السلطة الفلسطينية تسعى للتخلص من التبعية لإسرائيل في موضوع المياه

ينابيع كثيرة جفت وآبار ارتوازية انخفض منسوبها والوضع الأمني زاد الطين بلة

TT

في الوقت الذي تطرح فيه السلطة الوطنية الفلسطينية قضية ازمة المياه لديها على رأس سلم الاهتمام في المفاوضات العتيدة مع اسرائيل، تسعى بالتعاون مع خبراء اوروبيين لوضع خطة تتخلص بموجبها من التبعية القائمة حاليا لاسرائيل في هذا الموضوع.

وكان الفلسطينيون على مدى سنوات الاحتلال الاربع والثلاثين، يتهمون اسرائيل بانتهاج سياسة تعطيش بحق الشعب الفلسطيني. واكدوا ان هذه السياسة تشتد وترتخي، حسب الاوضاع الامنية في الميدان، اي انها تستخدم المياه سلاحا في حربها وادارة قمع اضافية، الامر الذي تنفيه سلطة المياه الاسرائيلية نفيا قاطعا.

يذكر ان المياه هي من ابرز المواضيع المشتركة في الحياة بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وحتى في حالة قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية والانفصال التام بين فلسطين واسرائيل، فانه لا يمكن الانفصال التام في موضوع المياه ابدا. اذ ان مصادر المياه في المناطق الفلسطينية لم تعد تكفي لسد الاحتياجات المحلية، لا من ناحية مياه الشرب ولا من ناحية مياه الري. والبنية التحتية لمشاريع المياه لهم تتطور في زمن السلطة الوطنية (منذ عام 1995) ولا من زمن الاحتلال الاسرائيلي (من 1967 ـ 1995) بالشكل الملائم لزيادة السكان. فكم بالحري، اذا ما عاد مئات الوف النازحين واللاجئين الفلسطينيين.

وتنص اتفاقيات اوسلو على وجوب التعاون الاسرائيلي ـ الفلسطيني في هذا الموضوع. وهناك لجنة مياه مشتركة، قطعت شوطا بعيدا في المفاوضات السلمية بين الطرفين لوضع الخطط المناسبة لسد احتياجات التطور في المناطق الفلسطينية. ومشاريع المياه المشتركة تحتل حيزا كبيرا من الاتفاقيات.

لكن التعاون كان يعلو وينخفض حسب حرارة المفاوضات السلمية، وقد انقطع تماما منذ اندلاع المواجهات في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي. ولم يعد الاسرائيليون مستعدين لتصليح العطب الفني في اجهزة نشل المياه والابار المختلفة، بدعوى عدم تعريض الفنيين الى خطر اعتداءات فلسطينية. وفي المناطق التي يتزود فيها المواطنون الفلسطينيون والمستوطنون اليهود من نفس مصدر المياه، جرى وضع نظام يعطي المستعمرات اليهودية افضلية في استهلاك المياه، للشرب او للري، اولا لليهود وبعد ذلك للفلسطينيين. وقد زاد الطين بلة نضوب المياه في عدة مصادر في المناطق الفلسطينية، ضمن حالة الجفاف التي تتسع في البلاد والمنطقة في السنوات الاخيرة. اذ جفت ينابيع نابلس وعين العوجا (اريحا) وعين سمية (رام الله) وانخفض منسوب المياه في العديد من الابار الارتوازية، مما يضطر الفلسطينيين الى تعميق الحفر. وهم لا يملكون الادوات اللازمة لهذا الغرض. وينتظرون المساعدات الاسرائيلية التي لا يبدو في الافق انها ستأتي.

لكن سلطة المياه الاسرائيلية تنفي ان تكون لها خطة تنكيل بالفلسطينيين في موضوع المياه. وتصر على ان المسألة مجرد مسألة فنية. اذ ان انحباس الامطار ادى خلال السنوات الثلاث الاخيرة الى انخفاض منسوب مياه بحيرة طبريا (التي تزود النقب بمياه الشرب) الى ما دون الخط الاحمر (215 مترا).

واتهم مسؤول اسرائيلي الفلسطينيين بانهم يعمقون مشكلة النقص في المياه بسبب كثرة التبذير وسرقات المياه، اذ ان الوف المواطنين ارتبطوا بالمشروع القطري وخطوط الانابيب من دون اذن من احد.

وقد لجأ الفلسطينيون الى الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من الدول التي تمول مشاريع المياه متهمين اسرائيل بسرقة مياههم ويطالبون بان ترفع يدها عن مصادر مياههم.

من جهة اخرى اطلقت اسرائيل باكورة مشاريعها لسد النقص في المياه وذلك في اتجاهين; نشر مناقصة لجلب المياه من تركيا من جهة والبدء بمشاريع تحلية مياه البحر المتوسط.