قوات الاحتياط الإسرائيلية معرضة للانهيار بسبب تهرب الجنود المتزايد من الخدمة

الإسرائيليون باتوا لا يؤمنون بالتضحية ويطالبون بتحسين الأجور

TT

دائما ما اعتبر الكولونيل آرييل هيمان خدماته السنوية في صفوف قوات الاحتياط الاسرائيلية عملا تشرف بالاضطلاع به. وخلال الاعوام الـ25 التي خدم فيها بين صفوف تلك القوات، شارك في حربين تصدى لثورتين فلسطينيتين، ولم يتلق غير قدر ادنى من الاجور كتعويضات.

اما اليوم فان هيمان وكثيرين سواه من جنود الاحتياط يحذرون من ان «جيش المواطنين» الذي يفتخر به الاسرائيليون معرض لخطر الانهيار ما لم تتحرك الحكومة الاسرائيلية لاتخاذ خطوات سريعة لتحسين ظروف افراد هذه القوات ومعاقبة الاعداد الاكبر التي تحجم عن المشاركة فيها. ونظم هؤلاء حملة احتجاج غير مسبوقة لكسب تعويضات افضل ونيل قسط اكبر من الاحترام والتقدير لمجهوداتهم. وفي هذا السياق يعلق هيمان قائلا «ان الامور تتغير في هذا المجتمع على نحو بطيء، ولو رافقتني وجلستي بصحبتي وصحبة اصدقائي ليلة جمعة، فانك ستجدين ان الجميع لا يزال يشارك في قوات الاحتياط، بيد ان ذلك غير متحقق في كثير من قطاعات المجتمع الاخرى»، ويضيف «لقد شرع الناس في التساؤل: لم اخدم بلدي في حين ان كثيرين غيري يعرضون عن ذلك؟ ان الناس باتت في احباط متعاظم يوما بعد يوم».

ومع تحول اسرائيل الى مجتمع يعتمد بشكل متزايد في صناعاته على التكنولوجيا المتقدمة، بات «المتغربنون» ينظرون الى الخدمة العسكرية كعبء ثقيل. ويتهرب اليوم آلاف من الاسرائيليين من الخدمة في الاحتياط من خلال المطالبة باعفائهم من الخدمة، مثل اليهود المتدينين او لعدم لياقتهم العقلية او الجسدية. ويرى في هذا الصدد الكاتب في صحيفة «يديعوت احرونوت» الاسرائيلية أبير شيلوح ان «قوات الدفاع الاسرائيلية لم تعد جيش الشعب الاسرائيلي، لان الاسرائيليين باتوا غير مستعدين للتضحية في سبيل هذا الجيش، ولانه جيش حديث ايضا».

واثر قرار الجيش الاسرائيلي الاخير بزيادة عدد ايام خدمة الاحتياط هذا العام من 30 الى 40 يوما، الى جانب القانون الصادر عن الكنيست الاسرائيلي باعفاء الذكور من اليهود المتدينين من الخدمة في الجيش، ثارت ثائرة افراد الاحتياط الذين يناضلون الآن ضد هذين الامرين. وقرعت التحذيرات التي اطلقوها ناقوس الخطر داخل الجيش والحكومة والبرلمان (الكنيست)، في الوقت الذي تواجه فيه اسرائيل انتفاضة فلسطينية عارمة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحاول التصدي لحزب الله على الحدود مع لبنان. اما الازمة الحقيقية التي ستندلع داخل قوات الاحتياط بحسب الصحافي المتخصص في الشؤون العسكرية بصحيفة «هآرتس» عاموس هاريئيل فهي عند دعوة الجنود الاسرائيليين الذين قاتلوا في الضفة الغربية وغزة منذ سبتمبر (ايلول) الماضي «للخدمة للمرة الثانية او الثالثة في اقل من عامين، والاوضاع لا تزال خطيرة في الميدان». واجتذبت قضية افراد الاحتياط انظار الاسرائيليين الاسبوع الماضي عندما عمدت «حركة اليقظة» التي شكلتها مجموعة منهم الى نصب «خيمة المستغلين» عند محطة سكة حديد تل ابيب، اذ ان من اقبح الامور في المجتمع الاسرائيلي سماح شخص للآخرين باستغلاله. واثار هؤلاء ضجة اعلامية بقولهم ان شعور الواجب الوطني الذي يرغمهم على الخدمة في تلك القوات يجعل منهم «مستغلين» في عيون ابناء بلدهم من الاسرائيليين.

وحسب احصائيات الجيش الاسرائيلي، فان نصف الرجال القادرين في اسرائيل خدم في الجيش الاسرائيلي، وان واحدا فقط من بين كل ثلاثة رجال قادرين على الخدمة يخدم فعلا في تلك القوات حتى بلوغه عامه الخمسين. كما ان من بين كل 10 جنود قادرين يخدم واحد فقط في وحدات تعتبر خطيرة.

وكان من بين الجنود الاسرائيليين الـ31 الذين قتلوا منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية خمسة من قوات الاحتياط. علاوة على ذلك، كان الجنديان الاسرائيليان اللذان اختطفتهما الجماهير الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية اكتوبر (تشرين الاول) من قوات الاحتياط. ويشتكي افراد الاحتياط من ان الجيش فشل في تزويد العديد منهم بافضل التجهيزات الواقية خلال تأديتهم واجبهم في الاراضي الفلسطينية، وعمد اهالي بعضهم الى شراء سترات واقية لابنائهم.

فضلا عن ذلك، اشتكى هؤلاء ايضا من ان الكثيرين من قوات الاحتياط فقدوا وظائفهم بسبب قضائهم فترات طويلة بالخدمة في الجيش خلال الاشهر الستة الماضية، في حين ان بعضهم الآخر وجد ان اساتذته في الجامعة غير مستعدين على ترتيب مواعيد اضافية لهم لتقديم امتحاناتهم الجامعية التي فاتهم تقديمها بسبب الخدمة. فضلا عن ذلك، يقول بعض افراد الاحتياط انهم عندما يقدمون طلبات الالتحاق بوظائف معينة، فان اصحاب العمل لا يأخذون طلباتهم بعين الاعتبار، خاصة ان كانوا ضمن وحدات قتالية ويتوقع ان يدعوهم الجيش مرات متكررة. ويطالب افراد قوات الاحتياط بزيادة ما يتلقونه من رواتب يومية تبلغ 24 دولارا في اليوم، وان يجري الدفع لهم عن كل يوم يقضونه في الخدمة. ولا يتسلم هؤلاء حاليا اي رواتب الا بعد يومين او ثلاثة ايام من خدمتهم. كما يطالبون باعفاءات من ضرائب الدخل والبلدية، والحصول على نفس ميزات الرواتب التقاعدية والتأمين الاجتماعي التي يتلقاها الجنود النظاميون. وقبل ذلك كله، يقول هيمان الذي خدم 140 يوما في العام خلال خدمته في صفوف الاحتياط بانهم يريدون قدرا من الاحترام والتقدير.

* خدمة «لوس انجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»