فلسطيني يفجر نفسه في موقف للحافلات بكفار سابا فيقتل إسرائيليا ويجرح أكثر من 50 آخرين

TT

تل ابيب: «الشرق الأوسط» فجر فلسطيني امس نفسه قرب حافلة اسرائيلية في مدينة كفار سابا اليهودية داخل الخط الاخضر التي لا تبعد سوى كيلومتر ونصف الكيلومتر عن مدينة قلقيلية في الضفة الغربية، فقتل شخصا واحدا وجرح ما لا يقل عن 50 آخرين. ووجدت الشرطة الاسرائيلية سيارة مفخخة قرب موقع الحادث وذلك اثناء عملية التفتيش واخلاء المنطقة التي عقبت الانفجار.

وعززت الشرطة الاجراءات الامنية في المنطقة تحسبا لاي عمليات اخرى عشية الذكرى الثالثة والخمسين لقيام دولة اسرائيل التي توافق الخميس المقبل حسب التقويم اليهودي. وهدد وزير الخارجية الاسرائيلي شيمعون بيريس بان اسرائيل تحتفظ لنفسها بالرد في الوقت والشكل المناسبين.

ولم يعلن اي فصيل فلسطيني مسؤوليته عن هذه العملية. وقال مسؤول في حماس لـ «الشرق الأوسط» «لا نعرف بعد من يقف وراء هذه العملية، لكن الاسلوب الذي تمت به العملية الاستشهادية واضح».

وجاءت هذه العملية بعد ساعات من اختتام الاجتماع الامني الفلسطيني ـ الاسرائيلي الذي عقد في استراحة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة التي شهدت احتلالا اسرائيليا يوم الثلاثاء الماضي وتدميرا كبيرا لمنازلها وبساتينها. وحملت اسرائيل السلطة الفلسطينية مسؤولية العملية، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية واعتبرته محاولة من الحكومة الاسرائيلية للتغطية على عجزها. وقال رعنان غيسين المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون «لا تفرق حكومة اسرائيل بين هجوم بالهاون على بلدة او قرية اسرائيلية في النقب وبين هجوم انتحاري او ارهابي في كفار سابا، فالمسؤولية النهائية او العامة في الحالتين تقع مباشرة على عاتق السلطة الفلسطينية». واعرب غيسين عن اهتمام اسرائيل بوقف ما اسماه بالعمليات الحربية.

وردا على الاتهامات الاسرائيلية قال عزام الاحمد وزير الاشغال العامة لـ«الشرق الأوسط» ان «هذا كلام قديم ومتوقع ومرفوض جملة وتفصيلا. والحكومة الاسرائيلية تعرف جيدا ان لا مسؤولية علينا في مثل هذه العمليات، فهي تنفذ على ارض اسرائيلية لا سلطة لنا عليها لا امنيا او حتى اداريا. فكلامهم مردود عليهم وهو للاستهلاك المحلي وتغطية لعجزهم».

ونتيجة للعملية اجل زعيم حزب ميريتس اليساري المعارض يوسي سريد امس اجتماعا كان مقررا امس مع الرئيس عرفات. وقال سريد ان التأجيل تم بالاتفاق مع الفلسطينيين، معترفا بعدم اعطاء من اسماهم بالارهابيين الفرصة لكي يملوا «علينا جدول اعمالنا، لكن حين يكون هناك قتلى وجرحى من الصعب التحاور وعلينا ان نولي اعتبارا للالم».

واكد سريد ضرورة «التحاور وامكانية التوصل الى صيغة» يتعهد فيها الفلسطينيون بانهاء ما اسماه ـ مثل اعضاء حكومة شارون ـ بالعنف مقابل تعهد اسرائيلي بوقف الاستيطان.

ووقعت العملية الانتحارية عند موقف للحافلات كان يعج بالناس، في كفار سابا القريبة من الخط الاخضر، في الساعة التاسعة صباحا حسب التوقيت المحلي (السادسة حسب توقيت غرينتش) اي في ساعات الازدحام الرئيسية في المدينة حيث يتوجه الناس للعمل وقضاء الحاجة بعد عطلة نهاية الاسبوع. ووصف يهودا باتشر قائد شرطة في المنطقة في تصريحات للاذاعة الاسرائيلية الحادث بقوله «نحو الساعة 9.10 صباحا وقع انفجار في محطة ركاب. عندما كانت حافلة تدخل للمحطة وقف مهاجم انتحاري الى جوارها وفجر نفسه». واثارت العملية حالة من الرعب والفوضى العارمة في المحطة. وكان الانتحاري الذي لم تعرف هويته بعد، يقف عند موقف للحافلات في المدينة اليهودية الواقعة عند تقاطع شارعي فايتسمان وتشيرنيكوفسكي، عندما ضغط على صاعق التفجير للمتفجرات التي كان يلفها على جسده مع توقف الحافلة رقم 29 التي كانت في طريقها الى هرتسيليا شمال تل ابيب، لصعود مسافرين آخرين. فقتل الانتحاري نفسه وطبيبا يبلغ من العمر 53 سنة اسمه ماريو غولدينغ، كان يقف الى جواره. وجرح ما لا يقل عن 50 آخرين من بينهم حسب الاذاعة الاسرائيلية حالة واحدة خطيرة والبقية بين متوسطة وطفيفة.

وقال رجال اسعاف انهم نقلوا 38 جريحا للمستشفى احدهم في حالة خطيرة والباقون اصاباتهم بسيطة.

وشكك مسؤول «حماس» في عدد القتلى في صفوف الاسرائيليين وقال «شاهدت جنديا اسرائيليا يتحدث الى التلفزيون عما شاهده لحظة الانفجار. وقال الجندي كانت تقف بالقرب من المحطة سيارة من طراز نوفا فوكسهول، فامتلأت باشلاء المصابين. وقال مسؤول حماس «وهذا دليل على ان عدد القتلى اكثر بكثير».

ونقل المصابون الى مستشفى مائير في المدينة وكذلك مركز رابين الطبي في مستوطنة بتاح تكفا المقامة على انقاض وارض قرية ملبس الفلسطينية.

وكانت كفار سابا قد شهدت في 14 الشهر الحالي انفجار عبوتين ناسفتين خلال ساعة واحدة اسفر الانفجار الثاني عن جرح اسرائيلي هو بنحاس ليفي (70 سنة). وفي الانفجار الاول الذي وقع في تقاطع شارعي هيرتسل هانيفئيم دمرت سيارتان. وجاءت عملية امس بعد ساعات فقط على الاجتماع الامني الفلسطيني ـ الاسرائيلي الذي عقد في مقر الرئيس عرفات في بيت حانون شمال قطاع غزة، تحت الرعاية الاميركية من اجل العودة الى التنسيق الامني حسب الاسرائيليين. اما الفلسطينيون فيقولون ان الهدف من هذه الاجتماعات هو رفع الحصار والاغلاق المفروض على الشعب الفلسطيني، لتمهيد الطريق امام استئناف المفاوضات المتوقفة منذ ما قبل انتخابات رئاسة الوزراء في اسرائيل في 6 فبراير (شباط) الماضي.

وتضاربت التقييمات لنتائج اللقاء الذي استغرق 3 ساعات وهو الاول من نوعه منذ اقتحام اسرائيل بيت حانون الثلاثاء الماضي. فالاسرائيليون قالوا ان اجواء طيبة وجادة سادت الاجتماع وان الطرفين اتفقا على تعاون امني طويل المدى وقررا تنفيذ سلسلة خطوات ستؤدي الى وقف ما اسموه بالارهاب والعنف مقابل تخفيف القيود المدنية والاقتصادية المفروضة على الفلسطينيين. اما الوزير الفلسطيني عزام الاحمد فقال ان الاجتماع لم يسفر عن اي نتائج ولم يكن له علاقة بالتنسيق الامني. وان كل طرف جاء بمطالبه لعرضها على الاخر لكن الاجتماع الذي خاض في بعض التفاصيل، على حد قول الاحمد، انتهى دون نتائج. واشار الاحمد الى ان الاجتماع كان يخص الوضع في قطاع غزة، اذ لم يحضره اي من المسؤولين الامنيين في الضفة الغربية امثال جبريل الرجوب رئيس الامن الوقائي والحاج اسماعيل جبر رئيس الشرطة.

وقال مدير جهاز الامن الوطني الفلسطيني اللواء عبد الرازق المجايدة لـ«الشرق الأوسط» ان الجانب الفلسطيني سلم الوفد الاسرائيلي في المحادثات قائمة تضم عددا من المطالب منها اعادة فتح الطرق المغلقة واعادة فتح مطار غزة الدولي الا انه قال ان الجانب الاسرائيلي لم يف بمجرد الحد الادنى من هذه المطالب.