الأسد شدد خلال لقائه بفيدرين على احترام الحق العربي وتعزيز الدور الأوروبي في وساطة الشرق الأوسط

موضوع الوجود العسكري السوري في لبنان الغائب الكبير عن المباحثات

TT

دعا الرئيس السوري بشار الأسد المجتمع الدولي الى اخذ الشارع العربي بالاعتبار «والتفريق بين المعتدي والمعتدى عليه»، مؤكداً في بيان صادر عن المكتب الصحافي في قصر الرئاسة السوري وذلك بعد استقبال الاسد وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين، «ان للعرب قضية وحقوقاً وأرضاً محتلة لا يمكن ولا يجوز تجاهلها».

استقبل الرئيس الأسد فيدرين والوفد المرافق له امس، بحضور وزير الخارجية السوري فاروق الشرع وهنري داراجون سفير فرنسا بدمشق. ودار الحديث حول الاوضاع الدقيقة التي نشأت في المنطقة والقلق الذي اثارته اقليميا وفي العالم، وكذلك حول قضايا اقليمية ودولية تهم الجانبين السوري والفرنسي. كما جرى تبادل للرأي حول سبل معالجة الوضع في المنطقة.

وقال البيان ان فيدرين أبدى اهتمام فرنسا بالوضع في المنطقة واستعدادها لعمل ما بوسعها للمساعدة على تخفيف التوتر والتقدم باتجاه السلام. وتابع ان فرنسا «على قناعة بأن لسورية دوراً مقرراً في معالجة المسائل المطروحة» وفي المقابل اعرب الأسد «عن التقدير لاهتمام فرنسا بالوضع في المنطقة» وعن ترحيب سورية بدور اوروبي فاعل في مساعي السلام». ودعا «الى التفريق بين المعتدي والمعتدى عليه والى اخذ الشارع العربي بالاعتبار، اذ ان للعرب قضية وحقوقاً وأرضاً محتلة لا يمكن ولا يجوز تجاهلها».

من جهة اخرى، في مؤتمر صحافي مشترك عقد قبيل مغادرة الوزير الفرنسي دمشق قال الوزير الشرع «ان محادثات فيدرين مع الرئيس الأسد تناولت كل المواضيع ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها المستجدات في المنطقة وما نجم عنها من تطورات خطيرة في الأراضي العربية المحتلة».

واضاف الشرع ان التحليل الذي تناول هذه المستجدات «كان متطابقاً او متقارباً الى حد بعيد... وقد بحثنا الاوضاع في مناطق اخرى من منطقة الشرق الاوسط وطرحت اسئلة من الجانبين السوري والفرنسي، وكانت لهذه الاسئلة اجوبة محددة واضحة ستساعدنا على تطوير العلاقات في ما بيننا وتعزيز الحوار الذي يزداد مع الأيام، واعتقد انه سيترسخ اكثر فأكثر خلال زيارة الرئيس الأسد لفرنسا هذا الصيف. كما تحدثنا ايضا عن العلاقات بين فرنسا وسورية، وكانت هناك رغبة مشتركة في تطوير هذه العلاقات في مختلف المجالات.

من ناحية ثانية، اشار الوزير السوري الى ان محادثات فيدرين في دمشق «لم تتضمن مسألة الوجود السوري في لبنان، وانا اوافق فيدرين على ما كان قد اشار اليه في بيروت من ان هذه المسألة تتم مناقشتها بين الحكومتين اللبنانية والسورية». وأكد ان اسرائيل «لا تقرر لا بضربات عسكرية ولا بضربات دعائية او سياسية مستقبل الوجود السوري في لبنان وليس لها علاقة بهذا الوجود. ذلك ان مسألة الوجود السوري في لبنان هي مسألة لبنانية ـ سورية ولا اريد الدخول في التفاصيل لكنني اريد ان اشير الى ان اسرائيل حاولت منذ الخمسينات وبشكل حاسم منذ نهاية السبعينات ان تتدخل في الوجود السوري في لبنان لكنها فشلت فشلا ذريعا وظهر هذا الفشل في مايو (ايار) من العام الماضي».

من جانبه، قال فيدرين «لقد قررت المجيء الى سورية بسبب موقفها الرئيسي والمكانة الرئيسية التي تحتلها في اطار حل قضية الشرق الأوسط، وجميعكم يعلم ان فرنسا تبحث باستمرار وبإصرار عن ايجاد سلام عادل وشامل في منطقة الشرق الأوسط، وبالنسبة لكل مسار نحاول دائماً ان نساهم اكبر اسهام سواء في المسار الفلسطيني او اللبناني او السوري. وفي الوقت الذي تزداد فيه مشاغلنا وتزداد فيه الاعمال الاسرائيلية، شعرنا انه من الافضل ان نتشاور وكان هناك جزء اساسي في المحادثات التي اجريتها مع الرئيس الأسد والوزير الشرع ووزير التخطيط وكان هذا الجزء يتعلق بالعلاقات الثنائية، وفرنسا على استعداد لتشجيع سورية في مجال التحديث كما اعلنا ذلك من قبل. وبالنسبة للموقف على صعيد المنطقة وبدون ان نضع الجميع على قدم المساواة لدينا ما نطالب به الجميع، كل الحكومات وكل القوى السياسية، لأن يظهروا شعوراً بالمسؤولية وألا يفعلوا اي شيء من شأنه ان يمس بامكانية الحل السياسي، وان البحث عن هذا الحل السياسي ينبغي ان نعود اليه في وقت ما، لأنه من دون ذلك لن يكون هناك أمن وسيكون كل شيء وهمياً وكلما تحقق ذلك مبكراً كان ذلك افضل. وفي كل حال هذا يتطلب مسبقاً اجراءات طوارئ ملحة لايقاف التصعيد في الأراضي المحتلة وهناك قرارات ينبغي ان تتخذها الحكومة الاسرائيلية كما يمكن للفلسطينيين ان يساهموا من جانبهم في ذلك». وتابع الوزير الفرنسي، قائلاً: ان فرنسا تحاول ان تجد باستمرار مع شركائها وبالتعاون مع الولايات التحدة وكل دول المنطقة «افضل طريقة للسلوك في مصلحة كافة شعوب هذه المنطقة». وأكد ان المبادرات السورية ـ الفرنسية «دائماً مفيدة بهذا الصدد، وسكيون الوضع افضل عندما يقوم الرئيس الأسد بزيارة باريس، وبالتالي سنواصل الجهد». ثم اشار الى انه تحدث في دمشق عن العديد من المواضيع «ولا ينبغي الاعتقاد أن المشاورات الفرنسية ـ السورية تقتصر على هذا المجال حتى ولو كان هذا المجال أساسياً، فموقف فرنسا يتمثل في بذل كافة الجهود من اجل ايقاف هذه الدوامة، ويمكن ان نطالب الجميع بنفس الشيء لأن الوضع مختلف وأقول ذلك لأسباب ترجع الى الفاعلين. فعندما نطالب بفك الحصار في الأراضي المحتلة، فهذا طلب نوجهه للاسرائيليين، وعندما نطالب بتجميد سياسة المستوطنات فالأمر ينسحب عليهم ايضاً، واذا تحدثنا عن العنف فيمكن ان يكون متعلقاً بأعمال اسرائيلية ومن قبل بعض الفلسطينيين».

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن كيف يمكن ان يكون هناك دور فاعل للاتحاد الاوروبي في عملية السلام في المنطقة طالما ان فرنسا دولة رئيسية في هذا الاتحاد؟ وكيف يمكن ان يكون القرار الاوروبي مستقلاً عن الولايات المتحدة ولو الى حد ما؟ قال فيدرين: «نظراً لعلاقات الجوار التاريخية التي تربط بين اوروبا والمنطقة يجب ان تلعب اوروبا دوراً هاماً في الشرق الأوسط. واعتقد انه امر لا غنى عنه ويجب ان يصبو اليه الجميع. ثم ان عدداً كبيراً من دول المجموعة الاوروبية يقوم بسياسة نشطة من اجل دعم هذا الاتجاه وهذا حال فرنسا بطبيعة الحال، وهي حالة تنطبق على اسبانيا وبلجيكا. ولا ينبغي ان نكتفي بتوزيع العون والمساعدة حتى ولو كان ذلك امراً هاماً ايضاً بل وينبغي ان تكون لنا سياسة حقيقية بكل ما تنطوي عليه هذه القيادة ونحن نعمل بهذا الاتجاه بنشاط واذا ما قارنتم بين ما يعلنه الاتحاد الاوروبي اليوم وبين ما كان يعلنه قبل عشر سنوات للاحظتم ان التقدم كبير، مع ان هذا لا يستجيب لطموحاتنا ولا للوضع الملح نظراً للأوضاع الراهنة.

وسنكثف هذا الجهد واعتقد ان هذا الجهد من الجانب الاوروبي ينبغي ان يتمشى مع الجهود التي تبذل في الولايات المتحدة ولن نحرز اي تقدم لو قمنا بمناقشة عقيمة بيننا وبين الولايات المتحدة». ولكن يمكننا ان ننهج نهجاً مختلفاً عما تنتهجه الولايات المتحدة، فينبغي ان تتضافر هذه الجهود حتى تكون في النهاية مفيدة للسلام».