الحزب الحاكم في مصر يخوض أولى مراحل انتخابات مجلس الشورى اليوم بأجواء مختلفة

TT

يبدو ان انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى المصري التي تنطلق أولى مراحلها الثلاث اليوم ستغاير كل التوقعات خاصة على صعيد الحزب الوطني الحاكم الذي اعتاد ان يخوض انتخابات هذا المجلس عبر نزهة سياسية دون منافسة وبدون قلاقل داخلية غير ان الموقف تغير كثيراً هذه المرة وباتت القلاقل والشائعات تحاصر الحزب في وقت اتخذ فيه قرارات عقابية بفصل عدد كبير من اعضائه لخروجهم على الالتزام الحزبي.

وفيما أصابت انتخابات الشورى قبل بدء فعالياتها الحزب الحاكم بهزة كبرى فاقت ما أسفرت عنه اخفاقاته الكبيرة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا ان الموقف لم يقف عند هذا الحد، بل تصاعد على اثر شائعات تم ترويجها قبل ساعات من بدء العملية الانتخابية بأن هذه الانتخابات تمثل الفرصة الأخيرة لقيادات الحزب المركزيين للبقاء في مواقعهم، لمحو نكبة انتخابات البرلمان الماضية وطي ملفات التحقيقات التي مازالت سارية حتى الآن رغم تجميدها حالياً حتى لا يتأثر المرشحون في مجلس الشورى بها، أو تؤثر على تشتيت التيارات المركزية التي تدير المعركة الانتخابية الجديدة.

وقالت مصادر قريبة الصلة من مجريات الأحداث في أروقة الحزب الحاكم ان «قيادات الحزب في هذه الانتخابات تقدموا خطوات كبيرة نحو تنقية الحزب ممن وصفوا بالخوارج الذين رشحوا أنفسهم كمستقلين ضد مرشحي الحزب، وفضلوا الفصل من عضوية الحزب على الانسحاب أو التنازل في المعركة الانتخابية».

وأشارت المصادر الى انه رغم الحسابات الدقيقة التي صاحبت فصل الخوارج الذين رفضوا مبدأ الالتزام الحزبي، باعتبار ان الأغلبية الكاسحة من الأعضاء الباقين لم يشملهم التجديد ومستمرون في عضوية المجلس حتى يونيو (حزيران) 2004 ولا يلزم الحزب للحفاظ على الأغلبية سوى عدد قليل من الأعضاء، لتأكيد الأغلبية الساحقة والذي يتراوح ما بين 25 الى 35 نائباً بحساب ان جميع المعينين بقرار جمهوري سيكونون موالين للحزب الوطني عدا بعض الرموز الحزبية المعارضة الذين سيتراوح عددهم ما بين ثلاثة الى خمسة على الأكثر، في وقت اعتبر فيه بعض الذين عارضوا قرار الفصل من قيادات الصف الثاني ان قرار الفصل في حد ذاته هو سلاح ذو حدين، الأول ايجابي، وهو عدم منح الفرصة مرة أخرى للخوارج للسيطرة أو فرض أنفسهم على الحزب بمنطق القوة وهو ما يشجع آخرين على ان اطلاق التهديدات مع كل رحلة انتخابات تشريعية أمر لا يعنيهم، وانهم عائدون قد انتهى وان الالتزام هو الأمر الذي يجب تحقيقه مهما كانت النتائج.

أما الوجه الآخر بأن يكون صدور قرارات الفصل وبهذه السرعة وسط اعتقاد بأنها قرارات غير مدروسة بدقة، قد جاءت لاغلاق الباب أمام أبواق المعارضة السياسية التي نالت من سمعة الحزب عندما ضم نحو 230 نائباً نجحوا كمستقلين في البرلمان المصري الى عضوية الحزب، وانها تكون بذلك قد قطعت الطريق أمام حملة انتقادات جديدة تطولها بعد انتهاء المعركة الانتخابية.

وشكك البعض من داخل الحزب في جدية استمرار قرارات الفصل بعد انتهاء المعركة الانتخابية على الأقل لمن سيفوز منهم ويرون ان السيناريو المقترح ان يتقدم الخوارج الناجحون بطلب الانضمام وتعلن أمانة الحزب انها تدرس الموقف، ثم تعلن بعد فترة عودتهم الى زمام الحزب باعتبار انهم رشحوا انفسهم على مبادئ «الحزب الوطني» خاصة ان هناك من يرى ان فقدان هذه المقاعد ليس من السهل تعويضها خاصة ان الخوارج قد تمرسوا على اللعبة الانتخابية، وأصبحوا في معركة الانتخابات الأخيرة يواجهون الحزب الوطني الحاكم بأسلحة مضادة للأسلحة التي يستخدمها الحزب.

غير ان البعض اطلق بعض المخاوف من جانب المفصولين إذ يستخدمون ذلك ضمن دعايتهم الانتخابية حيث صوروا الموقف أمام جموع الناخبين انهم ابطال المعركة التي خسرها الحزب الحاكم تجاههم، في الوقت الذي تملكوا فيه من التزامات كان من المفترض ان تطبق عليهم وهو عدم التحالف مع مرشحي المعارضة أو المستقلين، ولذلك سارع العديد منهم الى عقد تحالفات سرية مع المستقلين والحزبيين من أجل اسقاط مرشحي الحزب الوطني وسارعوا الى عقد صفقات سرية بتبادل الاصوات.

في الوقت نفسه سارعت قيادات الأمانة العامة المركزية للحزب الوطني الحاكم الى رأب الصدع في العديد من المحافظات لخلافات تفجرت فجأة ودون مقدمات بين امناء الحزب بالمحافظات والمحافظين، ونقلت مصادر مطلعة من مواقع الاحداث ان الطرفين قد تبادلا الاتهامات حول ضعف موقف العديد من مرشحي الحزب الوطني جماهيرياً وانصراف الناخبين الى المرشحين المستقلين والمعارضة.