إسرائيل تتراجع عن موقفها تجاه المبادرة الأردنية ـ المصرية وتعلن الاستعداد لقبولها إذا عدلت

TT

غيرت اسرائيل موقفها المعلن من المبادرة الاردنية ـ المصرية لوقف المواجهات واستئناف المفاوضات السلمية الاسرائيلية ـ الفلسطينية، واعلنت بلسان مسؤول في مكتب رئيس الوزراء، آرييل شارون، وبلسان وزير الدفاع، بنيامين بن اليعازر امس استعدادها لقبول المبادرة اذا ما جرى تعديل بعض بنودها.

وكان مكتب شارون قد اعلن الاسبوع الماضي رفضه القاطع للمبادرة، معتبرا اياها «مبادرة فلسطينية، يتخفى وراءها الاردنيون والمصريون»، بل انه تحفظ على اي تدخل من جانب عمان والقاهرة، وقال «اذا كانا ينويان التدخل في العملية السلمية، عليهما اولا اعادة سفيريهما الى تل ابيب». واتهم شارون في ما بعد وزير القضاء الاسرائيلي السابق، يوسي بيلين، المعروف بمواقفه المعتدلة، بالوقوف وراء تلك المبادرة لغرض احراج الحكومة، وخصومه في حزب العمل الذين يشغلون مناصب وزارية في حكومة شارون، في اشارة الى رفض بيلين اقامة حكومة ائتلافية بين العمل والليكود.

ولكن، وبشكل مفاجئ، همس مسؤول في مكتب شارون في اذن المراسل السياسي للاذاعة الاسرائيلية باللغة العبرية بان هناك «تغييرا جديا» في الموقف من تلك المبادرة. ثم اعلن بن اليعازر ان المبادرة جديرة بالدراسة وتحتوي على عناصر ايجابية كثيرة، خصوصا وقف المواجهات، وان هناك طاقما مؤلفا من مكتب رئيس الوزراء ووزارتي الخارجية والدفاع في اسرائيل ينكب على دراسة هذه المبادرة حاليا، «واعتقد انه بعد اجراء بعض التعديلات على بنودها يمكن ان تكون اساسا مقبولا للعودة الى طاولة المفاوضات».

والمعروف ان البند الذي ترفضه اسرائيل بشكل صارخ في المبادرة، هو الذي يدعو الى وقف جميع النشاطات الاستيطانية. كما تتحفظ تل ابيب على الانتقال لمفاوضات الحل النهائي، وتفضل اجراء مفاوضات على الحل المرحلي طويل الامد «حتى ينضج الطرفان لقبول السلام الكامل».

بالاضافة الى ذلك، اكد بن اليعازر ان حكومته ستواصل عملياتها الحربية ضد الفلسطينيين لوقف ما سماه بالعنف والارهاب. وقال: «ليس لدينا اي شيء ضد السكان المدنيين الآمنين. ولكننا سنواصل الحرب ضد اولئك الذين يمارسون الارهاب او يقفون وراءه».

وكان قد اشار في تصريح سابق الى تحميل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات المسؤولية عن العنف قائلا في حديث تلفزيوني اول من امس، ان عرفات حتى ولو لم يكن مشرفا بشكل مباشر على العنف فهو يعتبر المستفيد الاول منه، لذلك يتحمل مسؤوليته. واضاف في لقاء مع اعضاء لجنة الخارجية والامن في الكنيست، امس، انه «ثبت بشكل قاطع» انه عندما يريد عرفات وقف العنف فبامكانه ايقافه باصدار امر شفهي من جملة واحدة، «والدليل هو اننا في اليومين الاخيرين نشهد هدوءا تاما في عمل مدافع الهاون الفلسطينية ضد المستوطنات الاسرائيلية» حسبما قال.

اما في الجانب الفلسطيني فقد بدرت تحفظات على الموافقة الاسرائيلية المفاجئة على المبادرة الاردنية ـ المصرية. وقال احمد قريع (ابو علاء)، رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وأحد كبار المفاوضين الفلسطينيين، ان الخوف هو ان تكون هذه الموافقة صورية تخفي وراءها محاولات التفاف وتآمر لفرض شروط تجهض المبادرة وتغير مضمونها.

وعلى الصعيد الميداني، قتل الجنود الاسرائيليون امس فتى فلسطينيا آخر حين اطلقوا الرصاص عليه وعلى مجموعة اخرى من الشبان، بعد الانتهاء في خان يونس من تشييع ماضي خليل ماضي (25 عاما) وهو ملازم في قوات امن الرئاسة الفلسطينية اطلقت عليه القوات الاسرائيلية الرصاص واصابته بجراح الاسبوع الماضي وتوفي متأثرا بجراحه اول من امس.

ويواصل المستوطنون اليهود في الخليل اعتصامهم في شارع الشهداء المدينة، مطالبين قوات الاحتلال باعادة احتلال حي ابو سنينة في المدينة، ويقومون بين الفينة والاخرى بالعربدة وبالاعتداءات على سكان مدينة الخليل وعلى الصحافيين الفلسطينيين الذين يصورون اعتداءاتهم.

وافاد اهالي قرية مادما قرب نابلس ان المستوطنين في مستوطنة يتسهار قاموا بسرقة 400 رأس غنم يملكها سكان القرية الفلسطينيون.

من جهة ثانية، اتفق الفلسطينيون والاسرائيليون على لقاء امني آخر، مساء امس، لبحث الاوضاع الامنية في الضفة الغربية. وذكر مصدر اسرائيلي رفيع ان وزير الدفاع، بين اليعازر، تجاوب مع طلب كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، ووافق على فك الحصار تماما عن مدينة اريحا مقابل التزام الفلسطينيين بوقف العمليات المسلحة في شارع غور الاردن.

كما اعلن ان شارون وافق على مد خط سكة حديد بين قطاع غزة والضفة الغربية، يكون بمثابة ممر آمن وحر للفلسطينيين، بحيث يكون الخط تابعا لاسرائيل امنيا واداريا، وتكون القاطرات مملوكة للفلسطينيين.