«المنبر الديمقراطي» يطلق دعوة جديدة للحوار ويشدد على السيادة الكاملة والدولة الديمقراطية

جنبلاط ووزراؤه و17 نائباً وقعوا و«العونيون» و«الأحرار» و«الكتلة» أيدوا

TT

دعوة جديدة للحوار والوفاق الداخلي اللبناني اطلقت من بيروت امس عبر «المنبر الديمقراطي» الذي جمع تحت لوائه مجموعة جديدة من السياسيين من «الجهة المقابلة» للقاء «قرنة شهوان» الذي اصدرته احزاب وقوى مسيحية معارضة برعاية البطريركية المارونية قبل نحو اسبوعين مطالبة بحوار داخلي وحوار مع سورية تحت سقف اتفاق الطائف.

وبدا تحرك «المنبر الديمقراطي» وكأنه استكمال للقاء قرنة شهوان الذي جمع قيادات وفعاليات مسيحية فاستلحق الشخصيات التي ايدت بيانه من دون ان تشارك يومها وابرزها النائب وليد جنبلاط ووزراؤه في الحكومة (غازي العريضي ومروان حمادة وفؤاد السعد) واعضاء كتلته النيابية، بالاضافة الى النائب نسيب لحود والنائبة نايلة معوض، ما رفع عدد الموقعين من النواب الى 17 نائباً، فضلاً عن الحزب الشيوعي اللبناني.

وسجل ايضاً وجود بعض المشاركين في لقاء «قرنة شهوان» الذين حضروا بصفة ضيوف ولم يوقعوا الوثيقة كـ «التيار الوطني الحر» المؤيد للقائد السابق للجيش اللبناني العماد ميشال عون ورئيس حزب «الوطنيين الاحرار» دوري شمعون وحزب «الكتلة الوطنية» وقالت مصادر في التيار لـ «الشرق الأوسط» ان التيار لم يوقع، لكنه سيكون حاضراً في اي لقاء حواري بين اللبنانيين.

ولم يختلف مضمون الوثيقة كثيرا عما ورد في بيان «قرنة شهوان» خصوصاً لجهة اعتماد الطائف اساساً للحوار مع دمشق من اجل اعادة نشر قواتها وفتح حوار معها «لايجاد علاقة متكافئة بين البلدين».

واكد النائب السابق حبيب صادق الذي اعلن الوثيقة ان «المنبر لا يُلزم المشاركين فيه التقيد بقواعد او ضوابط محددة». واشار الى انه يعمل على ان يكون «مساحة تتحرك في فضائها ارادات وطنية متنوعة».

وابرز ما جاء في البيان الوثيقة: «ان معنى لبنان، الجمهورية المستقلة، لا يكتمل الا بتمتعه بالسيادة الوطنية الكاملة على ارضه وشعبه، تمارسها دولة عادلة، كفية، حرة تتبنى الديمقراطية وتمارسها عملياً، وتنهض على تجربة حية، منبثقة من واقع اللبنانيين، الذين عرفوا دوماً، برغم التجارب والصعاب، ان يحافظوا على وحدة هويتهم ودولتهم من ضمن تعدد الانتماءات الدينية والايديولوجية والسياسية وتنوع خصائصهم الثقافية».

واعتبر انه «في ضوء التجارب فإن الاستقواء بالخارج، لاي سبب كان، من شأنه ان يفسد نمط الحياة هذا بين اللبنانيين، ويفقد الدولة اللبنانية جوهرها بما هي تجسيد شرعي وقانوني لوحدة اللبنانيين». وقال: «فإذا كان الوفاق الوطني هو المدخل الى استعادة الدولة سلطتها على لبنان بكامله وعلى اهله جميعاً، فإن اعاقة انجاز المصالحة الوطنية، وعدم تحقيق التمثيل الصحيح في السلطة على المستويين التشريعي والاجرائي، قد افضيا الى وضع البلاد على حافة الخطر المصيري».

وسجل البيان «تراجع منطق الاعتدال بسبب طغيان النزعة المتطرفة على الخطاب السياسي لبعض القوى المكونة للاجتماع السياسي اللبناني وهذا ما ادى، ويؤدي، الى تأجيج العصبيات الفئوية والطائفية طلباً للامان او طمعاً بامتياز او تأثراً بالخارج».

وحذر من ان «عدم استثمار السلطة اللبنانية للحدث التاريخي المتمثل بتحرير الجنوب اللبناني وعدم انتشار الجيش في ربوعه من شأنه اعادة ضخ العامل الاسرائيلي في المعادلة اللبنانية بما يسيء الى مأثرة التحرير ونضالات اللبنانيين وتضحياتهم خصوصاً ابناء الجنوب في ملحمة صمودهم ومقاومتهم الطويلة». وادان «العدوان الاسرائيلي على موقع للقوات العربية السورية المرابطة في ارضنا».

واخذ البيان على الدولة «تنازلها عن قرارها المستقل وتغليب المصالح الخاصة والفئوية لديها على المصلحة العامة وما ترتب عن ذلك كله من تفريط بالمصالح الاقتصادية للشعب اللبناني وباستقراره الاجتماعي، في ظل غياب القدرة على مراقبة السلطة ومحاسبتها عبر المؤسسات الدستورية». ورأى ان «بداية الحل تكمن في اعادة امساك اللبنانيين بمصيرهم الوطني، باتحادهم رأياً موحداً ويداً واحدة على الضغط على السلطة اللبنانية من اجل ان تنكب، فوراً، على ملف القضية الوطنية، اضطلاعاً بمسؤوليتها الاساسية، بهدف اجتراح تسوية تاريخية بين اللبنانيين كافة، آخذة بعين الاعتبار اتفاق الطائف، ترمي الى تحقيق الوفاق الوطني ثمرة حوار ديمقراطي يجري بين الاطراف اللبنانية كلها دون استثناء».

وشدد البيان على انه «يتعين على هذه الدولة ان تتولى، وحدها، النهوض بمسؤولية الامن الوطني في لبنان بكامله بدءاً من حدوده الجنوبية وان تتصدى لمعالجة الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية الموشكة على الانفجار... كما يتعين عليها ان تبادر الى اجتراح تسوية تاريخية مع الدولة السورية ترمي الى ارساء العلاقات على شتى الصعد وبخاصة على الصعيد السياسي والاقتصادي والامني». وطالب بـ «العمل من اجل ترجمة فورية لنتائج هذا الحوار في اقامة حكومة وفاق وطني تضطلع بهذه المسؤولية وتضع في ضوئها برنامج انقاذ وطني يشتمل على السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتنموي والتربوي والبيئي... كما تضع مشروع قانون انتخابي جديد وتشرف على العملية الانتخابية التي تجري على اساسه». ودعا الى «مواصلة الضغط على السلطة من اجل عودة مؤسسات الدولة بالكامل الى الجنوب المحرر وفيها مؤسسة الجيش تجسيداً لاستعادة الدولة لمرجعياتها الخدماتية والاقتصادية والاجتماعية والاعمارية والتنموية فضلاً عن مرجعيتها الامنية، ثم تجسيداً لعودة الجنوب الى رحاب الوطن جزءاً لا يتجزأ منه. على ان يتواصل العمل الوطني لاستعادة آخر حبة عزيزة من تراب الوطن واطلاق سراح معتقلينا كافة».

ودعا البيان الى «وضع السلطة اللبنانية امام مسؤوليتها الوطنية في شأن دعوة السلطة السورية الى اجراء حوار صريح ومسؤول بينهما يتناول، كبند اساسي من بنود التسوية، موضوع اعادة انتشار القوات العربية السورية وتمركزها في الاراضي اللبنانية تطبيقاً اميناً لاتفاق الطائف وضمن اطار الحرص الشديد على افضل علاقات الاخوة بين لبنان وسورية، وعلى تحسين شروط مواجهة العدوان الاسرائيلي، والمحافظة على ما بين البلدين من ارث عريق وروابط تاريخية، وما بين شعبيهما من وشائج القربى والصداقة كما يتناول الحوار، ايضاً، موضوع تعديل الاتفاقات ولواحقها غير المتوازنة المعقودة بين الدولتين بما يحقق مصالحهما المشتركة». وحذر البيان السلطة اللبنانية من «مغبة تحويل لبنان الى دولة امنية» تغيب فيها الديمقراطية وتنتهك حقوق الانسان، ودعوتها الى الاقلاع عن انتهاك الحريات العامة والخاصة التي كفلها الدستور سواء بالترويع او القمع او منع التجمع والتظاهر او ملاحقة اهل الرأي والمعبرين عنه بشتى الصور، والاستنساب في تطبيق القوانين وتجاوز الاصول».

وبعد اعلان الوثيقة وصفها النائب نسيب لحود بـ «التاريخية». وقال: «هذه الوثيقة لحظة كبيرة في محاولات احياء الحوار الوطني في لبنان واستعادة حيوية الحياة السياسية. فالتحديات التي تواجهنا على الساحة اللبنانية كبيرة». وتوقع صدور «بيانات عدة ولقاءات لصياغة موقف وطني جامع يؤدي بلبنان نحو بر الامان». واشار الى ان هذه اللقاءات كلها تهدف الى «صياغة موقف وطني جامع نحصن فيه لبنان خلال المرحلة الصعبة».

ورفض لحود وصف اللقاء بـ «لقاء قرنة شهوان الثاني» معتبراً ان «في ذلك انتقاماً منه، فهو لقاء مهم يكمل ما بدأه لقاء قرنة شهوان».

وابدى النائب لحود اسفه «لان الدولة لا تزال تعتبر ان ليس هناك مشكلة سواء على الصعيد السياسي او الاقتصادي». وقال: «هناك صعوبات كبيرة على الصعيد الداخلي والاجتماعي وفي العلاقات مع سورية وفي الصراع مع اسرائيل اضافة الى الوضع الاقتصادي. ولهذا المطلوب من الدولة ان تعي هذا الامر وتسمع شكوى شعبها». واضاف: «نحن نتمنى لو ان رئيس الجمهورية يتحمل مسؤولياته هو وسائر المسؤولين في لبنان وان يكونوا المحتضنين الاول للحوار».

كادر ----

جنبلاط: ابلغني مسؤول سوري ان الاسد قد يستقبلني بعد انتهاء جولته العربية بيروت: «الشرق الأوسط» كشف النائب وليد جنبلاط عن دعوة سورية تلقاها لزيارة دمشق، مؤكداً «انه يرغب في الحوار من اجل الحوار وتحسين الادارة السورية للملف اللبناني».

وقال جنبلاط بعد مشاركته في اطلاق وثيقة «المنبر الديمقراطي»: «اننا نشدد على اهمية الحوار الداخلي واعتماده وتطبيق الديمقراطية في المجتمع اللبناني». واكد «الاستمرار في هذا التحرك السلمي الديمقراطي من اجل تثبيت الحوار واعتماده. وهذا هو الحل الوحيد للخروج من المأزق». ودعا جنبلاط الدولة والرئيس لحود الى «الاستفادة من المنبر الديمقراطي ولقاء «قرنة شهوان» واي صوت ديمقراطي ليبرالي من اجل اطلاق حركة الحوار الداخلي». وابدى رفضه لـ «مفهوم الدولة الامنية». وقال: «نريد دولة ديمقراطية ترعى الحريات والمجتمع الاهلي».

ورداً على سؤال حول عدم استجابة الدولة مطالب الحوار، قال جنبلاط: «لا يمكن لي الاجابة عن الدولة. الافضل ان تسألهم».

ورفض التعليق على كلام وزير الدفاع السوري العماد اول مصطفى طلاس من «اننا نحن اخترعنا وليد جنبلاط». وكشف تلقيه اتصالاً اول من امس من مسؤول سوري رسمي قائلاً: «ان الرئيس (بشار) الاسد وبعد ان ينهي جولته العربية ممكن يستقبلني. وانا لا مانع عندي».

وسئل اذا كان راغباً في زيارة سورية، فاجاب: «اذا كان من اجل الحوار وتحسين شروط المواجهة السورية ـ اللبنانية المشتركة ومن اجل تحسين الادارة السورية للملف اللبناني وتثبيت تلك المبادىء التي طرحتها ورقة المنبر الديمقراطي فلا مانع لدي».