واشنطن تقترح تقديم مساعدات مالية دولية للدول المجاورة للعراق إذا عاقبتها بغداد على تعاونها مع «العقوبات الذكية»

TT

اقترحت الولايات المتحدة ان تقدم الحكومات الغنية ومؤسسات التمويل الدولية، مثل البنك الدولي، مساعدات مالية للدول المجاورة للعراق في حال تعرضها لأي اجراءات انتقامية بسبب مساعدتها في مكافحة التجارة المحظورة التي تمارسها بغداد في النفط والسلاح. هذا المقترح، الذي ورد في ورقة أميركية سرية وزعت على اعضاء بارزين في مجلس الأمن الدولي، هو جزء من حملة اميركية واسعة تهدف الى تأمين دعم الدول المجاورة للعراق لجهود مكافحة انشطة السوق السوداء التي يمارسها العراق. كما يشتمل المقترح كذلك على مبادرة لكسب تأييد مجلس الامن الدولي لتحويل جزء من عائدات النفط العراقي الى صندوق خاص لمساعدة تركيا والاردن ودول الجوار الاخرى. الجدير بالذكر ان بريطانيا، بتأييد من الولايات المتحدة، كانت قد قدمت الى روسيا وفرنسا والصين اول من امس مسودة قرار لمجلس الأمن حول اجراء مراجعة شاملة للعقوبات الدولية المفروضة على العراق منذ 11عاما بهدف تخفيف القيود على السلع الاستهلاكية العادية مع تشديدها في ما يتعلق بالمواد ذات الصلة بالاستخدام العسكري ونشاط التهريب. وقد رفض الرئيس العراقي صدام حسين فورا الاقتراح البريطاني ـ الاميركي، مؤكدا في اول تعليق رسمي له على «العقوبات الذكية» المقترحة ان «بغداد ترفض تماما نظام العقوبات الجديد» واصفا اياه بانه «اكثر غباء من النظام الحالي». يذكر ان المقترح البريطاني ـ الاميركي لا يعتمد على تعاون العراق، غير انه يتطلب تأييد الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن التي تملك حق النقض (فيتو) وهي ، الى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا، روسيا وفرنسا والصين. وكان جينادي جاتيلوف، السفير الروسي لدى الامم المتحدة، قد قال اول من امس ان موسكو تفضل تجديد برنامج «النفط مقابل الغذاء» مؤكدا استعدادها لدراسة المقترحات المقدمة من الولايات المتحدة وبريطانيا لتخفيف حدة العقوبات المفروضة على بغداد. يذكر ان برنامج «النفط مقابل الغذاء»، يسمح للعراق بتصدير النفط واستخدام عائداته، تحت مراقبة الامم المتحدة، في شراء الأغذية والادوية والامدادات الانسانية الاخرى وتزويد العراق بقطع الغيار اللازمة لاستمرار العمل في قطاع النفط.

وكان من المقرر ان يبدأ خبراء اميركيون وبريطانيون وصينيون وروس اول من امس مفاوضات مكثفة حول المقترح البريطاني ـ الاميركي. وقال دبلوماسيون مطلعون على مسألة المناقشات انهم يتوقعون «معركة» حول «المواد ذات الاستخدام المزدوج»، وهي المواد التي من المحتمل استخدامها في المجالين العسكري والمدني، اذ ان العراق لا يستطيع استيراد هذه المواد إلا بموافقة الامم المتحدة. علاوة على ذلك، فان فرنسا والصين اعترضتا على اقتراح اميركي بزيادة الأموال المخصصة حاليا لتعويض الشركات والافراد الذين تضررت ممتلكاتهم خلال الغزو العراقي للكويت في اغسطس (آب) .1990 وكانت الولايات المتحدة قد وافقت العام الماضي على تخفيض نسبة الأموال المخصصة لصندوق التعويضات من 30 في المائة الى 25 في المائة من عائدات النفط العراقي، غير ان دبلوماسيين قالوا ان الولايات المتحدة تطرح اقتراحا الآن بالعودة الى نسبة الـ30 في المائة السابقة بغرض زيادة الاموال التي من الممكن استخدامها لتعويض الدول المجاورة للعراق لقاء أي خسائر محتملة مستقبلا.

وقال مسؤولون في ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش ان سياسة العقوبات الجديدة تعتمد بصورة رئيسية على مقدرة الولايات المتحدة على اقناع الدول المجاورة للعراق بعدم تعرضها لأي خسائر، اذ اشارت الورقة التي قدمت الى مجلس الامن القومي الأميركي حول مساعدة هذه الدول ان من اصعب التحديات الآن «تقديم تأكيدات للدول المجاورة للعراق بانها سوف تتلقى المساعدات اللازمة في حال تعرضها الى اجراءات انتقامية من العراق». وتؤكد الورقة التي جرى تداولها في منظمة الامم المتحدة ان هذه التأكيدات «امر ضروري بما في ذلك التعهد بتقديم المساعدة عبر المؤسسات المالية الدولية وبعض الدول الاخرى». وطالبت الورقة الامين العام للامم المتحدة، كوفي انان، بالمساعدة في ايجاد «ترتيبات محددة» للسيطرة على تجارة العراق مع دول الجوار. واشار مسؤولون اميركيون الى ان هذه الترتيبات ربما تتضمن اجراءات تفتيش على الحدود بهدف وقف بيع أي كميات نفط عراقية خارج اشراف منظمة الامم المتحدة. ويأمل القائم بأعمال المندوب الأميركي لدى الامم المتحدة، جيمس كنينجهام، في تصويت الدول الاعضاء الـ15 في مجلس الامن على القرار قبل 4 يونيو (حزيران) المقبل وهو التاريخ المحدد لتجديد برنامج النفط مقابل الغذاء. واكد كنينجهام ان الولايات المتحدة تريد تخفيف آثار العقوبات على السكان المدنيين في العراق.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»