عبد المجيد لـ«الشرق الأوسط»: وساطة العاهل الأردني بين الكويت والعراق لن تكون سهلة على الإطلاق

أدعو بغداد والكويت للمرونة من أجل حسم ملف الأسرى والمفقودين

TT

أعرب الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام للجامعة العربية عن تفاؤله بنجاح جهود الوساطة التي سيبذلها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بتكليف من القمة العربية حول الحالة بين العراق والكويت من أجل تنقية الأجواء وفتح الطريق نحو المصالحة العربية المنشودة.

وتوقع الدكتور عبد المجيد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أمس في القاهرة ألا تكون مهمة العاهل الأردني في هذا الصدد سهلة على الاطلاق غير أنه أكد ثقته بنجاح المهمة في نهاية المطاف. ورحب الأمين العام للجامعة العربية بقرار السلطات الكويتية مؤخراً السماح للعائلات العراقية بزيارة أبنائها المسجونين لديها على ذمة قضايا جنائية، واعتبر أن هذا القرار ايجابي ويمكن أن يمثل بداية جيدة لخطوات أوسع لحل مشكلة الأسرى والمفقودين التي وصفها بأنها قضية انسانية مستعصية يجب حسمها على الفور.

وأبدى الدكتور عبد المجيد تفهماً لتحفظ العراق على مشاركة لندن وواشنطن في اجتماعات اللجنة الدولية في جنيف لمتابعة ملف الأسرى غير أنه أكد أن ذلك لا يجب أن يمثل عائقاً أمام حل هذا الملف لصالح الطرفين.

* ما هو تقييمك لقرار السلطات الكويتية مؤخراً السماح للعائلات العراقية بزيارة أبنائها المسجونين لديها في قضايا جنائية؟

ـ هذه هي أول مرة أسمع فيها بهذا القرار ولم يخطرني به أحد من قبل ولكنني مع ذلك أرحب به وأعتبره مبادرة ايجابية من جانب الكويت ويعكس رغبة في الوصول إلى حل لمشكلة الأسرى والمفقودين المستعصية. وإذا كانت هذه الزيارات ستحدث فلا شك أن هذا سيكون له تأثير في الجانب العراقي، وأعتقد أن هذا ايجابي ومفيد.

ولعلك تعلم أن موضوع الأسرى والمفقودين يأتي في قلب اهتمامنا وحاولنا بكل جهد ايجاد مخرج له قناعة منا بأن ذلك سيؤدي إلى تنقية الأجواء بين الكويت والعراق وفتح المجال نحو تحقيق المصالحة العربية التي باتت هي الحاضر الغائب في عالمنا العربي المعاصر.

وفي تقديري إن قضية الأسرى والمفقودين هي قضية انسانية في المقام الأول ويجب تسليط الأضواء عليها.

* هل يعني ذلك أن العراق لم يكن يتعاطى بايجابية مع ملف الأسرى أو اطروحاتك بشأنه؟

ـ لا.. ليس على هذا النحو انما العراق يقول انه ليس لديه أي أسرى أو مفقودين كويتيين ولكن مسجونين عرب وهذا هو ما أبلغني به الرئيس العراقي صدام حسين عندما التقيته في بغداد عام 1998 بناء على تكليف من الرئيس المصري حسني مبارك الذي كان يترأس القمة العربية آنذاك.

وعندما أثرت مع الرئيس صدام موضوع الأسرى الذين تقول السلطات الكويتية انهم محتجزون بالعراق قال انه لا يوجد سوى أسرى عرب وقد أفرج بالفعل عن عدد من هؤلاء واصطحبتهم معي في رحلة العودة للقاهرة وأعتقد أن موضوع الأسرى هو أحدى أولويات الحكومة الكويتية وأنا أتفهم ذلك تماماً.

لقد قابلت أسر الضحايا بنفسي عدة مرات ولمست معاناتهم وواضح أن لديهم مشكلة يجب حلها بشكل حاسم وسريع.

* لكن ما بين النفي العراقي والتأكيد الكويتي لملف الأسرى أين دور الجامعة العربية في حسم هذا الملف الحساس؟

ـ دعني أقول لك ان جهوداً كبيرة بذلت وتبذل من أجل تنقية الأجواء وحل القضايا الانسانية مثل الأسرى، وأنا من أنصار ايجاد الحوار حتى لو اقتصر الأمر على موضوع الأسرى لأن ذلك يمكن أن يكون بداية لحوار أوسع.

ومن هذا المنطلق فأنا أؤيد تماماً الخطوة الكويتية الأخيرة التي أرجو أن يكون لها آثار ايجابية.

* وأنت تستعد لترك منصبك كأمين عام للجامعة العربية ما هي خبرة سنواتك العشر الماضية حيال ملف الأسرى؟

ـ أعتقد أن هذا الملف انساني بالدرجة الأولى وأنا أتعاطف مع الأسير أياً كانت ظروفه وجنسيته وأتمنى أن يتعاون الجميع لايجاد حل بما في ذلك المنظمات الدولية المتخصصة كالصليب الأحمر.

* ولكن العراق يتحفظ على مشاركة بريطانيا والولايات المتحدة في اجتماعات جنيف في هذا الصدد، هل تؤيد هذا التحفظ العراقي خاصة أن الدولتين سبق أن شنتا هجوماً عسكرياً على العراق عام .1998 ـ انني أتفهم هذا التحفظ العراقي واعتبره في محله، ولكن ذلك في تقديري لا يجب أن يكون عائقاً أمام أي تحرك من أي جهات أخرى فمن الممكن أن يتم ذلك عن طريق الجامعة العربية أو الصليب الأحمر.

* هل هذه دعوة جديدة للطرفين الكويتي والعراقي للقبول بوساطة الجامعة العربية لحل قضية الأسرى والمفقودين العالقة بينهما؟

ـ ليست دعوة جديدة على الاطلاق فالدعوة مفتوحة منذ فترة ولعلك تذكر أنني طرحت مبادرتي للمصالحة العربية خلال شهر مارس (آذار) عام .1993

* كيف تنظر إلى تكليف العاهل الأردني عبد الله الثاني رئيس القمة العربية الأخيرة اجراء اتصالات بين الكويت والعراق؟

ـ أنا مرتاح جداً لهذه الخطوة واعتبرها ايجابية للغاية وهو حريص على المصالحة العربية الشاملة، وأعتقد أنه يجب دعم تحركاته في هذا الاطار بكل الوسائل.

* هل تتوقع صعوبات في هذه المهمة؟

ـ لا يوجد ملف سهل على هذا النحو، قد تكون هناك صعوبات وهذا أمر متوقع، فأنت لا يمكنك حسم كل القضايا في جلسة واحدة ولكنني أعتقد أن العاهل الأردني هو خير من يقوم بهذه المهمة وأنا متفائل بنجاحه فيها.

* على أي أساس تبدي هذا التفاؤل؟

ـ على أساس وجود شعور عام بحرص كبير على تحقيق المصالحة من كل الأطراف وأرجو ألا يطول الوقت في انتظار حدوث ذلك لأن الوقت لم يعد في صالح الأمة العربية.

* دعنا ننتقل لملف الصومال، من بين 450 مليون دولار يحتاج اليها الصومال لاعادة اعماره دخل ميزانية الجامعة العربية مؤخراً مليونا دولار فقط تبرعاً من قطر وليبيا، فهل هذا منطقي؟

ـ انني أؤمن بأن أول الغيث قطر وما لا يدرك كله لا يترك كله وشيء أفضل من لا شيء، كما يقال.

والبداية المتواضعة هذه يجب أن لا تحبطنا أو تثنينا عن مساعدة الصومال هذا القطر العربي الشقيق على تجاوز محنته وآلام الحرب الأهلية المدمرة التي عاشها شعبه على مدى السنوات العشر الماضية. وأنت تعلم أن ملف الصومال كان من بين أولويات الجامعة العربية وتم بذل جهود كبيرة لتحقيق المصالحة الصومالية الشاملة كما تم صرف مبالغ مالية على النواحي الانسانية والطبية لدعم الصومال بالاضافة إلى تبرعات بعض القادة والزعماء العرب وآخرهم السلطان قابوس سلطان عمان.

* ثمة تزاحم عربي رسمي وشعبي على تكريمك مع اقتراب انتهاء فترة ولايتك الثانية في منتصف شهر مايو (ايار) المقبل كيف تنظر إلى ذلك؟

ـ هذا شيء يسعدني من دون شك وأشعر معه بالراحة والثقة والاطمئنان إلى أن الأمة العربية لا تنسى رجالها ومسؤوليها على الاطلاق وتبادر إلى تكريمهم.

وعندما أنظر خلفي الى السنوات العشر الماضية أشعر بالرضى لأنني سعيت الى خدمة الأمة والمصالح العربية بكل طاقة ممكنة.

وعندما كنت في الجزائر مؤخراً شرفني الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بتقليدي أرفع وسام في الجزائر وهذا ما أعتز به كما أن مظاهر التكريم الشعبية التي أحاطت بي مبعث فخر وتقدير كبير عندي كونها هذه المرة تعكس نبض الشارع العربي.