بري يهدد بالرد على المستعمرات الإسرائيلية إذا استهدفت مواقع الجيش السوري في لبنان

الحريري يدعو في ذكرى تحرير الجنوب لعدم إضاعة أي فرصة لتجديد عملية السلام

TT

هدد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بأن المقاومة اللبنانية سترد على المستعمرات الاسرائيلية اذا هاجمت اسرائىل القوات السورية في لبنان او سورية رداً على عمليات المقاومة، فيما اعتبر رئيس الحكومة رفيق الحريري ان التهديدات الاسرائيلية لسورية هي تهديدات للبنان ايضاً. وشدد على «التزام لبنان بحقه في استرداد مزارع شبعا». ودعا الى «عدم اضاعة اي فرصة لتجديد عملية السلام وكبح جماح السياسات الاسرائيلية».

واكد الامين العام لـ «حزب الله» الشيخ حسن نصر الله «ان (رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل) شارون لا يحتاج الى ذرائع وقد يهرب من مأزقه الى الامام باتجاه سورية ولبنان».. وكشف عن «عروض مغرية تقدم للحزب لتحييده عن ساحة المقاومة» واعداً بكشف الاسماء والتفاصيل.

كلام بري والحريري ونصر الله جاء في احتفال رسمي بالذكرى السنوية الاولى لتحرير الجنوب والذي اقيم في قاعة الاونيسكو ببيروت برعاية وحضور رئيس الجمهورية اميل لحود وشارك فيه وزراء ونواب وشخصيات رسمية ونقابية وسفراء الدول العربية والاجنبية. فيما لوحظ غياب السفير الاميركي ديفيد ساترفيلد.

استهل الاحتفال بكلمة لرئيس اللجنة الوزارية المكلفة احياء الذكرى نائب رئيس الحكومة عصام فارس الذي اكد على «الثوابت اللبنانية في استكمال التحرير واستعادة مزارع شبعا واستعادة الاسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية وحق عودة الفلسطينيين الى ديارهم ورفض توطينهم والتساند الاخوي الشريف مع الشقيقة سورية».

والقى نصر الله كلمة «حزب الله» استهلها شارحاً الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، مؤكداً ان «المشروع الصهيوني لا يزال يهدد المنطقة كلها بالحرب». وقال: «العدو ما يزال يحتل جزءاً من ارضنا ويحتجز عددا من ابناء شعبنا.. وتطورات الوضع في فلسطين والمنطقة تتسارع ولبنان ليس في منأى عنها وشارون لا يحتاج الى ذرائع ولابسط الاسباب يمكن ان يهرب من مأزقه الى الامام باتجاه لبنان وسورية».

واكد نصر الله ان «العاقل المهدد لا يرمي اسلحته في وسط المعركة». وقال: «اسلحة لبنان كانت، وما زالت، مقاومته الشعبية ودولته القادرة الموحدة والمتماسكة بكل مؤسساتها ووحدته الوطنية وتحالفه المصيري مع سورية، التي تتحمل قواتها في لبنان الكثير من الاعباء والاخطار، وخصوصاً في المرحلة الحاضرة». وشدد على ان «توافر كل هذه العناصر مهم جداً، وحفاظنا عليها واجب وطني بالدرجة الاولى». وقال: «اني اؤكد لكم ان هناك عروضاً مغرية جداً تقدم لـ «حزب الله»، من خلال قنوات عديدة لتحييده من ساحة المقاومة، وعندما يأتي الوقت المناسب اقول الاسماء والتفاصيل... لماذا كل هذا الترهيب وكل هذا الترغيب؟ هل يريدون مصلحتنا كلبنان حقاً ام يفعلون كل هذا لمصلحة اسرائىل؟». وناشد نصر الله الجميع «الارتفاع الى مستوى المرحلة والمواجهة وان لا نغرق في التفاصيل والحساسيات ولا تشتبه علينا مصالحنا الوطنية والقومية، ولا نخلط الاصدقاء بالاعداء». وقال: «ان كل الاخطار التي تتهدنا لا يمكن ان نواجهها الا بالتعاون والتكاتف، وان يسند بعضنا بعضاً، ويحمي بعضنا ظهر البعض، سواء في مواجهة العدو او في مواجهة الازمات الاقتصادية والاجتماعية الحادة والخطيرة او غيرها من الاستحقاقات التي تواجهنا كلبنانيين، او في نصرة شعبنا واخواننا في فلسطين المحتلة، الذين لو سحقت مقاومتهم وانتفاضتهم سيلحق الويل الصهيوني كل دول المنطقة وشعوبها».

والقى بري كلمة باسم حركة «امل» فاكد ان «المعركة مع اسرائيل مستمرة وهي متعددة الجبهات». وقال: «ان التهديد لسورية نعتبره تهديداً للبنان. والجنوب اللبناني منذ العشرينات لا يميز بين انتداب على سورية او على لبنان، والجولان (السوري) مسؤوليتنا كما ان حفظ الجنوب مسؤولية سورية، ولذلك ورداً على محاولات تغيير قواعد اللعبة نعلن ببساطة ان حق لبنان في استمرار المقاومة قائم طالما مزارع شبعا محتلة، وليشربوا ماء القرارات الصادرة بعدم خضوعها للقرار 425». واضاف بري: «كما ان اي رد على القوات السورية في لبنان او سورية سيعتبره الجنوب والمقاومة اعتداء عليهما ويعطي للمقاومة حق الرد على كامل المستعمرات الاسرائيلية». وتابع: «هذه قواعد اللعبة الجديدة وانتهى العهد الذي كانت فيه اسرائيل تفرض قواعد اللعبة في المنطقة».

واعتبر بري ان «قرار الامين العام للامم المتحدة كوفي انان حول القرار 425 يأخذ بالاعلان الاسرائيلي حول الانسحاب من الاراضي اللبنانية ولا يأخذ في الاعتبار ان ما جرى في النصف الثاني من مايو (ايار) لم يكن انسحاباً اسرائيلياً تنفيذاً للقرار 425 وانما اندحاراً عسكرياً من اجزاء واسعة من الاراضي اللبنانية تحت ضغط المقاومة». واشار الى ان «قرار انان يفتح الباب امام قوة الطوارىء الدولية الى حزم امتعتها ما يسمح لاسرائيل بالتهرب من تنفيذ القرار 425». وشدد على ان «لبنان في جميع الاحوال، يعتبر ان هذا القرار لم ينفذ طالما مزارع شبعا لم تحرر».

وحذر بري العالم من ان «استمرار التصعيد الاسرائيلي على هذا النحو الدامي والاجرامي الوحشي في فلسطين سيؤدي الى تحويل ابناء الشعب الفلسطيني في كل مكان الى عبوات بشرية موقوتة وستؤدي الى تأجيج الشارع العربي الذي لن يقبل ان تطبق العدالة الدولية في مكان، بينما تبرئ ساحة شارون الانموذج الاكثر فاشية لمجرمي الحرب في التاريخ». واعلن بري التمسك بـ «تعزيز المثلث الماسي الذي مثله لبنان وسورية وايران».

ثم القى الرئيس الحريري كلمة الحكومة اللبنانية فاعتبر فيها ان «انتصار لبنان في هذا اليوم هو انتصار لسورية بامتياز ايضاً وانتصار للعلاقات اللبنانية ـ السورية التي نراهن على المزيد من تطويرها مع القيادة السورية الواعدة للرئيس بشار الاسد الذي يؤكد يوما بعد يوم تفهمه العميق لابعاد التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وشدد الحريري على ان «الاحتفال بالتحرير لا يلغي حقيقة التحديات التي يواجهها لبنان في هذه المرحلة الاستثنائية... وهي تحديات تفترض في الحد الادنى من المسؤوليات الوطنية التوقف عند اربعة التزامات». وحدد الحريري هذه الالتزامات بالاتي:

اولاً: الالتزام بضرورة المباشرة في تنفيذ خطة تنموية واسعة للمناطق المحررة في الجنوب والبقاع الغربي، تشمل تأمين الاموال اللازمة لاعادة بناء البنى التحتية وتطوير الخدمات الصحية والاجتماعية والتربوية والتشجيع على اقامة المشاريع المنتجة التي تمكن الاهالي من التعلق بأرضهم وتعوضهم سنوات الاحتلال والتخلف التي عاشتها مناطقهم منذ ما قبل الاستقلال.

ثانياً: التزام لبنان بحقه في استرداد مزارع شبعا وانهاء الاحتلال الاسرائيلي لهذه المزارع. وكذلك الالتزام بمطالبة المجتمع الدولي والهيئات الدولية المعنية، في ممارسة كل اشكال الضغط على اسرائيل لاطلاق المعتقلين والاسرى اللبنانيين من السجون الاسرائيلية.

والمناسبة، مؤاتية لتأكيد ارادة الدولة اللبنانية في تعزيز عوامل الثقة بينها وبين الامم المتحدة، ومطالبة المنظمة الدولية بالوقوف الى جانب لبنان وحقه في استرداد المزارع المحتلة، سيما ان الامم المتحدة قد لعبت طوال سنوات الاحتلال الاسرائيلي، دوراً ايجابياً في احقاق الحق اللبناني، وكانت الشاهد اليومي على خروج اسرائيل عن الشرعية الدولية.

ثالثاً: التزام مبدأ السلام الشامل، والحقيقة انا لا احب استعمال كلمة السلام العادل. العادل يعني عودة كل فلسطين لكل العرب، نتكلم عن تنفيذ القرارات الدولية التي قضت بغير ذلك. ما يتم تداوله في المحافل الدولية هو السلام الشامل القائم على تطبيق القرارات والمواثيق الدولية ومرجعية مدريد، ورفض كل اشكال التصعيد التي تمارسها الحكومة الاسرائيلية، لا سيما عدوانها المتمادي ضد الشعب العربي الفلسطيني، ومحاولاتها المستمرة استدراج لبنان وسورية الى مواجهات لن تكون قادرة على التحكم بنتائجها.

ان لبنان، وبالرغم من محاولات التهويل التي يمارسها بعض المسؤولين الاسرائيليين، معني في اطلاق الحوافز السياسية لانقاذ عملية السلام، وهو يحث، المجتمع الدولي، وخصوصاً الدول الراعية والمشاركة في مؤتمر مدريد، على اعادة انعاش ادوارها الدبلوماسية والتحرك السريع لانقاذ المنطقة من مخاطر السياسات الاسرائيلية، وتطويق حلقات التدهور التي تغذيها هذه السياسات.

رابعاً: التأكيد على اعتبار التلازم بين المسارين اللبناني والسوري عنصراً اساسياً في ضمان الحقوق الوطنية والقومية للبلدين الشقيقين، وقاعدة من قواعد السلام الشامل التي تعتبر تحرير ما تبقى من الاراضي اللبنانية المحتلة وكامل الجولان المحتل، واقامة الدولة الفلسطينية وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وحدة لا تتجزأ، تتطلب جعل عملية السلام برمتها موضع عناية دولية استثنائية في هذه المرحلة بالذات».

واعلن الحريري بدوره ان «التهديدات التي تطلقها اسرائيل ضد القوات السورية العاملة في لبنان، هي تهديدات موجهة الى لبنان وشعبه». مؤكداً ان هذه التهديدات «لن تثني الدولة اللبنانية عن الالتزام بموجبات التنسيق الكامل مع الشقيقة سورية ومؤازرتها في كل عمل يؤمن الدفاع عن حقوقنا ومصالحنا المشتركة».

وتحدث الحريري عن «الكثير من التحديات التي تواجه لبنان». وقال: «البعض يرى اننا لن نستطيع مواجهتها وهو يساهم عن قصد او غير قصد بجعلها تتفاقم». واضاف: «هناك الكثير من ابناء هذا الشعب الذين قاوموا ليس فقط الاحتلال الاسرائيلي انما كل محاولات التيئيس واخضاع ارادة اللبنانيين. ومروا في مراحل كثيرة من خيبات الامل والاحباط وهم بايمانهم في الله سبحانه وتعالى، وبهذا الشعب ومحبتهم لهذه الارض، انتصروا في الماضي ويقفون الان سداً منيعاً لمواجهة هذه التحديات».

واكد الحريري ان «لبنان سيتخطى الصعوبات التي يمر بها، بمساعدة الاشقاء والاصدقاء في العالم، وهم كثر، والحمد لله». وقال: «انني انظر الى المستقبل بكل ثقة وارى ان البلد يتقدم الى الامام، وان كان ببطء، في بداية هذه المرحلة، واحياناً بصعوبة، ولكن عجلة التقدم تندفع الى الامام وستزداد وتيرتها في المستقبل باذن الله. ان ارادتنا مجتمعين ستكون كفيلة بمواجهة الصعوبات».