بوادر خلاف في مجلس الأمن حول المشروع البريطاني لتخفيف عقوبات العراق

TT

بغداد: رويترز ثار من جديد الخلاف بين الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن الدولي حول السياسة التي يتعين انتهاجها حيال العراق، وذلك على هامش مشروع قرار طرحته بريطانيا للمناقشة ويهدف الى رفع القيود على استيراد المواد والسلع المدنية الى العراق، بعد أحد عشر عاما من فرض العقوبات الدولية عليه، والابقاء فقط على القيود المتعلقة بمشتريات الاسلحة.

وفي الوقت الذي أبدت فيه فرنسا والصين وروسيا شكوكا حول مسودة مشروع القرار الذي بدأ البحث فيه اول من امس تسعى واشنطن ولندن الى الدفع باتجاه تبني المشروع قبل الرابع من الشهر المقبل، موعد انتهاء المرحلة التاسعة من برنامج «النفط مقابل الغذاء».

ويشجع مشروع القرار الذي تدعمه بقوة الولايات المتحدة الدول المجاورة للعراق على التعاون لمنع التجاوزات التي يتعرض لها نظام العقوبات من خلال بيع النفط العراقي سرا في هذه الدول او عبرها ومن خلال تهريب السلع المحظورة الى العراق.

وذكرت لـ«الشرق الأوسط» مصادر دبلوماسية في نيويورك ان مشروع القرار يحتوي على عناصر اهمها اقتراحات تريد وقف الرسم الذي تفرضه شركة النفط العراقية على الشركات التي تشتري النفط العراقي. ويسمح المشروع لبغداد باستخدام جزء من عائدات النفط المودعة في الحساب الذي يخضع لاشراف الامم المتحدة لغرض دفع اشتراكات العراق المستحقة للامم المتحدة. كما يسمح للخطوط الجوية بالقيام برحلات من والى بغداد شرط انشاء نقاط تفتيش في بغداد والعواصم التي تنطلق منها الرحلات.

ويدعو المشروع الى انشاء قوة للمراقبة على الحدود مع العراق والدول المجاورة، خصوصا الاردن وسورية وتركيا وايران.

ومن اجل تعزيز الرقابة على الدول المجاورة يدعو المشروع الى ايداع قيمة 150 ألف برميل من النفط العراقي المصدر يوميا في حساب الامم المتحدة الخاص لكي تتمكن الدول المجاورة من تصدير البضائع والسلع الى العراق. ويهدف هذا الاجراء الى اشراف الامم المتحدة على السلع والمواد التي تصل الى العراق. ورفض السفير الروسي سيرجي لافروف التحدث عن مشروع القرار، وبرر ذلك بالقول «تسلمنا الاقتراح هذا اليوم وقبل خمس دقائق فقط». أما نظيره الصيني، القائم باعمال البعثة الصينية السفير شين كوانفنغ، فقال «هناك شروط ملحقة ببضعة اقتراحات ايجابية في مشروع القرار هذا» واضاف «وانا اعتقد في هذه المرحلة ولاسباب عملية ينبغي تجديد برنامج النفط مقابل الغذاء في صيغته الفنية لمرحلة قادمة».

واشاد مصدر دبلوماسي من البعثة الفرنسية بالعناصر الايجابية التي وردت في مسودة مشروع القرار. واوضح المصدر الذي رفض ذكر اسمه قائلا «ان الموافقة على تسديد مستحقات العراق للامم المتحدة هو اجراء متميز».

واضاف «ان الرزمة التي قدمت لنا يجب دراستها بحذر، لذا يبدو من الصعوبة بالنسبة لنا القبول بهذه الرزمة كما هي في الوقت الراهن».

وشدد المصدر الفرنسي على القول «ان العراق ليس عضوا في مجلس الامن غير انه يجب ان نأخذ بنظر الاعتبار الموقف العراقي»، مشيرا بذلك الى تصريحات نائب رئيس الوزراء طارق عزيز الذي هدد بوقف برنامج «النفط مقابل الغذاء» وبوقف ضخ النفط اذا اعتمد مشروع القرار البريطاني ـ الاميركي الذي يخضع جميع عائدات النفط لاشراف الامم المتحدة مع فرض سيطرة ورقابة على الحدود مع الدول المجاورة.

وانتقد سفير العراق لدى الامم المتحدة محمد الدوري المشروع وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نعتقد ان المشروع هو تسويق لبداية سياسة اميركية تحاول ان توقف التدهور الذي حصل على نظام العقوبات».

واضاف السفير «ان هذا التسويق غير امين من خلال التركيز على الجوانب الانسانية وهو في حقيقة الامر ليس له اي علاقة بها وهم (الاميركيون) يريدون السيطرة على ما خرج من تحت سيطرتهم وهو تعامل العراق مع الدول المجاورة».

وافاد الدوري بان الاميركيين والبريطانيين «اذا ارادو تحسين برنامج النفط مقابل الغذاء ما عليهم سوى تسهيل العقود ووقف تعليقها في لجنة مجلس الامن للعقوبات وقد بلغت العقود المعلقة حتى الآن اكثر من 3 مليارات دولار». ووصف المشروع بالتكتيك الاميركي «من اجل وقف الجهود سواء عراقية او غير عراقية لانهاء العقوبات المفروضة على العراق» وقال «انه تكتيك من اجل تخويف الدول المجاورة للعراق».

واعرب السفير الدوري عن قناعته بان الدول المجاورة للعراق سوف لن تستجيب للضغوط الاميركية وقال «ان المعلومات المتوفرة لدينا تشير الى ان هذه الدول سوف لن تستجيب الى مثل هذه الضغوط».

واضاف موضحا «ان حجم التبادل الاقتصادي اصبح كبيرا وانها لا تريد المجازفة بالتفريط بهذه الفوائد الاقتصادية وان مصالحها مع العراق قد اصبحت اساسية للغاية».

وفي بغداد نقلت وكالة الانباء العراقية الحكومية عن نائب رئيس الوزراء طارق عزيز قوله ان العراق سيعلق برنامج النفط مقابل الغذاء اذا تدخلت الولايات المتحدة في تجديده عندما تنتهي مرحلة الاشهر الستة الحالية اوائل الشهر المقبل.

وأضاف عزيز ان قرار تجديد البرنامج هو قرار فني وانه اذا حاولت الولايات المتحدة «دس عناصر اميركية تخدم خططها العدوانية» فان العراق سيعلق البرنامج.