البحرين: الاتجاه لتأسيس اتحاد نسائي كصيغة شعبية مكملة لدور المجلس الأعلى للمرأة

TT

تنشغل الاوساط النسائية في البحرين هذه الايام بتأطير دور المرأة المقبل في العهد الجديد الذي تمر فيه البحرين بجملة من التغييرات على جميع الاصعدة خلقها الشروع في برنامج الاصلاحات السياسية الذي يقوده امير البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة منذ توليه دفة الحكم قبل حوالي عامين.

وتسير الجهود الرسمية والاهلية بهذا الشأن في خط متواز، ففي الوقت الذي اعلنت فيه قرينة الامير الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة العزم على انشاء المجلس الاعلى للمرأة، كانت الجمعيات النسائية قد بدأت في نفض الغبار عن مشروع تأسيس الاتحاد النسائي الذي يرتجى ان يضم تحت مظلته العناصر النسائية العاملة حاليا من خلال الجمعيات النسائية واللجان النسائية في الاندية والجمعيات المهنية والتطوعية الاخرى، بالاضافة الى العناصر النسائية المستقلة والناشطة في شؤون المرأة، وهذا الاتحاد بادرت الجمعيات النسائية منذ السبعينات لأكثر من مرة بالسعي لتأسيسه الا ان اية من تلك البادرات لم تكتب لها النجاح.

ويبدو ان المرأة في البحرين، بعد ان اطمأنت لنيلها الحقوق السياسية المتمثلة في حق الترشيح والانتخاب في الانتخابات المرتقبة في موعد اقصاه عام 2003، قررت الاستفادة من حركة الاصلاحات الشاملة التي تمر بها البحرين على مختلف الاصعدة والتي تعني زوال ما قد كان في الماضي يعرقل حركتها في لعب الدور التنموي والتوعوي والخدمي الذي تأمل ان تؤديه في المجتمع.

والمعروف ان المرأة كانت مساهمة فعالة في استفتاء فبراير (شباط) الماضي على ميثاق العمل الوطني الذي دشنت الموافقة عليه بنسبة 98.4 في المائة عهد «الايام الجميلة»، كما وصفها امير البحرين، وشكل صوتها نحو 48 في المائة من اجمالي الاصوات المدلى بها على الميثاق.

وما اعطى دفعة قوية للعمل النسائي ليتسارع نحو قطف ثمار التغيير، وقوف قرينة الامير، الشيخة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة، وراء الجهود النسائية ودعمها وتلبيتها دعوات رعاية فعاليتها المختلفة.

واخيرا ثمنت جهود قرينة الامير الرامية للتعرف على اتجاهات العمل النسائي في البحرين ودعوتها لعدد من الناشطات في شؤون المرأة من القطاعين الرسمي والاهلي للتباحث في الصيغة التي سيؤسس بها المجلس الاعلى للمرأة من ناحية الهيكل والعضوية وآلية العمل والاهداف، واستماعها بسعة بال للآراء المتعددة والمقترحات ووعدها بان المجلس سيكون من اجل المرأة البحرينية، ولذلك فانه سيتأسس من خلاصة المقترحات والتصورات والتجارب المحيطة والتي ستجدها المرأة البحرينية ذات اهمية بالنسبة لها. وهناك اتفاق عام على ان الهيئتين، المجلس الاعلى للمرأة والاتحاد النسائي، هما مؤسستان مكملتان لبعضهما البعض تتخذ الاولى الصيغة الرسمية والثانية الصيغة الاهلية الشعبية.

وتقول الدكتورة منيرة فخرو، استاذة الدراسات الاجتماعية بجامعة البحرين «ما يحدث الان في البحرين نقلة نوعية على جميع الاصعدة، تتمثل في الجهود المكثفة بين القيادة السياسية والقاعدة الشعبية، ان هذا التعاون الوثيق ما بين الطرفين مهم فالدولة مهما تفعل يبقى ناقصا من دون جهود شعبية، وما تقوم به القاعدة الشعبية من دون دعم رسمي يبقى متناثرا والتعاون بين الطرفين سيعطي العمل النسائي دفعة قوية في اتجاه المستقبل، ولا اعتقد ان يكون هناك اي تعارض بين الهيئتين».

وحول شكل الاتحاد النسائي لا يزال الجدل قائما على شكل العضوية بين الاطراف المرشحة لتتكتل تحت مظلته، وعقدت الاطراف المتوقع ان تدخل في تشكيلته المرتقبة، وهي الجمعيات النسائية وممثلات اللجان النسائية في الاندية والجمعيات المهنية اجتماعا اوليا طرحت من خلاله صيغة للمشروع المرتقب وتم الاتفاق خلال الاجتماع على تشكيل لجنة تحضيرية تضم أعضاء من الجمعيات النسائية الخمس العاملة وهي جمعية نهضة فتاة البحرين، جمعية اوال، جمعية رعاية الطفل والامومة، جمعية النساء الدولية، جمعية الرفاع، بالاضافة الى أعضاء مستقلات وذلك من اجل بحث الكيفية التي سيتم بها تأطير العمل النسائي الحالي من خلال الاتحاد.

وتقول نوال زباري، عضو اللجنة المشرفة على مكتب التوجيه الاسري بجمعية نهضة فتاة البحرين لـ «الشرق الأوسط» اتصور ان المجلس الاعلى والاتحاد النسائي لن يختلفا على القضايا الاساسية وكلاهما سيسعيان لتحقيق هدف واحد وهو حماية حقوق المرأة وتنمية اوضاعها، وفي حين يؤطر المجلس الجهود والخبرات الرسمية في الوزارات ويحمل الصبغة التخطيطية سيحقق في النهاية التكامل مع الاتحاد الذي سيوحد بدوره الجهود الشعبية التي تقدمها الان الجمعيات بشكل منفرد، وربما تجد المطالبات الشعبية سبيلها الى اجندة اصحاب القرار اسرع منها في الوقت الحالي اذا ما افترضنا التكامل والانسجام بين المجلس الاعلى والاتحاد النسائي.

وتتفق معهما منى عباس، احدى الناشطات في شؤون المرأة في البحرين في ان الاتحاد النسائي اصبح ضرورة للمرأة البحرينية في المرحلة الحالية ليكون احد اعمدة المجتمع المدني، وهو قوة رقابية وكذلك ضاغطة في حين ان الجمعيات النسائية ادت دورها الرافد للمجتمع، وتضيف عباس وهي ايضا عضو بجمعية نهضة فتاة البحرين ان الاتحاد النسائي بات ضرورة في المرحلة الحالية ليكون للمرأة البحرينية موقع من خلاله في الاتحادات النسائية العالمية، فالكثير من هذه الاتحادات لا تعترف بالحوار مع العناصر النسائية في اي قطر الا من خلال الاتحاد.

وعن الاولويات المتوقع ان تضمها اجندة الهيئتين لدى تشكيلهما تكاد الاراء تتفق ان المطلب الاكثر الحاحا هو التسريع في سن قانون للاحوال الشخصية.

وتقول فخرو في هذا الصدد ان قضايا الزواج والطلاق تشغل بال المرأة يوميا ولا بد من تعديل القوانين العالقة لضمان سرعة البت فيها لتحقيق العدالة والاستقرار للمرأة، كذلك من الموضوعات التي تشغل بال المهتمات العمل على الغاء اي شكل من اشكال التمييز ضد المرأة ابتداء من فرص التعليم واتاحتها امام الجنسين بشكل متساو وبناء على الكفاءة والاحقية وليس الجنس، وكذلك في فرص العمل في ما بعد والوصول الى مواقع صنع القرار.

ومن جانبها ترى منى عباس ايضا ان هناك ضرورة لايجاد نوع من الدعم القانوني لدور المرأة العاملة ولحقوقها ذات الخصوصية وتحسين اوضاعها في العمل كيفياً وليس كماً والعمل على افساح المجال للعمل من المواقع التي تسهم بشكل اساسي في عملية التنمية.