المطالب الاجتماعية تطغى على المطلب الثقافي في منطقة القبائل الجزائرية

TT

الجزائر ـ أ.ف.ب: ادت الاضطرابات التي اتخذت منعطفا خطيرا يومي الخميس والجمعة الماضيين في منطقة القبائل مع مقتل عشرين شخصا الى تحويل الانتباه الى المطالب الاجتماعية والاقتصادية على حساب المطالب التقليدية المطالبة عادة بالاعتراف باللغة الامازيغية وثقافة البربر رسميا في الجزائر. وكانت شرارة الانطلاق حادث مقتل طالب بالرصاص في مركز للدرك في بني دوالة بالقرب من ولاية تيزي وزو في منطقة القبائل الكبرى شرق البلاد، خلف تحريك المطالب الاجتماعية في المنطقة التي تعتبر فقيرة نسبيا. وفي الواقع فإن الشبان هم الذين كانوا وراء تصاعد حدة الاضطرابات في 18 الجاري، التي اوقعت اكثر من عشرين قتيلا ومئات الجرحى حسب الصحافة، فيما اعترفت وزارة الداخلية بسقوط 15 قتيلا واكثر من 300 جريح بينهم 284 من قوى الامن.

وكانت المطالب هي نفسها خلال هذه الاضطرابات التي طاولت كل انحاء المنطقة. فقد دعا الشبان السلطات الى تحسين الظروف المعيشية والتحرك لمكافحة البطالة التي تضرب منطقة القبائل حيث لا يجد الكثيرون خلاصهم الا من خلال الهجرة الى فرنسا. ومنطقة القبائل هي منطقة جبلية قاحلة لا تملك مقومات اقتصادية مهمة. ومنذ عقود تشهد هذه المنطقة حركة هجرة ناشطة الى الخارج. وعمد المتظاهرون الى مهاجمة المباني الحكومية، رمز الدولة، من خلال احراق منازل المسؤولين المحليين كما نددوا بالفساد والظلم والمحاباة. وسلط المتظاهرون الاضواء على توزيع المنازل بشكل جائر كونها تمنح على اساس المحسوبيات خصوصا انها مطلوبة جدا في هذه المنطقة التي تشهد كثافة سكانية.

وهذه المطالب الاجتماعية والاقتصادية همشت للمرة الاولى منذ «الربيع الامازيغي» عام 1980 المطالب المتعلقة بالاعتراف الرسمي باللغة الامازيغية مثلها مثل العربية.

وفي المقابل فإن إحياء الذكرى السنوية لقمع التظاهرات في «الربيع الامازيغي» جرت بهدوء هذه السنة وبدون تعبئة حاشدة. وهذا التغيير في طبيعة مطالب البربر قد يثير تعاطفا معهم في بقية انحاء البلاد بعدما كانت تعتبر تحركات البربر حتى الان عبارة عن مطالب فئوية محلية كما يقول المحللون.

والهتافات التي كانت تردد منذ اسبوع في شوارع تيزي وزو وبجاية، المدينة الرئيسية في منطقة القبائل الصغرى، والقرى الاخرى اعادت الى اذهان الجزائريين مظاهرات اكتوبر (تشرين الاول) عام 1988، ونجم عنها انهاء نظام الحزب الواحد الذي كان يتمثل بجبهة التحرير الوطني.