النائب الأول للرئيس السوداني لـ«الشرق الأوسط»: مستمرون في الاتصال بكافة القوى السياسية باستثناء حركة قرنق

* ليس لدينا معتقلون سياسيون وعناصر «التجمع» و«الشعبي» خاضعون للقانون الجنائي * لم نتلق نداءات بإطلاق سراح المساجين السياسيين * لقاء البشير ـ مبارك كان خطوة نحو التكامل بين البلدين

TT

أكد علي عثمان طه النائب الأول لرئيس الجمهورية السوداني قبول ودعم الحكومة لكل الجهود والمبادرات التي تصب في اتجاه الحوار السوداني ـ السوداني وبلورة رؤية وطنية للقضايا السودانية. وأعلن طه ان اتصالات الحكومة مع كافة القوى السياسية لا تزال جارية باستثناء الحركة الشعبية لتحرير السودان التي يتزعمها جون قرنق. وأبلغ النائب الاول «الشرق الأوسط» انه سيزور الاسبوع المقبل القاهرة للمشاركة في قمة مؤتمر «كوميسا»، وانه سيلتقي برئيس وزراء مصر عاطف عبيد للتشاور حول تفعيل وتحريك التعاون الثنائي في كافة المجالات.

واعتبر النائب الاول ان ما تم التوصل اليه بين الرئيسين السوداني عمر البشير المصري حسني مبارك في القاهرة الاسبوع الماضي، يشكل خطوة عملية في اتجاه التكامل بين البلدين، وقال ان دوائر التعاون البناء اخذت تتسع بما يعين على تجاوز اي موروثات من الماضي وظلت سبباً في تعكير العلاقات الثنائية.

وتوقع النائب الأول ان تمضي اللجان الثنائية في اعمالها بشكل ملموس لصالح الشعبين السوداني والمصري.

ونفى طه وجود نداءات لاطلاق سراح سياسيين اذ لا يوجد في السجون معتقلون سياسيون او اشخاص اعتقلوا بموجب احكام قانون الأمن الوطني، لكن هناك اعتقالات تمت بموجب قوانين الاجراءات الجنائية لقيامهم بأفعال تقع تحت طائلة القانون الجنائي. ومن ضمن هؤلاء معتقلون من التجمع الوطني ومن حزب المؤتمر الشعبي وقد تأخرت العدالة في اخذ مجراها تجاه ما نسب اليهم.

وفيما يلي حديث النائب الاول لرئيس الجمهورية علي طه.

* ما هو موقف الحكومة من تعدد المبادرات الخارجية والداخلية للمساهمة في الحل السياسي الشامل بما فيها المجموعة الوطنية التي تبنت الحوار السوداني ـ السوداني؟

ـ الحكومة تعاملت مع قضية الحوار والوفاق الوطني، كهدف ثابت، وتسعى جادة لتقليل مساحات العداء وتحقيق التقارب مع كافة القوى السياسية. والحكومة متمسكة بالمبادئ التي طرحتها لارتباطها الوثيق ببرنامج رئيس الجمهورية للدورة الثانية، والذي يستند الى تأسيس الاعتراف المتبادل والتجافي عن نزعة الاستئصال للاخر او الاقصاء، والالتزام بالحل السياسي السلمي دون خيار المواجهة، والتواثق على ممارسة سياسية رشيدة قائمة على التعددية وكافة حقوق الانسان الأساسية، تكون ضامنة للحريات العامة والخاصة وراعية لحكم القانون واستقلال القضاء، والتلاقي على ثوابت القيم العليا للأمة والمصالح الكبرى للبلاد، وقواسم الموجهات الأساسية للدولة مع الاختلاف المشروع حول مناهج العمل وشامل الأداء وتحقيق المشاركة في الشأن العام، والتداول السلمي للسلطة عبر الارادة الشعبية الانتخابية الحرة. هذه المبادئ تضمنت خلاصة قرارات سودانية سابقة ولاحقة واضحى لها القبول في الساحة السياسية، والحكومة ملتزمة بها.

* وماذا عن استجابة القوى السياسية بشقيها المعارض والموالي لهذه المبادئ؟

ـ ان الحكومة ركزت من جانبها على تهيئة الاجواء السياسية واصبحت الحريات متاحة والاحزاب تعقد لقاءاتها وندواتها واجتماعاتها، والصحافة تمارس حرية التعبير وتطرح مبادراتها وتتصل بكل ما يدور في الساحة السياسية. وهناك احاديث وتصريحات ناقدة ومؤيدة واخرى متحفظة. وعادت الاحزاب والرموز السياسية من الخارج الى الداخل، ومن كل الاتجاهات للعمل والمشاركة في العمل بالداخل او بالتحرك في الخارج ايضا لصالح دعم الحل السياسي الشامل، كما هو الحال بالنسبة للسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة.

* هل اقتصرت اتصالات الحكومة على جانب واستبعدت جانباً آخر؟

ـ الواقع ان اتصالات الحكومة شملت السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي والقيادات السياسية الاخرى، والحوار السوداني ـ السوداني لا يزال مستمراً والاتصالات سالكة مع كافة القوى السياسية باستثناء حركة جون قرنق، ومع ذلك، فان الحكومة من جانبها ومن موقع مسؤوليتها ظلت حريصة على ابقاء قنوات الاتصال مفتوحة عبر دول الجوار او مجموعة الإيقاد لتكون من جهة شاهدة على جدية الحكومة تجاه الحوار والوصول الى الحل السياسي، وتأكيد التعامل البناء الذي يقود الى النتائج الايجابية، بينما الجانب الآخر لا يزال يحتفظ بأوراقه الخاصة ومتردداً ولا يقابل اي مبادرة او طرح الا بالتحفظ او الرفض.

* ما هي الفائدة التي يمكن ان تتحقق من جانب الايقاد وقد احاطتها تحفظات المراقبين لفشلها في ايقاف الحرب واحلال السلام؟

ـ الحكومة من جانبها ورغم ما اثير حول الايقاد من نقد وما دار حولها من تحفظات ثابرت على مواصلة الحوار في اللجان الفرعية التي شكلت برعاية الايقاد، وقدمت مقترحات، لكن الطرف الآخر ظل مثابرا على اجندته وتحفظه تجاه اي طرح يقود الى نتيجة ايجابية. وقد أمّن المراقبون وشركاء الايقاد على جدية الحكومة تجاه وقف اطلاق النار واحلال السلام في جنوب السودان، وستمضي الحكومة في هذا الطريق.

وعلى اي حال فان الحكومة عازمة على المضي في طريق الحوار على ما فيه من تعقيدات وتقاطعات، ومبادرات سواء المبادرة المشتركة او مبادرة الايقاد او مبادرات المجموعات الوطنية في الداخل وتقبل بهذه الجهود بحسبان الدفع الى بلورة رؤية سودانية ـ سودانية تعين على رؤية المستقبل. وفي النهاية فان السودانيين هم المعنيون بقضيتهم، وأطراف المبادرة انفسهم قالوا ان جهودهم انما تصب في التقريب وتحديد النقاط التي تكون موضع التقاء كافة السودانيين.

* وماذا عن قانون الاحزاب وكفالته للعمل والنشاط الحزبي؟

ـ ان قانون التنظيمات السياسية قد استرشد بالتجارب السودانية السابقة وتجاوز سلبياتها وتمت الاستفادة من القوانين المماثلة في عدد من الدول، والعمل بموجب هذا القانون مكفول. وقد بلغ عدد الاحزاب 22 حزباً.

* ما هي النتائج التي توصل اليها لقاء الرئيسين عمر البشير وحسني مبارك بالقاهرة؟

ـ ان الفترة الاخيرة للعلاقات الثنائية شهدت التحرك في اتجاه تبادل المنافع والمصالح المشتركة وفي كافة المجالات، وأخذت دوائر الاتصال والتعاون تتسع وتتجاوز موروثات الماضي التي كانت سبباً في تعكير العلاقات.

وقد اقتضت الظروف الموضوعية دفع الجهود لعلاقات البلدين لتأخذ مسارها الطبيعي، والمناخ الحالي يعزز الروابط المشتركة. وما توصل اليه الرئيسان عمر البشير وحسني مبارك في مباحثاتهما بالقاهرة يدفع بايقاع العمل المشترك الى الأمام، وعلى كافة المستويات، ولتوحيد الجهود في مجال تطوير المصالح والمنافع المشتركة خاصة ان البلدين لديهما امكانيات وافرة تجعل الاستفادة منها ذات نتائج مثمرة لصالح الشعبين والتطور المشترك. كما ان مناخ استقرار العلاقات الثنائية يوفر فرصا واسعة للتبادل التجاري والاقتصادي والصناعي والزراعي والاستثمار المشترك. ان ما تم التوصل اليه من تسهيل حركة الافراد والسلع وتخفيض قيود التجارة بين البلدين وقيام مشروعات انمائية ثنائية واعادة فتح القنصليات في اسوان ووادي حلفا وبورتسودان وقيام اللجنة العليا المشتركة لتحقيق التعاون والمتابعة في كافة المجالات تجعل المناخ مواتياً للتكامل السوداني ـ المصري وتحقيق المشروعات الكبيرة لصالح الشعبين.

* متى تم تحديد موعد اجتماع اللجنة الوزارية العليا التي ترأستها عن الجانب السوداني، ويرأسها عن الجانب المصري رئيس الوزراء عاطف عبيد؟

ـ في الاسبوع القادم سأتوجه للمشاركة في قمة كوميسا بالقاهرة، وسألتقي برئيس وزراء مصر الدكتور عاطف عبيد للتشاور معه حول التعاون المشترك وبوجه خاص حول اعمال اللجان وآليات التنفيذ وانعقاد اللجنة العليا وغيرها.

* كيف تنظر الخرطوم الى دور القاهرة على المستويين الداخلي والخارجي؟

ـ ان السودان يقدر لمصر قيامها بدورها تجاه السودان في عدة اتجاهات، من خلال المبادرة المشتركة مع ليبيا في تحقيق الحل السياسي الشامل وفي دعمها لوحدة السودان، الى جانب مساندتها للسودان اقليميا ودوليا، وجهودها في تحقيق التطبيع مع الولايات المتحدة ومواجهتها للاتهامات ضد السودان، وازالة العقبات في علاقات السودان الخارجية، وهي مواقف ايجابية تستند على خلفية العلاقات التاريخية للبلدين.

* ما صحة النداءات التي وجهت الى الحكومة لاطلاق سراح السياسيين؟

ـ لا اعلم بوجود نداءات وجهت لاطلاق سراح سياسيين، ولا يوجد الآن سياسيون في الاعتقال، انما هنالك من اعتقلوا لقيامهم بأفعال وتصرفات تقع تحت طائلة القانون الجنائي، وهم على ذمة التحقيق والتحري لمواجهة اتهامات جنائية وتأخذ العدالة مجراها، وممن يخضعون للتحقيق معتقلون في التجمع والمؤتمر الشعبي.

ولا يوجد لدينا معتقلون سياسيون، او اشخاص اعتقلوا بموجب قانون الأمن الوطني.