ملفات الاستخبارات الأميركية: طبيب هتلر حذر من احتمال تحوله إلى أكثر المجرمين جنونا في العالم

«سي. آي. إيه» أخفت معلومات عن ماضي فالدهايم وتخوفت من ابتزاز الروس له

TT

كشفت ملفات وكالة الاستخبارات المركزية «سي. آي. إيه» التي تم الكشف عنها خلال الأيام الماضية ان الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي تسابقا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية على استخدام ضباط الاستخبارات النازيين كجواسيس خلال الحرب الباردة، بدون الاهتمام كثيرا بمصداقيتهم او تورطهم في جرائم حرب.

وقد ظهرت هذه المعلومات حول التنافس في مجال الاستخبارات بعد نهاية الحرب العالمية الثانية في مجموعة من الوثائق تضم اكثر من 10 آلاف صفحة من ملفات وكالة الاستخبارات المركزية بخصوص 20 نازيا، من ادولف هتلر نفسه الى الامين العام السابق للامم المتحدة والرئيس النمساوي السابق كورت فالدهايم. وطبقا للمسؤولين في هيئة سجلات الحرب العالمية الثانية التابعة للحكومة الاميركية، فإن وكالة الاستخبارات المركزية لم تكشف من قبل عن هذا العدد الكبير من الملفات بخصوص اشخاص محددين.

وبالرغم من ان الملفات تتعلق بشخصيات نازية مثل هتلر وادولف ايخمان وجوزيف مينجل وكلاوس باربي وهنريش مولر، فإن بعض اهم المعلومات موجودة في ملفات عدد من الشخصيات الاقل اهمية عمل العديد منهم لحساب اجهزة الاستخبارات الاميركية والسوفياتية والالمانية الغربية والبريطانية والفرنسية، وفي بعض الحالات في نفس الوقت.

وبالنسبة لعدد من النازيين الذين كانوا يمكن ان توجه لهم اتهامات بجرائم الحرب كان العمل لحساب اجهزة استخبارات المنتصرين في الحرب تعني عدم التعرض للسجن.

وذكر ايلي روسنباوم المسؤول عن متابعة كبار النازيين في وزارة العدل الاميركية في مؤتمر صحافي «ان المنتصرين الحقيقيين في الحرب الباردة كانوا مجرمي الحرب النازيين».

وقد كشفت الوثائق معلومة مثيرة من ملف هتلر اقتباساً من تقرير للدكتور فردناند ساوربروتش، أحد اطباء هتلر الخاصين، الذي قال في عام 1937 انه ظهرت على الديكتاتور الالماني علامات على جنون العظمة وانه «حالة بين العبقرية والجنون ... (ومن المحتمل) ان يصبح اكثر المجرمين جنونا في العالم».

وعندما كتب ساوربروتش هذا التقرير كان محقا بالطبع. ولكن تلك المعلومات لم تصل الى علم الحكومة الاميركية الا في 7 ديسمبر (كانون الأول) عام 1944، عندما ابلغ شخص الواقعة الى مسؤول في مكتب الخدمات الاستراتيجية وهو الهيئة التي اصبحت في ما بعد وكالة الاستخبارات المركزية. وحين ذلك كانت تلك الصفات التي اشار اليها الطبيب قد اصبحت واضحة.

وطبقا لعدد من المؤرخين لجرائم الحرب النازية فإن تلك الملفات يمكن ان تجيب عن عدد من الاسئلة التي ظلت بلا اجابة منذ نهاية الحرب العالمية، وهو لماذا لم تكشف وكالة الاستخبارات المركزية ماضي فالدهايم النازي عندما رشح السياسي النمساوي امينا عاما للامم المتحدة عام 1971. ويبدو ان الرد هو عدم مطالبة احد من الوكالة بإجراء بحث عن فالدهايم، ولم تكن الوكالة تعلم شيئا عن ذلك. ولم يتم اعداد ملف عن فالدهايم الا في ديسمبر عام 1981 عندما ذكر شخص، تم محو اسمه من الوثيقة، معلومات عن ماضي فالدهايم.

وبالرغم من ان مدة فالدهايم في الامم المتحدة كانت ستنقضي بعد عام، فإن الوكالة لم تقل شيئا عن التقرير. وانكشف ماضي فالدهايم في عام 1986 بعدما عاد الى النمسا.

وتكشف الوثائق ان وكالة الاستخبارات المركزية اجرت تحقيقات لمعرفة ما اذا كان لدى السوفيات معلومات كافية حول ماضي فالدهايم بحيث يمكن ان تبتزه. وفي النهاية قررت الوكالة ان موسكو لا تعرف شيئا عن نشاطات فالدهايم خلال الحرب العالمية الثانية الا بعد انكشاف القصة. واظهرت الوثائق ايضا ان الوكالة توصلت الى قناعة ان فالدهايم لم يكن قط يمثل رصيدا استخباريا سواء للولايات المتحدة او الاتحاد السوفياتي.

وبالنسبة للشخصيات النازية الموجودة في القائمة فإن كلاوس باربي المعروف باسم «جزار ليون»، هو الوحيد الذي عمل لحساب الاستخبارات الاميركية. وبسبب ارتباطه باستخبارات الجيش، فإن عملاء الاستخبارات الاميركية ساعدوه على الهرب لجنوب افريقيا. ولكن الملفات تكشف ان وكالة الاستخبارات المركزية كانت تشك فيه ولم تفعل شيئا لمنع تسليمه لفرنسا، حيث تمت محاكمته بتهمة جرائم ضد البشرية في عام 1987. وقد تكشفت علاقات باربي بالاستخبارات خلال المحاكمة.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»