علي جدي: القضاء الجزائري ظلم حشاني حيا ولا يحق له أن يظلمه ميتا

المسؤول السابق في جبهة الإنقاذ لـ«الشرق الأوسط»: الاغتيال سياسي ومحاكمة بولمية لم تقنع أحدا

TT

رفض قيادي في الجبهة الاسلامية للانقاذ الجزائرية المحظورة امس ان يطوى ملف قضية اغتيال صديقه ورفيقه عبد القادر حشاني «بتلك السرعة» ودعا الى إلقاء الضوء على ملابسات الجريمة «مهما كانت نتائج ذلك مُرّة».

وقال علي جدي لـ«الشرق الأوسط» انه «لا يحق للقضاء الجزائري الذي ظلم الشهيد حشاني حياً ان يظلمه ميتاً». وأضاف ان اغتيال الرجل الثالث في الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة، في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1999 يبقى «من اكبر الاغتيالات السياسية في الجزائر». لذلك فان رفيق حشاني يبدو متمسكاً برفضه رواية السلطات التي أعلنت ان اغتيال حشاني كان فعلاً معزولاً. وقد جرت محاكمة المتهم المفترض بقتله فؤاد بولمية يوم 12 ابريل (نيسان) الجاري وصدر ضده حكم بالاعدام، رغم انه حاول خلال المحاكمة الأخيرة نفي ما سبق ان صرح به امام قاضي التحقيق، مشيراً الى انه تعرض للتعذيب وضغوط مسؤولين في المخابرات من اجل الاعتراف بأنه هو الذي ارتكب جريمة القتل. وقال بولمية قبل صدور حكم الاعدام ضده «انا لم أقتل حشاني ولا أتحمل مسؤولية موته».

وذكّر جدي، احد الذين أُطلق سراحهم عام 1994 وأحد القلائل الذين بقوا أوفياء لخط الجبهة المتشدد ازاء الحكم الجزائري، ان اغتيال حشاني «وقع في وضح النهار، وفي قلب العاصمة، وتحت انظار مصالح الأمن التي فرضت عليه المتابعة عن قرب في كل تحركاته، ووقع بعدما سلّم المرحوم رسالة الى وزير الداخلية ورئيس الجمهورية ينبئهما فيها عن المخاطر التي تترصده، وعن تعرفه على طرف خطير من الضالعين فيها، أعطى ما يكفي من المعلومات للكشف عنه»، في اشارة الى رسالة مؤرخة يوم 28 اكتوبر (تشرين الأول) عام 1999، تحمل توقيع حشاني وتتضمن شكوى من تصرفات بعض ضباط الأمن، وتحدث كثيراً عن شخص يدعى «نعيم»، قال انه زاره في بيته عدة مرات، «وكاد هذا الأمر يمر كذلك من دون أثر، لولا انني فوجئت يوم 18/10/99 في حدود الساعة العاشرة صباحاً بالشخص نفسه (نعيم) خارجاً من المقر المركزي لأمن دائرة باب الوادي، حيث مقر سكناي». وختم حشاني رسالته بطلب الى وزير الداخلية ليضع «الأمور في نصابها، وابعاد الجميع عن كل مواطن الشك والريبة، عسى ان يوفقنا الله جميعاً لما فيه خير البلاد والعباد».

وتساءل جدي «من يستطيع ان يصدق ان اغتياله فعل معزول، وقع بفعل تلاقي كل تلك الصدف العجيبة، وفق سياق أغرب من الخيال؟ فرواية الشرطة تقول ان الصدفة هي التي جعلت حشاني والمتهم (بولمية) يصابان بنفس المرض، ويقصدان نفس العيادة، وفي نفس الوقت، فيتعرف المتهم عليه صدفة ويقتله لأنه كان قد سمع انه من الجزأرة (تيار أصولي يدعو الى التمسك بخصائص الجزائر في العمل الاسلامي)، ثم يخرج من دون ان يتعرض له أحد».

ومثلما سبق لممثل عائلة الضحية ان صرح لـ«الشرق الأوسط» بان الحكم الصادر من طرف محكمة جنايات الجزائر «غير مقنع»، مشيراً الى وجود «شك قوي لدينا ان يكون بولمية هو الجاني الأساسي، وحتى ولو كان هو من نفذ الجريمة فليس وحده»، فقد أشار جدي الى ان «المحاكمة الخاطفة التي جرت الآونة الأخيرة في غياب أهله، ردت اعترافاته التي أدلى بها على مشهد من رجال الاعلام والقانون وأدانته بتلك الأقوال الواهية التي يقول انها انتزعت منه تحت التعذيب»، لذلك فان «من حق عائلته (حشاني) ومحبيه ان يقولوا ان هذه المحاكمة استعجلت طي ملف شائك وحكمت عليه بالاعدام قبل ان تكشف عن الحقيقة كاملة، إذ ان الشهادات التي استمعت اليها المحكمة لم تقنعنا بأن المتهم جان ولا انه بريء». وخلص جدي الى انه «ما دامت المحكمة كذبته في ما قاله أمامها، فالأولى ان تكذبه في ما نُقل عنه من انه فعل فعله بمعزل عن أي شريك او مدبر».

وأكد جدي انه «من واجب القضاء كشف الحقيقة ولو كانت مرة، وليس من العدالة ان يهمل التحقيق تلك الرسالة التي تسلمتها السلطات الرسمية من يد الفقيد حول الطرف الذي كان يترصده قبل اغتياله، ولا تلك السيارات الأمنية التي كانت لا تفارقه في كل تنقلاته، لا سيما وقد أكد الشهود امام المحكمة ان سيارة من هذا النوع شهدت مقتله». وكان بعض الشهود الذين استمعت اليهم المحكمة اكدوا انهم شاهدوا سيارة من نوع «رينو ـ سوبر 5» رمادية اللون متوقفة مقابل العمارة التي تأوي عيادة جراحة الأسنان التي اغتيل فيها حشاني عند وقوع الجريمة. وقد شوهدت نفس السيارة قبل اسبوعين من وقوع الجريمة في نفس الموقع وعلى متنها شخصان في زي مدني يحمل احدهما جهاز اتصال لاسلكياً. يذكر أن حشاني اغتيل داخل عيادة خاصة لطب الأسنان، يوم الاثنين 22 نوفمبر 1999، برصاصة واحدة اسكنها القاتل قفاه. وقد أعلنت مصالح الأمن بعد ثلاثة أسابيع انها تمكنت من القاء القبض على الجاني، ويتعلق الأمر ببولمية (المدعو عبد الفتاح)، وبحوزته المسدس المستعمل لتنفيذ الجريمة وعلى بطاقة هوية الضحية وكذا بطاقة شرطي مغتال. ويثير اصدقاء حشاني عدة تساؤلات حول اهداف الاغتيال الذي يؤكدون انه يجب ان يصنف ضمن خانة الاغتيالات السياسية. ويقدم هؤلاء «ثلاثة أسباب على الأقل تكون وراء تصفيته. ف