الجيش الإندونيسي لا يخفي تأييده لميجاواتي وأنصار واحد يحذرون من «هجوم مضاد على الحقيقة»

TT

اجتمع اكثر من 100 جنرال اندونيسي، من العاملين والمتقاعدين، على غداء بمقر القيادة العامة للجيش بجاكارتا، في نهاية الاسبوع الماضي، وتوصلوا الى ما اعتبره المحللون السياسيون «سحبا للثقة» من قيادة الرئيس عبد الرحمن واحد.. ويقول كبار السياسيين ان واحد استدعى الاسبوع الماضي، رئيس هيئة اركان الجيش الجنرال اندرياتونو سوتارتو وسأله عما اذا كان الجيش سيؤيد فرض حالة الطوارئ، وحل البرلمان لانقاذه من المحاكمة امام البرلمان.

ويقول هؤلاء السياسيون انه عندما اجاب الجنرال سوتارتو بالنفي، بدأ واحد في التفكير في ابعاده عن منصبه.

الطلب الذي تقدم به واحد ادى مباشرة الى اقحام الجيش في الصراع الدائر حول رئاسته، ولكن تدخل العسكريين جاء منحازا بصورة حاسمة الى جانب نائبة الرئيس الواسعة الشعبية ميجاواتي سوكارنو.

ولتأكيد موقفه سيّر الجيش قوافل مسلحة بالقرب من القصر الرئاسي يوم الاحد الماضي.

احداث نهاية الاسبوع نصبت الجيش الاندونيسي حاميا للديمقراطية، وهو دور غير عادي، كما قربت ميغاواتي، الابنة الكبرى للاب المؤسس احمد سوكارنو، خطوة اخرى نحو الامساك بالسلطة في اندونيسيا، البلد الرابع في العالم من حيث الكثافة السكانية.

ولكن برامونو انونج، نائب رئيس حزب ميجاواتي، «الحزب الديمقراطي للنضال»، يقول: «ان اقحام الجيش في السياسة سيدمر الديمقراطية، حتى قبل ان تجد الفرصة للانطلاق. وليست هناك سوى فرصة ضئيلة جدا لاستمرار واحد حاليا».

ولأن كل الاحزاب السياسية الاندونيسية توافق على هذا التحليل، لم تعد القضية في جاكارتا هي فرص واحد في الاستمرار، بل ما هي ملامح الفترة الرئاسية لميجاواتي؟

اولئك الذين يعرفونها يتوقعون علاقات اكثر برودا مع الولايات المتحدة، ومع الغرب عموما، اذ ستزود شعبيتها على النطاق الوطني، وحكومتها بدرجة من المصداقية لم يفلح واحد في الحصول علىها مطلقا. وسيوضع حد لسياسة واحد في استرضاء الحركات الانفصالية بالاطراف، وستفتح الابواب امام الحلول العسكرية، التي يقول المحللون انها ستزيد من عدد القتلى وسط الانفصاليين الناشطين باقاليم اتشيه وايريان جايا.

علاقة ميجاواتي المريحة مع الجيش ربما ستؤدي الى الكف عن محاكمات الجنود بسبب الانتهاكات التي ارتكبوها سابقا بتيمور الشرقية. ويقول احد مساعدي واحد باسف: «ستشهد هجوما مضادا حقيقيا».

ابنة أبيها ليست ميجاواتي، سوى ابنة ابيها، وقد كان سوكارنو مهوسا بالوحدة الوطنية. وبالاضافة الى تعاملها الخشن مع الحركات الانفصالية فان حكومة ميجاواتي، كما يؤكد مسؤولو الحزب الديمقراطي للنضال، ستبطئ في تنفيذ خطة لنقل السلطات والاموال للاقاليم، خوفا من ان يؤدي ارتخاء القبضة المركزية الى اوضاع تتسم بالخطورة. ومن جانب اخر، سيتم استبدال رئاسة واحد المتقلبة باسلوب منطقي ومتجانس للحكم، مما يرشحه لتحقيق انجازات ملموسة في هذا النسيج المتشابك من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.

وقلة الخبرة السياسية لدى ميجاواتي، يشهد عليها فشلها في استخدام اغلبيتها البرلمانية المكونة من 34 في المائة للحصول على الرئاسة.

ويقول مساعدوها انها بعد اعلان فوز الحزب في الانتخابات العامة ذلك العام، كانت تناقش بانفعال شديد احتمالات عودتها الى القصر الذي نشأت فيه، وتزين حجرتها التي كانت تقيم فيها في طفولتها.

وادى فشلها في تكوين ائتلاف حولها الى تمكين واحد، الذي لم يحصل حزبه (حزب الصحوة القومية) على اكثر من 10 في المائة من المقاعد، من الاستفادة من معارضة الاصوليين لرئاسة امرأة، وتكوين ائتلاف رفعه الى سدة الحكم.

ولكن المحللين السياسيين والمستشارين يقولون انها نضجت خلال الشهور الـ 18 الماضية. تقول احدى نائبات الحزب الديمقراطي للنضال بالبرلمان نوفيانتيكه ناسوتيون «تعلمت ميجاواتي الكثير عن المساومات، وعن الحاجة للعمل المشترك مع افراد واحزاب لم تكن ترغب اصلا في العمل معهم».

وبينما كان البرلمان يصرف جل طاقاته هذا العام في اجراءات محاكمة واحد، المتهم بالتورط في فضيحتين ماليتين، وبينما كان واحد يصعد حربه الكلامية ضد المشرعين، كانت ميجاواتي تعمل بهدوء على تعزيز مواقعها، وعلى بناء الجسور مع الجنرالات وكبار السياسيين.

ويقول حزبها ان ميجاواتي التي ينظر اليها كأم تستطيع توحيد الامة، وتستطيع ايضا فرض الاجراءات القاسية والضرورية. وتقول ناسوتيون «انها تستطيع ان تفعل بعض الاشياء التي لا يستطيع ان يقدم عليها رئيس فقد مصداقيته».

وتضرب على ذلك مثلا بان ميجاواتي يمكن ان تقنع الفقراء برفع الدعم عن منتجات الطاقة، الذي يكلف الخزينة العامة 5.5 مليار دولار، لان ذلك يحقق المصلحة القومية.

ويقول مساعدوها انها اقتنعت اخيرا، بان ازاحة واحد، الكفيف والمعتل الصحة، والذي كان في يوم من الايام صديقا حميما لها، اصبحت ضرورية، خاصة انها هي التي ستحل محله.

خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» خاص بـ «الشرق الأوسط»