منظمة العمل الدولية: الرق والعمل القسري في ازدياد مستمر في العالم

TT

قالت منظمة العمل الدولية امس ان الرق واشكال العمل القسري الاخرى في ازدياد مستمر على المستوى العالمي وانهما اصبحا «آفة على الحرية البشرية» تفتك بملايين الناس. وأورد تقرير للمنظمة أدلة من عدد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، حيث يقول الباحثون ان ما بين 40 الفا و50 ألفا من الفتيات والنساء الأجنبيات يجلبن سنويا ويرغمن على العمل في بيوت الدعارة أو في المؤسسات الصناعية الصغيرة بأجور متدنية. وقال خوان سومافيا، المدير العام لمنظمة العمل الدولية، ان تقرير المنظمة يشير إلى ان «أعمال الرق وقمع واستغلال أكثر فئات المجتمع عرضة لمثل هذه الممارسات، مثل النساء والاطفال، لا تزال مستمرة حتى الآن وليست من آثار الماضي كما يعتقد». ويذكر التقرير ان الأسواق التي فتحها النظام الاقتصادي العالمي الجديد، او ما اصطلح على تسميته بـ«العولمة»، وضعت الكثير من الفئات الفقيرة في العالم امام اخطار حقيقية. فالكثير من هؤلاء تركوا اعمالهم الاساسية وطرق حياتهم التقليدية تحت اغراء الوعود باعمال افضل عائدا، غير ان المطاف ينتهي بهم في «سجون فعلية» في المزارع والمؤسسات الصناعية الصغيرة ذات الاجور المتدنية او في المواخير. ويقول سومافيا ان العالم في حاجة حقيقية الى «وقفة مع الذات.. فليس هناك ما يبرر السخرة والعمل القسري في القرن الحادي والعشرين».

ولم تحاول منظمة العمل الدولية اجراء احصائية دقيقة لضحايا الرق أو السخرة أو العمل بأجر متدن، غير ان تقريرها الاخير يقدر عدد هؤلاء بالملايين وهذا ما توصلت اليه دراسات اخرى كذلك، ففي دراسة اجراها العام الماضي قدر الباحث كيفين بيلز عدد الضحايا بحوالي 27 مليون شخص في العالم. وكان كاري تابيولا، المدير التنفيذي لمنظمة العمل الدولية، قد علق قائلا انه لا يستطيع ان يؤكد هذا الرقم لكنه اشار الى انه لا يستبعد صحته، فهو على حد تعبيره «تقدير اقرب الى الصحة».

ويشتمل تقرير منظمة العمل الدولية الصادر أمس على ثمانية انواع من العمل القسري الى جانب عدد من الدول التي توفرت الادلة على حدوث هذه الانتهاكات فيها، اذ فحصت المنظمة سجلات الحبس والعمل والقضاء كما اطلعت على تقارير اعدتها مجموعات ناشطة في مجال مكافحة مثل هذه الانتهاكات. واستندت المنظمة في تقريرها ايضا الى المعلومات التي جمعها موظفوها وتقول ان الانتهاكات تتراوح ما بين «استرقاق آلاف السودانيين في مناطق الحرب الاهلية في الجنوب» الى ظاهرة «تهريب البشر» التي وصفها التقرير بأنها «ظاهرة كونية حقيقية».

ويؤكد باحثون ان ملايين الأشخاص، معظمهم من النساء والفتيات اللائي يجبرن على العمل في الدعارة، يجري تهريبهم من دولة الى اخرى سنويا من قبل عصابات تبيعهم أو تطالبهم بالعمل لدفع ديون باهظة عبارة عن تكلفة عملية تهريبهم عبر الدول الى ان ينتهي بهم المطاف في الوجهة الأخيرة.

والى جانب السودان هناك موريتانيا التي اوردها التقرير ضمن خمس دول اخرى يمارس فيها الرق حسب التعريف الوارد فيه، وهو «الخطف الذي يتبعه عمل قسري». وورد في التقرير كذلك اسم باكستان ضمن الدول التي يمارس فيها نوع من العمل القسري يوافق فيه الشخص على العمل لقاء حصوله على قرض، غير ان هذا النوع من العمل سرعان ما يتحول الى استرقاق عندما يضيف صاحب العمل المزيد من «الديون» للصفقة بين الطرفين. وفي الجزء الخاص بظاهرة «تهريب البشر»، ورد في التقرير ذكر البوسنة واسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا. ويعرّف التقرير ظاهرة «تهريب البشر» بـ«اكراه الافراد او خداعهم بالسفر الى وجهة محددة بواسطة شخص يكسب ربحا من وراء بيعهم او قسرهم على العمل من دون ارادتهم، في الغالب في تجارة الجنس». ويقول تابيولا ان ظاهرة الاسترقاق والعمل القسري مشكلة قديمة لكنها لا تبدو انها في طريقها الى الزوال، مضيفا ان النتيجة التي توصلت اليها المنظمة تتلخص في ان ظاهرة العمل القسري في ازدياد مستمر لان ضحايا الأشكال الجديدة من العمل القسري، مثل تهريب الفتيات ضمن تجارة الجنس، اكبر بكثير من حجم تراجع الانواع التقليدية مثل الرق.

الجدير بالذكر ان «منظمة العمل الدولية» تأسست عام 1919، وظلت وكالة مستقلة متخصصة تعمل مع منظمة الامم المتحدة منذ عام 1946 وتضم 175 من الدول الاعضاء.

* خدمة «يو إس اي توداي» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»