برلماني إيراني يتحدث عن «مؤامرة إعلامية» للمحافظين لإضعاف شعبية الإصلاحيين عشية الانتخابات الرئاسية

كشف لـ «الشرق الأوسط» عن إعداد مزيد من «الاعترافات» التلفزيونية بشأن مخطط إصلاحي لقلب النظام سلميا

TT

مع تزايد حرارة الاجواء السياسية في ايران عشية انتخابات الرئاسة يتهم الاصلاحيون خصومهم المحافظين بأن الاخيرين يدبرون «مؤامرة اعلامية» ضد الاصلاحيين من اجل اضعافهم والحط من سمعتهم بعدما تأكد التيار المحافظ من ان فوز الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي بولاية ثانية اصبح مؤكدا.

وقال عضو اصلاحي بارز في البرلمان الايراني لـ «الشرق الأوسط» ان هذه «المؤامرة» دخلت حيز التنفيذ الاسبوع الماضي عندما بثت ما وصفت بانها «اعترافات» لطالب اصلاحي بانه متورط في مخطط ليبرالي لقلب نظام الحكم سلميا.

واكد النائب الايراني الذي طلب عدم نشر اسمه ان لجنة مؤلفة من كل من المساعد السياسي لمدير الاذاعة والتلفزيون ومدير قسم التحقيق في استخبارات الحرس الثوري وممثل الولي الفقيه ومدير مؤسسة كيهان الصحافية ورئيس عدلية طهران والمدعي العام الثوري، وكلهم محافظون، تقوم بالاشراف على اعداد اشرطة تلفزيونية تتضمن «اعترافات» لعدد من الكتاب والصحافيين، وقادة في «مكتب تعزيز الوحدة»، اكبر تنظيم طلابي اصلاحي في ايران فضلا عن نشطاء الائتلاف الوطني الديني الذي يضم بعض الوزراء والمسؤولين في اول حكومة تشكل بعد الثورة عام 1979.

وكان سعيد امامي مساعد وزير الاستخبارات الاسبق علي فلاحيان ـ احد المنافسين المحافظين للرئيس خاتمي في انتخابات الشهر المقبل ـ قد اخرج اول مرة قبل ست سنوات عدة حلقات تلفزيونية بالتعاون مع حسين شريعة مداري، مدير «كيهان» ومحمد سرافراز احد مساعدي مدير الاذاعة والتلفزيون، وبثت تلك الحلقات التي كانت تحوي الى جانب «اعترافات» بعض الشخصيات الثقافية والاعلامية ممن قضوا اشهراً في سجون وزارة الاستخبارات بتهمة التآمر على النظام والتعاون مع الاستخبارات الاميركية، لقطات ظهر فيها كتاب ومثقفون وفنانون يلقون محاضرات وخطبا في الندوات والاجتماعات خارج ايران تأكيدا على ان عيون وآذان الاستخبارات حاضرة في كافة مناطق العالم.

وبعد بث ذلك المسلسل الذي كان بعنوان «هوية» عبر التلفزيون، قبل سنتين من انتخاب خاتمي، قتل في ظروف غامضة عدد ممن اعتبرهم المسلسل «هوية» من المعاندين والمرتدين والمحاربين للنظام فيما قتل ستة اخرون بعد انتخاب خاتمي الذي كشف عن ضلوع وزارة الاستخبارات في تلك الجرائم ما ادى الى اعتقال سعيد امامي والعشرات من كبار مسؤولي وزارة الاستخبارات ومحاكمتهم.

واوضح النائب الايراني ان لجوء الجبهة المناهضة للاصلاحات مرة اخرى الى مسلسل الاعترافات التي تؤخذ من المعتقلين السياسيين بعد تعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي القاسي «يكشف عدم استيعاب قادة الجبهة (المحافظة) الدروس اللازمة من فضيحة عام 1998 (الاغتيالات السياسية) حيث نرى اليوم تكرارا لاساليب مرفوضة جملة وتفصيلا لدى الشعب».

وفي اول حلقة من المسلسل الجديد «هوية 2» ظهر علي رضا افشاري احد قادة مكتب تعزيز الوحدة والمرشح في الانتخابات البرلمانية السابقة، في حالة نفسية مضطربة ووضع جسدي متعب، وادلى بـ «اعترافات» قال النائب الايراني ان حسين شريعة مداري مدير صحيفة «كيهان» هو الذي كتبها، مشيرا الى ان هذه «الاعترافات كررت ما سبق ان نشرته «كيهان» قبل ثلاث سنوات في زاوية «النصف الخفي» ضد افشاري ورفاقه واولئك الذين سيظهرون في الحلقات القادمة لمسلسل «هوية 2». واعرب افشاري عن اعتذاره للولي الفقيه وعوائل شهداء الحرب. وقال انه وقادة «حركة الحرية» الليبرالية وبعض الاصلاحيين كانوا بصدد التخلص من ولاية الفقيه والنظام الديني عبر السبل القانونية.

وحسب قول النائب الاصلاحي فان الدستور الايراني «يسمح لكل المواطنين بممارسة حقهم عبر صناديق الاقتراع ونوابهم في البرلمان لتغيير الحكومة وتعديل او تغيير مواد الدستور، لهذا فان ما قام به افشاري، لو صدقنا تصريحاته المسجلة في شريط الاعترافات، لم يكن عملا غير شرعي ولا يمكن اعتباره محاولة لقلب نظام الحكم».

وكشف النائب لـ«الشرق الأوسط» ان افشاري الذي التقى في السجن باسرته بعد 24 ساعة من اعترافاته اكد على انه نادم على ما قاله في الشريط، واعرب عن اسفه الشديد بسبب ما ارغم على الافادة به في السجن ضد رفاقه والشخصيات الوطنية وعدد من الكتاب المثقفين. وقال افشاري انه لم ينم ثلاثة ايام وطالب بان يبلغ شقيقه زملاءه في مكتب تعزيز الوحدة بانه تحمل التعذيب لعدة اشهر ورفض قبول دور في مسلسل الاعترافات، غير ان ما واجهه في الاونة الاخيرة قد فاق تحمله بحيث لم يعد امامه الا ترديد ما طلب منه اعلانه.

وعلمت «الشرق الأوسط» من النائب الاصلاحي بان مسلسل «هوية 2» سيذاع هذه المرة في خمس حلقات كل منها تحوي اعترافات عدد من المعتقلين السياسيين من التيار الاصلاحي بينهم المهندس عزت الله سحابي نائب رئيس الوزراء السابق، والطالب محمد رضا باطبي الذي اعتقل عقب انتفاضة جامعة طهران قبل ثلاثة اعوام بسبب نشر صورة له على غلاف مجلة الايكونوميست البريطانية وبعض الصحف والمجلات العالمية وهو يرفع قميصا ملطخا بدماء زملائه الطلاب الذين قتلوا او جرحوا في الجامعة. وتتضمن الحلقات ايضا اعترافات حجة الاسلام حسن يوسفي اشكوري رجل الدين الاصلاحي البارز الذي اعتقل بعد عودته من ندوة برلين الشهيرة، العام الماضي، وكانت «الشرق الأوسط» قد كشفت قبل شهرين عن صدور حكم الاعدام بحق اشكوري في محكمة رجال الدين التي اتهمته بالارتداد. وحينما نقلت الصحيفة الاصلاحية ما نشرته «الشرق الأوسط» اصدر مساعد رئيس السلطة القضائية بيانا نفى فيه خبر «الشرق الأوسط» وادعى بان المحكمة لم تصدر قرارها بعد، غير ان وكالة انباء الطلبة «ايسنا» نشرت الاحد الماضي مقابلة مع حجة الاسلام نكونام المدعي العام في محكمة رجال الدين التي اكد خلالها نكونام بان محكمة رجال الدين اصدرت حكما باعدام اشكوري، وهو الحكم الذي الغته محكمة الاستئناف منذ ثلاثة ايام فقط.

واستنادا الى النائب الاصلاحي فان عددا من قادة حركة الحرية وحزب الشعب الايراني الذي قتل زعيمه داريوش فروهر وزوجته على ايدي عملاء وزارة الاستخبارات قبل ثلاثة اعوام، سيظهرون في مسلسل «هوية 2» لاعلان ندمهم وتوبتهم والاعتراف بالتآمر ضد النظام سلميا بالتنسيق مع المخابرات الاميركية والغربية. ونظرا لكون معظم هؤلاء من كبار السن حيث يتجاوز متوسط اعمارهم سبعين عاما، فان ارغامهم على الظهور في المسلسل لم يكن بصعوبة ارغام افشاري وزملائه الطلبة.

واوضح النائب ان الاعترافات «ستتضمن مطالب ملفقة حول ارتباط مكتب تعزيز الوحدة ومنظمة مجاهدي الثورة الاسلامية بقيادة بهزاد نبوي نائب رئيس البرلمان وحزب جبهة المشاركة بقيادة الدكتور محمد رضا خاتمي النائب الثاني لرئيس البرلمان وشقيق الرئيس الايراني، بمخطط مزعوم لقلب نظام الحكم الذي كان افشاري ورفاقه ونشطاء الائتلاف الوطني الديني بصدد تنفيذه.

وفي حالة فوز خاتمي باغلبية ساحقة وتكرار «ملحمة الثاني من الجوزاء» هذه المرة في الثامن عشر من الجوزاء، فان الحلقات الاكثر اثارة في المسلسل ستذاع، وذلك تمهيدا لحظر نشاط التنظيمات الرئيسية المؤيدة لخاتمي وحرمان الرئيس من اختيار وزرائه من بين قادة هذه التنظيمات.

اما اذا فاز خاتمي باغلبية بسيطة وبأقل من عشرين مليون صوت، فان حلقات مسلسل «هوية 2» المتبقية ستسلط كسيف ديموقليس على رأس خاتمي، واذا رفض مطالب الجبهة المناهضة للاصلاحات، فان الحلقات ستذاع، حسب قول النائب الايراني.