضم هذه المرة اي شخص من خارج حزب «جبهة المشاركة» الذي يتولى الدكتور محمد رضا خاتمي نائب رئيس البرلمان وشقيق الرئيس خاتمي منصب الامين العام. وفي الانتخابات الرئاسية السابقة التي جرت في مايو (ايار) 1997، لعب المهندس غلام حسين كرباستشي، عمدة طهران السابق وأمين عام حزب «كوادر الاعمار»، دورا مؤثرا في حملة خاتمي الانتخابية، وقد دفع ثمنا باهظا لذلك بعد فوز خاتمي حيث حوكم وسجن وحرم من تولي اية مسؤوليات حكومية لعشر سنين.

وفي عام 1997 لم يكن لدى خاتمي فريق متخصص، فحملته الانتخابية انذاك ادارتها مجموعة غير منسجمة سياسيا كانت تضم عناصر من اليسار الاسلامي، والتيار الوطني الديني وأنصار الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني في حزب «كوادر الاعمار»، مما تسبب في ان يشكل خاتمي بعد الانتخابات حكومة ائتلافية غير منسجمة تمثل فيها انصار رفسنجاني والعناصر القريبة من مرشد الثورة علي خامنئي وزملاء ورفاق قدامى لخاتمي من عهد الدراسة وسنوات عمله في وزارة الارشاد، فيما ضمت الحكومة وزيرين فقط من تيار اليسار الاسلامي.

وخلال سنوات ولاية خاتمي الأولى وقعت انشقاقات عدة في «جبهة الثاني من الجوزاء» المؤيدة لخاتمي حيث ابتعد حزب «كوادر الاعمار» بصورة تدريجية عن الجبهة رغم بقاء وزرائه في الحكومة واستمرار دعم بعض رموزه لخاتمي، مثل الدكتور عطاء الله مهاجراني وزير الارشاد السابق ومدير مركز الحوار بين الحضارات حاليا، وغلام حسين كرباستشي.

والتردد الذي أظهره حزب «كوادر الاعمار» حتى الآن في اعلان دعمه لترشيح خاتمي في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي ستجري في يونيو (حزيران) المقبل، يؤكد صحة الاشاعات القائلة بأن رفسنجاني الذي يترأس مجلس تشخيص مصلحة النظام ويعد الأب الروحي للحزب، لديه اجندة مختلفة عن أجندة الاصلاحيين في الانتخابات، وانه شجع مستشاره امين المجلس وقائد الحرس الثوري سابقا، العميد محسن رضائي، على الترشح في الانتخابات. كما بارك ترشيح محمود كاشاني، النائب السابق ونجل آية الله ابو القاسم كاشاني الزعيم الديني الوطني الراحل ايام ثورة تأميم النفط في الخمسينات، ويبدو ان الدكتور مهاجراني الذي سبق ان رفض اقتراح رفسنجاني بالترشح في الانتخابات أمام خاتمي اتخذ موقفا مستقلا عن حزب كوادر الاعمار الذي هو من مؤسسيه، فقد كشف مصدر قريب من الاصلاحيين لـ«الشرق الأوسط» ان مهاجراني يتولى دورا مهما في حملة خاتمي الانتخابية رغم انه ليس عضوا في فريقه الانتخابي.

ويضم الفريق حسب مصادر «الشرق الأوسط» في طهران، الى جانب الدكتور محمد رضا خاتمي، سعيد حجاريان مهندس اطروحة المجتمع المدني الذي عاد أخيرا الى طهران بعد رحلة علاج طويلة أخذته الى النمسا والولايات المتحدة. وتفيد المصادر بان حجاريان قد استعاد جانبا كبيرا من حيويته وبات يمارس مسؤولياته في المجلس البلدي للعاصمة وهيئة مستشاري الرئيس خاتمي بصورة فاعلة. وكان حجاريان قد تعرض لمحاولة اغتيال بعد الانتخابات البرلمانية في فبراير (شباط) من العام الماضي على ايدي عناصر، يقال انها قريبة من استخبارات الحرس الثوري، اصابته بشلل جزئي، إلا ان وضعه الصحي قد تحسن بصورة كبيرة بعد خضوعه لعدة عمليات جراحية في ايران والنمسا والولايات المتحدة. كما يضم الفريق المهندس عباس عبدي، الكاتب والمفكر الاصلاحي والمتحدث باسم طلبة خط الامام، والدكتور محسن ميردامادي رئيس لجنة شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، والنواب احمد بورقاني ومحسن آرمين، وفاطمة حقيقة جو وشكوري راد وعلي رضا تابش ووالهة كولائي ورجب علي مزروعي، وهم من نواب كتلة جبهة المشاركة، ومرتضى حاجي وزير التعاون والمهندس عبد العلي زاده وزير الاسكان. فيما هناك هيئة من المستشارين التي ستساعد الفريق وتضم شخصيات دينية وسياسية مثل علي اكبر محتشمي نائب طهران وهادي خامنئي مدير صحيفة «حياة نو» وعضو البرلمان وبهزاد نبوي نائب رئيس البرلمان.

وعلمت «الشرق الأوسط» ان النواب الاصلاحيين لا سيما اعضاء اركان الحملة الانتخابية لخاتمي، عازمون على استخدام منبر البرلمان لايصال رسالة خاتمي الى الشعب. ونظرا الى ان اذاعة البرلمان تنقل كلمات النواب في الجلسات العلنية لمجلس الشورى (البرلمان) الى المواطنين دون ان يستطيع علي لاريجاني، مدير الاذاعة والتلفزيون وأحد اركان الجبهة المناهضة للاصلاحات، فرض الرقابة عليها، فان اذاعة البرلمان حسب توقعات الاصلاحيين ستصبح صوتا مهما لخاتمي طيلة الأسابيع المقبلة مقابل الاذاعة والتلفزيون الرسميين اللذين سيبثان دعاية منافسي خاتمي في الانتخابات.

من جانب آخر، علمت «الشرق الأوسط» ان اعضاء جبهة المشاركة وبعض التكتلات الاصلاحية الصغيرة مثل «همبستكي» و«مجاهدي الثورة الاسلامية» في البرلمان، قرروا دعم الدكتور محسن ميردامادي في معركة رئاسة البرلمان التي ستجري بعد اعلان نتائج الانتخابات التكميلية للبرلمان التي ستجري في وقت واحد مع الانتخابات الرئاسية. ويتم انتخاب اعضاء الهيئة الرئاسية للبرلمان كل سنة من قبل اعضاء المجلس. ورغم ان مهدي كروبي رئيس البرلمان في دورته الحالية، ينتمي الى جبهة «الثاني من الجوزاء» وهو امين عام رابطة رجال الدين المناضلين (روحانيون) إلا ان النواب الاصلاحيين غير راضيين عن ادائه خلال السنة الأولى من عمر الدورة السادسة للبرلمان. وفي مناسبات عديدة، نفذ كروبي تعليمات وأوامر المرشد خامنئي المعارضة لتوجهات اغلبية النواب، ومنها قراره بسحب مشروع تعديل قانون الصحف من جدول اعمال البرلمان. ويحظى ميردامادي بدعم 170 من النواب، ويكفي هذا العدد لايصاله الى كرسي رئاسة البرلمان.